قداسة الطبيب
منذ القدم نذر الأطباء أنفسهم لخدمة مجتمعاتهم من الناحية الصحية والإنسانية، فلم يقتصر دورهم على معالجة الأمراض الجسدية والعضوية فحسب، وإنما شكلوا اليد الحانية التي تربت على أكتاف المرضى والأطفال، والنور الذي يضيء لهم الطريق نحو حياة أجمل وأفضل، وفي كثير من الأحيان كانت ابتساماتهم ونظراتهم الدافئة كفيلة بالشفاء أكثر من الوصفة الطبية·
ولقد ساهم عدد من الأطباء العظماء في التاريخ بتكريس صورة عملاقة للطبيب، لتجعل منه إنسانا مقدسا تفوق طاقته وقدرته طاقة وقدرة البشر العاديين· هذه الصورة وضعت الطبيب في مواقف صعبة، ولم تلتمس له العذر ليعيش حياة سوية كغيره من الأفراد، فهو الإنسان الذي سخّر نفسه لخدمة الآخرين دون تبرم أو تذمر، واضعا شخصه وحياته العائلية في المرتبة الأخيرة بعد جميع المرضى·
ولا يخفى على أحد أن الطبيب يبدو مظلوما في مجتمعاتنا، فهو الإنسان الآلي الذي لا يجب أن يتوقف عن التبسم في وجه الآخرين، وملاطفتهم بصرف النظر عن مشاكله الشخصية، فالكلّ يعلق عليه الأمل في الشفاء الروحي والجسدي، والكل ينتظر وقت الجلوس معه للفضفضة والشعور بالراحة والسكينة·
اليوم وفي خضم الزحام، زحام الأمراض والفيروسات والأوجاع والآهات التي تصدر عن المرضى في العيادات والمستشفيات، يتوقع المريض من الطبيب الكثير الكثير، لاسيما وأنه لا يأتيه إلا مضطرا، يتوقع منه أن يوسع صدره، ويفتح أذنيه كي يستمع أكثر، يتوقع منه التبسم والملاطفة، يتوقع منه الكلمة الطيبة، والمزيد من العطف والحنان، ورغم أن الطبيب مثقل بهموم الحياة اليومية التي يعيشها الآخرون، إلا أن الغالبية ما زالت تبث الأمل في نفوس المرضى، فكل التقدير للأطباء الذين يبذلون جهوداً جبارة في معالجة المرضى والمتعبين، وشكرا لكل من يبتسم في وجه مريضه ويحنو عليه·· جزى الله خيرا من يفتح قلبه للآخرين، ومن يقدم الكلم الطيب لمريضه فيرفع من معنوياته ويخفف من آلامه، وتحية لكل الأطباء المخلصين الذين لا زالوا يحفظون صورة الطبيب التي عرفت عنه منذ القدم·
المحررة