دينا مصطفى (أبوظبي)
حذر مراقبون وخبراء من مؤامرة قطرية - تركية لزعزعة استقرار موريتانيا عن طريق تمويل الدوحة وأنقرة، منظمات خيرية تهدف في ظاهرها إلى مساعدة الفقراء، بينما تسعى في الواقع إلى اختراق المجتمع لمد نفوذ الدولتين وتعزيز أنشطة جماعة الإخوان الإرهابية في شمال أفريقيا. واستنكروا استقبال أمير قطر تميم بن حمد، للإرهابي الإخواني الموريتاني المصطفى ولد الإمام الشافعي، قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 22 يونيو المقبل، وأكدوا أن الدوحة وأنقرة تصنعان قرارات فرع تنظيم الإخوان الإرهابي في موريتانيا. وتدعمان رئيس الوزراء السابق سيدي محمد ولد بوبكر، الذي يعد رجل الرئيس الموريتاني السابق معاوية ولد الطايع المقيم في الدوحة. واعتبروا أن استقبال تميم الحميم للشافعي يضرب عرض الحائط بأحكام القضاء بالدول العربية على اعتبار أنه أحد أبرز الوجوه المتصدرة للائحة الإرهاب المطلوبة لدى السلطات الموريتانية.
واعتبر جاسم محمد مدير مركز مكافحة الإرهاب في برلين أن الاختراقات الصريحة للدوحة وأنقرة في موريتانيا تعد تجاوزاً صريحاً للقوانين الموريتانية التي وضعتها السلطات في مطلع عام 2014 لمكافحة الإرهاب ومواجهة تنظيم الإخوان الإرهابي، واتباع إجراءات صارمة جديدة لمكافحة الإرهاب في موريتانيا والتي جاءت ربما نتيجة أنشطة جماعات الإخوان المحظورة. وأكد لـ«الاتحاد» في اتصال هاتفي من ألمانيا أن أنشطة قطر وتركيا في أفريقيا عموما وموريتانيا بشكل خاص تأتي ضمن دعمهما لجماعة الإخوان الإرهابية في القارة السمراء، وسعياً لمد نفوذهما في القارة ودعماً لمصالحهما هناك.
وأكد جاسم أن ما كشفت عنه المداهمات التي نفذتها الحكومة الموريتانية تثبت تورط قطر تحديداً، خاصة فيما يتعلق بـ«مؤسسة الخير للتنمية» وفروع «الندوة العالمية للشباب الإسلامي» وهي منظمات إخوانية تتخذ من العمل الخيري والأنشطة الخيرية ذريعة لدعم أجندتها المتطرفة، وتسعى الحكومة الموريتانية لتجفيف مصادر التمويل لهؤلاء.
وأكد أن قطر هي اللاعب الدولي في دعم وتمويل تنظيم الإخوان الإرهابي وغيره من التنظيمات المتطرفة، إذ تدعم مع تركيا أنشطة التنظيم الدولي للإخوان في شمال أفريقيا بالرغم مما تبذله هذه الدول في مكافحة الإرهاب.
وقال جاسم إن اختراق الدوحة لموريتانيا لمحاولة السيطرة على من سيكون في السلطة وبالتالي السيطرة على مصدر الثروات من الداخل، بالإضافة إلى الدعم الاجتماعي لمرشح الإخوان في الانتخابات الموريتانية القادمة، يثير غضب الوسط السياسي في موريتانيا. وبالتالي نرى الجهود التي تقوم بها موريتانيا في مواجهة تهديد الإخوان المستبعد صعوده السياسي في أي انتخابات قادمة داخل موريتانيا.
ورأى أنه كلما تراجعت الجماعات الإرهابية التي تدعمها قطر وتركيا في إحدى الدول حاولت هذه الجماعات تعزيز جهودها أكثر لرفع معنوياتها ومعنويات التنظيم الدولي في دول أخرى ولذا تأتي لقاءات مثل لقاء تميم مع مصطفى ولد الإمام الشافعي في رواندا لرفع المعنويات وتعزيز الدعم والمساندة السياسية.
من جهته، أكد الباحث الموريتاني عبدالله حرمة الله لـ«الاتحاد» من العاصمة الموريتانية نواكشوط أن دعم مرشح الإخوان، يجسد تفاني الدوحة في الإساءة للشعوب ومحاولة النيل من إرادتها والبحث عن مكانة ودور مستحيل في مشهد رسم ملامحه الأمنية والدبلوماسية والتنموية الرئيس محمد ولد عبد العزيز، ولم يعد ممكنا لقطر وحلفائها من التنظيمات الإرهابية أن تتواجد فيه وأصبح محرماً عليها وعلى أسلوبها الإجرامي الإرهابي. وأكد أن الهدف الأساسي لتمويل الدوحة لمراكز تدعي النشاط الخيري وهي في الأساس مراكز تكفيرية، هو اختراق المجتمع الموريتاني، وأرى أن التقارير التي صدرت في هذا الشأن جاءت متأخرة بعض الشيء، فالمعلومات الواردة متداولة منذ بعض الوقت لدى المختصين والمتابعين لمشهد الإرهاب، وتعكس الجنوح الإجرامي لقطر في محاولتها منافسة القوى الحقيقية ذات الوزن والمكانة، لافتاً إلى أن حجم قطر لا يسمح لها بالدخول من أبواب التنافس الدبلوماسي المشرعة، مما يجعلها حبيسة منطق التسلل من نوافذ الإجرام والإرهاب.
وأضاف حرمة الله أنه بعد كسر شوكة الإرهاب في بقاع متعددة من المنطقة، بدأت الدوحة محاولة لتنشيط خلايا الإرهاب النائمة واليقظة في مناطق جديدة، تحت غطاء الجناح السياسي للإرهاب ممثلا في جماعة الإخوان، مع التركيز على شراء الذمم عبر أموال الجريمة المنظمة التي تسعى من خلالها لـ«دعشنة» المجتمعات وإخماد روح مقاومة الإرهاب لدى المجتمعات العربية، ومن الطبيعي لأصحاب هذا الطرح الإجرامي الرجعي محاولة إحياء قوى الاستبداد والتحالف معها في الانتخابات الرئاسية لمحاولة التشويش على استمرار المشروع الديمقراطي الموريتاني التقدمي، مشيرآً إلى أن استقبال تميم للشافعي محاولة ظهور زائفة، وأسلوب جديد لهدر ثروات الشعب القطري وتثبيت لصورته كراعٍ للإرهاب من خلال المصافحة العلنية المقززة لناشط إرهابي معلوم الهوية، وملاحق من قبل القضاء الدولي.
وكان موقع « بورتال » المتخصص في دراسات شؤون الحركات المتطرفة أشار إلى أن المحاولات القطرية والتركية للتدخل في الشأن الموريتاني من خلال تمويل مراكز متهمة بتعزيز الأيديولوجية التكفيرية وإنشاء الجمعيات الخيرية تهدف إلى اختراق المجتمع الموريتاني. وأكد الموقع الذي يرصد جميع أنشطة الحركات الإرهابية والجماعات المسلحة أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز يسعى لكبح التدفقات النقدية من الدوحة إلى التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، الذراع السياسي للإخوان مسلطا الضوء على تصريح سفير موريتانيا لدى المملكة المتحدة بأن المرشح الرئاسي سيدي محمد ولد بوبكر مدعوم من جماعة الإخوان ، مضيفاً أن جماعة الإخوان لا يمكنها تسمية مرشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ونقل موقع « بورتال » تحليل الباحث كرم سعيد، الخبير في الشؤون التركية والذي أكد أن تركيا وقطر تستهدفان مناطق محددة في القارة السمراء، وموريتانيا جزء من المناطق الأفريقية، التي تستهدفها الدوحة وأنقرة. مؤكداً أن تركيا لديها بعض التوترات السياسية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فيما تعاني قطر من توترات في المنطقة. ولذلك، تسعى الدوحة وأنقرة إلى الحصول على أدوار في أماكن أخرى، مستشهداً بدور قطر وتركيا المتزايد في إفريقيا وأميركا اللاتينية. كما أشار « بورتال» إلى أن موريتانيا الدولة الأفريقية الناشئة دولة مهمة، فهي تعتبر بوابة استراتيجية لبقية القارة. مضيفاً أنه لا تزال موريتانيا ركيزة أساسية بعد الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير. وتسعى تركيا وقطر إلى دعم جماعة الإخوان الإرهابية. لكن مع ذلك، سيتم إضعاف هذه المحاولات بمختلف أشكالها.