بكين (وام)
ترأس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، صباح أمس وفد دولة الإمارات في اجتماعات قمة المائدة المستديرة لقادة ورؤساء الدول والحكومات المشاركين في الدورة الثانية لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي والتي اختتمت أعمالها أمس في بكين بمشاركة دولية واسعة.
وقال سموه عبر «تويتر»: «اختتمنا اليوم مشاركتنا في منتدى الحزام والطريق الدولي الثاني بالصين.. مشروع عالمي سيربط المجتمعات والاقتصادات والشعوب.. وسيحفز النمو العالمي في عدة قطاعات وصناعات عبر بنية تحتية عالمية متطورة.. وطرق تجارة دولية جديدة».
وخلال الجلسة الافتتاحية للقمة، ألقى فخامة شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية، أمام 37 رئيس دولة وحكومة ورؤساء عدد من المنظمات الدولية، كلمة أكد فيها أهمية العمل المشترك لإنجاح أهداف مبادرة «الحزام والطريق» الساعية إلى بناء مرحلة جديدة من التعاون الدولي المرتكز على الانفتاح والشفافية ومشاركة الفرص بأسلوب متوازن، والتأسيس على ما تم إنجازه حتى الآن من خطوات عملية بدأت في الإتيان بثمارها الإيجابية، وما يستدعيه ذلك من زيادة سبل وقنوات الربط بين الدول الشريكة في تنفيذ المبادرة، وبما يخدم مصالح تلك الدول ويؤكد فرص شعوبها في مستقبل أكثر تقدما ورخاء.
وأوضح الرئيس الصيني أن المبادرة تمكنت خلال العامين الماضيين من تحقيق إنجازات مبشرة على صعيد التعاون الدولي ضمن مجالات عدة شملت تطوير السياسات الاقتصادية وتعزيز البنى التحتية ورفع مستويات التعاون التجاري والمالي بهدف تأسيس مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي العالمي، ودعا الرئيس شي جين بينغ قادة ورؤساء الدول والحكومات المشاركين في القمة للعمل معاً لتوسيع دائرة التعاون في تطوير القواعد والمعايير الأساسية للتنمية عالية الجودة المأمول تحقيقها من خلال مبادرة الحزام والطريق، مع الحفاظ على البيئة ومراعاة مصالح الشعوب بأسلوب يتسم بالاستدامة، منوهاً بأهمية المشاركة في تنفيذ أهداف خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، وجعلها جزءاً لا يتجزأ من أهداف مبادرة الحزام والطريق وفق أفضل الممارسات العالمية، وتأكيد توازي مسار التنمية الاقتصادية مع حماية البيئة وضمان استدامة الموارد.
كما دعا إلى مواصلة تحديد أولويات العمل، بما في ذلك التعاون في مجالات التصنيع الذكي والاقتصاد الرقمي دعماً لجهود التنمية القائمة على الإبداع، وإلى فتح الأسواق بصورة أكبر وزيادة مستوى التسهيلات الممنوحة للتبادلات التجارية وإزالة الحواجز الحمائية ودعم الاستثمار، وتنويع الأنظمة المالية، كذلك العمل على تعزيز الروابط بين الشعوب، وإيجاد التصورات التي تسهم في تحسين نوعيات حياتهم، وشدد الرئيس الصيني على أهمية تضافر الجهود في تطوير آليات جديدة للتعاون، وإيجاد تصورات لمستقبل العمل المشترك في إطار مبادرة الحزام والطريق، بما يكفل تكامل أهدافها مع جهود التنمية العالمية على كافة مستوياتها المحلية والإقليمية والدولية، سواء من خلال التعاون الثنائي أو متعدد الأطراف، فضلاً عن أهمية تشجيع القطاع الخاص ومنحه المساحة اللازمة للمشاركة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية المأمولة.
وخلال الجلسة التي حملت عنوان «تعزيز التعاون لاكتشاف فرص جديدة للنمو»، أكد الرئيس الصيني أن التحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد العالمي اليوم في ظل تزايد الشكوك وتنامي العوامل المؤيدة إلى زعزعة الاستقرار، تستوجب زيادة مستوى تعميق الروابط ورفع سقف التعاون الدولي لاسيما في تحديد السبل الكفيلة بمواصلة الاستثمار في بناء بنى تحتية مستدامة وتوسيع نطاق ترابطها على مستوى العالم، تأسيسا على الإنجازات التي حققتها المبادرة حتى الآن في مجالات السكك الحديدية والمطارات والموانئ وغيرها.
وقد ألقى عدد من رؤساء الدول والحكومات المشاركة في قمة الطاولة المستديرة كلمات أشادوا فيها بجهود الصين في دفع مسيرة التعاون الدولي والأهداف الطموحة لمبادرة الحزام والطريق، مؤكدين أهمية الالتزام بمواصلة العمل المشترك لتوسيع دائرة التعاون سواء على المستوى الثنائي أو على الصعيد الدولي بصفة عامة، انطلاقاً من الإيمان بأهمية تكامل الأدوار في التصدي للتحديات التي يواجهها العالم لاسيما الاقتصادية منها، سعياً للوصول إلى مستقبل أفضل للجميع على أساس من الانفتاح والتكامل وتوازن الفرص.
ضم الوفد الإماراتي رفيع المستوى إلى منتدى الحزام والطريق في بكين، سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، ومعالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، ومعالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، ومعالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، ومعالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، ومعالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير دولة، ومعالي خلدون خليفة المبارك رئيس جهاز الشؤون التنفيذية الرئيس التنفيذي للمجموعة والعضو المنتدب في شركة مبادلة للاستثمار، وخليفة سعيد سليمان مدير عام دائرة التشريفات والضيافة في دبي، وعلي عبيد علي الظاهري سفير الدولة لدى جمهورية الصين الشعبية.
يذكر أن الدورة الثانية لمنتدى الحزام والطريق والتي انطلقت أعمالها في الخامس والعشرين من أبريل الجاري، هدفت إلى دعم فرص النهوض بالتعاون الدولي وتنويع مساراته لاسيما على الصعيد الاقتصادي في إطار المبادرة الرامية إلى إحياء «طريق الحرير» التاريخي نحو خلق مناخ اقتصادي عالمي جديد يقوم على مبدأ الشراكة المتوازنة والتضمين ويدفع بالعولمة إلى آفاق أكثر انفتاحا مع مراعاة ضمان النجاح لكافة الأطراف، وبما يتواكب مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة للعام 2030، فضلا عن توفير مساحات جديدة للتقارب والتعاون بين دول العالم شرقاً وغرباً.
قرقاش: زيارة تعزز الجسور وتعمق التواصل
أكد معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى الصين تعزز الجسور وتعمق التواصل. وقال معاليه في تغريدة على حسابه بـ« تويتر»: «زيارة ناجحة ومثمرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى الصين تعزز الجسور وتعمق التواصل، الإمارات حاضرة بقوة عبر سمعتها الطيبة والعلاقات المتنامية والشراكات الاقتصادية والتبادل التجاري الذي يتصدر منطقة الشرق الأوسط بإجمالي 60 مليار دولار».
توقيع صفقات بقيمة 64 مليار دولار خلال المنتدى
ذكر الرئيس الصيني شي جين بينج أمس، أنه تم توقيع صفقات تصل قيمتها إلى 64 مليار دولار خلال منتدى «الحزام والطريق» الثاني الذي عقد في بكين.
واستغل شي خطابه الختامي أمام المنتدى ليؤكد أن مشروع البنية التحتية الهائل سيركز على «تنمية مفتوحة ونظيفة وصديقة للبيئة» مع الأطراف المختلفة التي تجري «مشاورات على قدم المساواة».
وقد تحققت نتائج مثمرة في تحسين مستوى المعيشة في الدول المشاركة، وخفض خط سكة الحديد، الذي بنته الصين، بين ميناء مومباسا الكيني ونيروبي وقت النقل إلى النصف، وخلقت مشروعات في إطار الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني نحو 70 ألف وظيفة للباكستانيين بحلول نهاية 2018.
وشهدت مجموعة من مشروعات الحزام والطريق نجاحاً في كل من الدول المتقدمة والنامية، وأصبح ميناء بيرايوس في اليونان من أسرع موانئ الحاويات نمواً في العالم منذ تأجيره لشركة صينية، ليحتل المركز الـ36 بين حركة الحاويات على مستوى العالم بعد أن كان الـ93 في 2010.
وجلبت كل قصص النجاح هذه أملاً جديداً للعولمة الاقتصادية التي تعاني حالياً نكسات كبيرة، وعززت فكرة أن الارتباطية الأكبر ستمنع العالم من الانزلاق نحو الفقر والتخلف، وقال أمين عام الاتحاد الدولي للنقل البري، أمبرتو دي بريتو «يسعدني جداً رؤية مبادرة الحزام والطريق تتحول تدريجياً من اقتراح إلى واقع، والآن يستغرق نقل البضائع الصينية إلى أوروبا بوساطة الشاحنات 12 يوماً فقط، الأمر الذي يخفض التكلفة مقارنة بالنقل الجوي، كما يمكننا نقل البضائع إلى الصين ويعد ذلك منفعة متبادلة حقيقية».
من جانبه، رفض تشانغ مينغ، رئيس البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي، الاتهامات الموجهة إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، قائلاً: إن ما يسمى فخ الدَّين الصيني «قبعة لا تليق بالصين ولا مبادرة الحزام والطريق».
وقال تشانغ الخميس في مقابلة مع شبكة «بي بي سي»، في إطار رده على سؤال بشأن قضية فخ الديون التي قد تتورط فيها بعض البلدان التي شاركت في المبادرة «الدين مشكلة عالمية ذات تاريخ طويل، مبادرة الحزام والطريق لا يتجاوز عمرها 6 أعوام.. هل تعتقد أنه من المنطقي أن نلوم مبادرة حديثة العهد على مشكلة قديمة؟».
وتابع: «لا أحد في موقف يجعله يروي القصة الحقيقية لمبادرة «الحزام والطريق» أفضل من المشاركين فيها أنفسهم»، مضيفاً: «إن الكثير من المسؤولين القياديين ودوائر الأعمال وعموم الجماهير في بلدان مبادرة الحزام والطريق أعربوا عن آرائهم وفنّدوا هذا الجدل بالحقائق والأرقام».
واستشهد تشانغ بتصريح علني حديث لوزير المالية في الفلبين، قال فيه: إن الديون المستحقة للصين لا تبلغ سوى 0.65 بالمئة من إجمالي ديون البلاد.
وتابع تشانغ: «البلدان المشاركة في مبادرة الحزام والطريق لا تقترض من الصين فقط، وإنما من بلدان أخرى أيضاً. وليس من العدل القول إن أموال طرف ما كعكة حلوة، بينما أموال الصين فخ».
وفي تعليقه على الانتقادات الموجهة إلى دوافع الصين بشأن تلك المبادرة، قال السفير: «المنطق الذي يحكم مبادرة الحزام والطريق ليس السعي إلى السيادة، في التاريخ، كان لدينا طريق الحرير القديم الذي كان رمزاً للانفتاح والتعلم المتبادل، المبادرة تهدف إلى إحياء تلك الروح.. المبادرة تهدف إلى توفير حل للتحديات العالمية وتوفير منصة مفتوحة للتعاون العالمي. إنها تركز على الارتباطية، ونأمل في أن تعمل على تعزيز النمو العالمي».
وأكد تشانغ مجدداً أن مبادرة الحزام والطريق لا توجهها الحكومة، وإنما توجهها السوق. إن الشركات هي اللاعب الرئيسي.
وتابع: «نرحب بكل أعضاء المجتمع الدولي للمشاركة في مبادرة الحزام والطريق بمختلف الطرق. نرحب بالنقد البنّاء، ونرحب أيضاً بالإسهام بالأفكار والاقتراحات والنصائح من أجل تعزيز التعاون في إطار المبادرة».