إبراهيم الملا (أبوظبي)
تشارك هيئة الشارقة للآثار في الدورة التاسعة والعشرين من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، من خلال منصة تفاعلية تضيء على أهم المكتشفات الأثرية في مناطق مختلفة بإمارة الشارقة، كما أنها منصة تضم الأرشيف الكامل لإصدارات الهيئة، وفي مقدمتها «حولية الآثار» والتي تعد مرجعاً مهماً وشاملاً للباحثين عن تجربة شيقة للسفر نحو الأزمنة السحيقة التي تشكلت فيها ملامح المجتمعات الأولى بالمنطقة، وتكوّن المعالم البيئية والعمرانية التي رافقت نشوء تلك المجتمعات، استناداً لعمليات البحث والتنقيب والاستقصاء التي بذلتها الهيئة منذ عقود بالتعاون مع فرق التنقيب العالمية التي عززت جهود الفرق المحلية، سواء في إمارة الشارقة، أو المناطق المجاورة لها.
وللتعرف على طبيعة هذه المشاركة في معرض بات أشبه بالكرنفال الثقافي المتعدد الأنشطة والفعاليات، التقت «الاتحاد» عيسى يوسف مدير إدارة التنقيب والمواقع الأثرية بهيئة الشارقة للآثار، ورئيس لجنة ملف التراث العالمي للمشهد الثقافي في المنطقة الوسطى بإمارة الشارقة، والذي أشار بداية إلى أن المشاركة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب هي الأولى بالنسبة لهيئة الشارقة للآثار، وقد منحتهم المشاركة فرصة ذهبية لتعريف زوار المعرض بالهيئة وتخصصاتها ومطبوعاتها، وبالتراث الثقافي في الشارقة والذي وصل للعالمية، وطبيعة علم الآثار، والأبعاد الثقافية والعلوم الإنسانية المهمة التي تتضمنها، خصوصاً وإن العمل في حقل الآثار وما يتطلبه من وعي وتقنيات دقيقة ـ كما أوضح ـ هو جانب غائب عن الكثير من أفراد المجتمع، وبالتالي فإن التواجد في المعرض يفتح أبواباً ونوافذ عدة لخلق روابط مفاهيمية مع الجمهور، وتتيح في ذات الوقت مجالاً للتعرف على الثقافة الآثارية في دولة الإمارات، وكيفية تنميتها وزيادة المساحة التبادلية بين محتويات المنصة وبين المتلقي.
وعن طريقة تصميم المنصة وتقنية العرض فيها، قال يوسف: «لقد قمنا بتصميم منصة العرض بشكل يجمع بين الجانبين النظري والتطبيقي، حيث يمكن للزائر مشاهدة نماذج من المكتشفات الأثرية ذات القيمة النوعية، وفي نفس الوقت يمكنه الإطلاع على إصدارات الهيئة المختلفة، وخصوصاً حولية الآثار».
وأضاف يوسف أن المنصة تحتوي إضافة إلى حوليات الآثار الصادرة باللغتين العربية والإنجليزية، على مجموعة من الكتب والإصدارات الأخرى المتمثلة في مجلد: «مدافن جبل البحيص» باللغة الإنجليزية، وكتابين آخرين عن المدافن الجنائزية والبيئة الطبيعية وتأثيرها على السكان في منطقة جبل البحيص خلال الفترات التاريخية المبكرة من عمر المنطقة.
وأردف يوسف قائلاً: تتضمن حوليات الآثار ستة عشرة عدداً، والتي يعود زمن إصدار عددها الأول إلى العام 1984، حيث تمت إعادة طباعة الحوليات القديمة بطباعة حديثة وفاخرة، ويمكن للراغب في اقتنائها تقديم طلب للهيئة للحصول عليها مجاناً، مضيفاً أن الهيئة ليست مؤسسة ربحية، ولذلك فهي تمنح هذه الكنوز الوثائقية للجمهور من أجل تعزيز ثقافته في مجال علم الآثار.
وعن طبيعة المجسمات الآثارية المعروضة في جناح الهيئة، أوضح يوسف أن هذه المجسمات والنماذج تقدم علامات دالّة ومكثفة حول أهم المكتشفات الأثرية في إمارة الشارقة، ومنها على سبيل المثال نسخة من شاهد القبر المميز الذي تم اكتشافه مؤخراً في الشارقة والذي يرد فيه ذكر لملك عمان، وهو من شواهد القبور النادرة في شبه الجزيرة العربية والمكتوبة بخطي المسند والآرامي، إضافة إلى عرض نسخة من تمثال برونزي لرجل يحمل طائراً على يديه ويعود زمن نحت التمثال إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وهناك أيضاً – كما أشار عيسى يوسف – مبخرة فخارية مزينة بأجساد أنثوية تعود للقرن الثاني قبل الميلاد، ومجسم لرأس إيزيس وتيشا من الفخار المزجّج يعود لفترة القرن الأول الميلادي، وكل هذه المكتشفات – كما أوضح – تم العثور عليها في منطقتي مليحة ومويلح التابعتين لإمارة الشارقة.