استضافت العاصمة البريطانية لندن أعمال الدورة الخامسة من اللجنة الاقتصادية المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، بمشاركة وفد رفيع المستوى من الدولة ترأسه سعادة المهندس محمد أحمد بن عبد العزيز الشحي وكيل وزارة الاقتصاد للشؤون الاقتصادية، بالنيابة عن معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، فيما ترأس الجانب البريطاني البارونة رونا فيرهيد وزيرة الدولة للتجارة وتنمية الصادرات في المملكة المتحدة.

وركزت اللجنة في دورتها الحالية على تحقيق التكامل بين الرؤى التنموية للبلدين، من خلال التركيز على تطوير شراكة اقتصادية على نطاق أوسع في المجالات ذات الأولوية وفقاً لمستهدفات رؤية الإمارات 2021، واستراتيجية المملكة المتحدة للصناعة والتصدير.

وتناولت مباحثات اللجنة أيضاً فرص التعاون في مجالات الطاقة والرعاية الصحية وعلوم الحياة وتكنولوجيا المعلومات والفضاء والبنية التحتية والتعليم والخدمات المالية والمهنية، إلى جانب التعاون في المجالات القائمة على التكنولوجيا والابتكار والثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي.

كما تم الاتفاق بين البلدين على عقد الدورة المقبلة من اللجنة بدولة الإمارات في 2021 خلال فعاليات "إكسبو دبي".

وقال معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، إن "العلاقات الإماراتية البريطانية تمتد جذورها في تاريخ البلدين وتقوم على روابط متينة من التعاون واحترام المصالح المشتركة".

وأوضح معاليه في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه سعادة المهندس محمد أحمد بن عبدالعزيز الشحي، أن "النقاط والبنود التي اشتملت عليها اجتماعات الدورة الخامسة من أعمال اللجنة الاقتصادية المشتركة، تمثل بداية فصل جديد في التعاون الاقتصادي بين البلدين الصديقين، وتعزز من أطر التكامل في ما يتعلق بالرؤية والمشاريع والخطط التنموية خلال المرحلة المقبلة".

وأضاف أن "المملكة المتحدة تمثل أحد الشركاء التجاريين الأكثر استدامة وموثوقية لدولة الإمارات، وهي شراكة تتمتع بمعدلات نمو مستمرة، في ظل الرغبة المتبادلة في تعزيز وتطوير جوانب التعاون الثنائي في مختلف المجالات الحيوية، لاسيما في القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية"، لافتاً إلى أن "اللجنة الاقتصادية المشتركة حققت خلال دوراتها السابقة العديد من الإنجازات، وأسفرت عن توفير فرص عديدة لمجتمعات الأعمال، خاصة في ما يتعلق بتوحيد الاعتمادات وتيسير الوصول إلى الأسواق بكلا البلدين".

وتابع أنه بالنظر إلى أرقام التجارة والاستثمار المشترك، نجد أن دولة الإمارات هي أكبر سوق للصادرات البريطانية في المنطقة، والرابع عالمياً خارج الاتحاد الأوروبي، إذ سجّل إجمالي التجارة البينية من سلع وخدمات بين البلدين خلال عام 2017 حوالي 17.5 مليار جنيه إسترليني بنمو يقدر بحدود 25% خلال عامي 2016 - 2017، فيما يقدر حجم التجارة الخارجية في السلع غير النفطية بين البلدين بنحو 9 مليارات جنيه إسترليني في 2018 بنسبة نمو في حدود 10% عن عام 2017.

إلى جانب ذلك، تعكس العديد من المؤشرات النموذج المتميز للشراكة الاقتصادية القائمة بين البلدين الصديقين مع تواجد أكثر من 120 ألف بريطاني يعيش ويعمل في دولة الإمارات، فضلاً عن تواجد عدد من أكبر وأهم الشركات البريطانية في أسواق الدولة والتي يقدر عددها بحدود 6 آلاف شركة، ما يجعل المملكة المتحدة أكبر مستثمر أجنبي بدولة الإمارات.

وعلى صعيد السياحة يحتل السوق البريطاني حيزاً مهماً، إذ بلغ عدد السياح البريطانيين إلى الدولة في 2018 حوالى 1.5 مليون سائح.

وقال إن اللجنة في دورتها الحالية وضعت آليات واضحة للربط بين الرؤية الاستراتيجية والتنموية لكلا البلدين، شملت مجالات التعاون التي تم تحديدها والاتفاق عليها بشكل مشترك في إطار اللجنة مثل الطاقة والرعاية الصحية وعلوم الحياة وتكنولوجيا الفضاء والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية والتعليم والخدمات المالية والمهنية والتكنولوجيا، وهي قطاعات تخدم رؤية "الإمارات 2021" وتعزز مكانة الدولة كمحور تجاري ولوجستي رئيسي بالمنطقة، وتنسجم من جهة أخرى مع استراتيجية المملكة المتحدة للصناعة والتصدير، والتي تهدف إلى تعزيز مكانة بريطانيا كمُصدِّر عالمي.

واستعرض أيضاً جهود دولة الإمارات للانتقال نحو نموذج الاقتصاد الجديد القائم على الابتكار والبحث والتطوير والذكاء الاصطناعي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وهو ما يفتح المجال بشكل خاص للتعاون مع الجانب البريطاني، وأمام الشركات البريطانية لتعزيز تواجدها في الأنشطة والخدمات التي تخدم هذه القطاعات، لاسيما مع صدور قانون الاستثمار الأجنبي المباشر، وما يطرحه من حوافز متميزة أمام الاستثمارات الأجنبية.

وفي كلمتها، قالت البارونة رونا فيرهيد وزيرة الدولة للتجارة وتنمية الصادرات في المملكة المتحدة، إن البلدين يتمتعان بعلاقات تجارية قوية، وانعكست بوضوح في معدلات النمو الملموسة لحجم التجارة الخارجية خلال السنوات الماضية، وهو ما نعمل على مواصلته خلال المرحلة المقبلة، بل ومضاعفة الجهود المشتركة لتحقيق المزيد من النمو في التجارة الثنائية، بما يخدم جهود البلدين في مواجهة التحديات الاقتصادية المشتركة والعالمية خلال المرحلة المقبلة، وبما يخدم رؤيتنا الاستراتيجية.

وأضافت أن دولة الإمارات تشكل محوراً تجارياً حيوياً، وتلعب دوراً أساسياً في تسهيل التجارة والاستثمار في المنطقة، وهو ما دفع حكومة المملكة المتحدة إلى تعيين مفوضها التجاري الإقليمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها مركزاً للتوسع الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وعلى نطاق أوسع إلى إفريقيا وآسيا.

اقرأ أيضاً: وزيرة التجارة البريطانية: تجارة الإمارات وبريطانيا قادرة على مواصلة النمو بعيداً عن «بريكست»

وأوضحت فيرهيد أنها باعتبارها الوزيرة المسؤولة عن ملف مشاركة المملكة في معرض "إكسبو 2020"، فإنها تؤكد التزام المملكة المتحدة بتحقيق مشاركة متميزة، مؤكدة أن بريطانيا كانت من أوائل الدول الداعمة لاستضافة دبي للحدث العالمي وأيضاً من أوائل الدول التي أكدت مشاركتها في المعرض، مشيرة إلى أن الشركات البريطانية تلعب دوراً مهماً من خلال مشاركتها بالفعل في العديد من المشاريع الجاري تنفيذها حالياً.

وقالت إن ما تم الاتفاق عليه خلال أعمال اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين يضع خارطة طريق واضحة تعزز من العلاقات التجارية الثنائية، لبناء شراكة اقتصادية وتجارية تعمل على تعزيز قدرات الجانبين لمواجهة تحديات المستقبل.

يذكر أن المملكة المتحدة تشارك في "إكسبو 2020" بجناح مميز يسلط الضوء على الخبرات البريطانية في قطاع الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الفضاء، وقد بلغ عدد الشركات البريطانية المسجلة على منصة السوق الإلكترونية العالمية لـ "إكسبو 2020 دبي" نحو 1321 شركة بريطانية منها 977 شركة صغيرة ومتوسطة.

وشمل محضر الاجتماع الخامس للجنة الاقتصادية المشتركة بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة، اتفاق الجانبين على مواصلة تطوير أطر التعاون وخلق المزيد من الفرص لمجتمعات الأعمال وتحفيز تبادل الخبرات، كما رحبا بأهمية استكشاف فرص أوسع لتعزيز التجارة والاستثمار والشراكة الاقتصادية الأوسع بين البلدين، لا سيما في المجالات التي يوجد فيها تكامل بين المجالات والقطاعات في الرؤية الوطنية والاستراتيجية لكلا البلدين، والعمل على تعزيز جهود الطرفين في زيادة صادراتهما، مع الاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز لكلا البلدين وما يتيحه من النفاذ إلى العديد من الأسواق الإقليمية النشطة.

كما اتفق الجانبان على أهمية تشجيع ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة خاصة مع نجاح التعاون القائم في مجال الشركات الصغيرة والمتوسطة مع تواجد مركز الأعمال البريطاني التابع لهيئة التجارة والاستثمار البريطانية بدبي.

وفي السياق ذاته، شارك وفد الدولة في أعمال الدورة الـ 15 لمجلس الأعمال الإماراتي البريطاني، والتي عقدت بلندن لبحث سبل تعزيز قنوات التواصل والشراكة بين القطاع الخاص بدولة الإمارات ونظيره في المملكة المتحدة، ومجالات الاستفادة من الفرص التي تطرحها العلاقات الثنائية والاقتصادية القوية بين البلدين.

وقال سعادة المهندس محمد أحمد بن عبد العزيز الشحي وكيل وزارة الاقتصاد للشؤون الاقتصادية، في كلمته الافتتاحية، إن مجلس الأعمال الإماراتي البريطاني يلعب دوراً مهماً في توسيع آفاق العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، خاصة على الصعيدين الاقتصادي والتجاري. وكانت جهود مجلس الأعمال المشترك فعالة في تعزيز العلاقة بين الجانبين باستمرار، خاصة مع وضع المجلس هدفاً طموحاً في الوصول بحجم التبادل التجاري إلى 25 مليار جنيه إسترليني بحلول عام 2020، وهو هدف يخدم مساعي حكومة البلدين في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية إلى مستويات أكثر تقدماً.

وأكد أهمية مواصلة تعزيز التكامل في الأدوار مع القطاع الخاص لإثراء علاقات التعاون المشترك، والتركيز على تطوير شراكات مجالات مبتكرة جديدة تخدم التوجهات التنموية وتعود بالنفع على كلا البلدين اقتصادياً وتجارياً، بما يخدم الجهود والمصالح المشتركة.