محمد عريقات (عمّان)

لم تمنع الشيخوخة الشاعر الأميركي ويليم ستانلي ميروين في سنواته الأخيرة (1929-2019) من الخروج إلى الشوارع مشاركاً في المظاهرات المناهضة والمحتجة على حروب بلاده منذ حربها على فيتنام وصولاً إلى حربها ضد العراق، فكما أراد لشعره أن يكون رسالة سلام وتعايش للإنسانية، جسد ميروين ذلك في مواقفه السياسية فعلى الشاعر بحسب رأيه أن ينقذ العالم حتى وإن كان سلاحه الأمل، الأمل الميؤوس منه.
يقول ميروين، الذي غادر عالمنا في الخامس عشر من مارس الجاري: «إننا نستمر في التعبير عن غضبنا وحبنا ونتمنى أن يفعل هذا شيئًا، فلا يمكن لأحد أن يعيش اليأس والحرقة دون أن يحطم تدريجيا هذا الشيء الذي أغضبه. العالم ما زال هنا وفيه الكثير من المظاهر الحياتية التي لا تؤذي أحدًا، وهناك حاجة لأن ننتبه للأشياء التي حولنا ما دامت حولنا؛ لأننا إن لم ننتبه لها فسيكون هذا الغضب محض مرارة لا أكثر».
لمع نجم ميروين كشاعر وهو في الرابعة والعشرين من عمره، وذلك بقبول نشر مخطوطة مجموعته الشعرية الأولى «قناع جانوس» ضمن سلسلة «ييل» المختصة بنشر التجارب الشبابية، ومن هنا كانت التفاتة النقاد إلى منجزه الذي لم يخرج به كثيراً عن تقاليد الشعر الأميركي آنذاك إنما كان يحمل بذرة التجديد التي ستتفتح فيما يلي هذه المجموعة من إصدارات لها شريحة واسعة من القراء.
أنجز ميروين خلال سنوات حياته عدداً من المجموعات الشعرية منها: «قناع جانوس»، «القمل» «الدببة الراقصة»، «الدريئة المتحركة»، «ثلاث قصائد»، «حامل السلالم»، «العثور على الجُزر»، و«انفتاح اليد» وغيرها الكثير من الترجمات والأعمال المسرحية، كما تم جمع أعماله في مجلد تحت عنوان «ترحال» الذي نال جائزة الكتاب الوطني عام 1999.
نال ميروين خلال مسيرته الشعرية العديد من الجوائز العالمية الوازنة، ورغم منجزه الإنساني والإبداعي والاعتراف العالمي به كشاعر إلا أنه لا يتردد في أن يقول بأغلب حواراته: «لم أؤسس أي نظرية جمالية حتى الآن، كما أني لا أعرف إن كنت أنتمي إلى أي حركة شعرية».
ترجمت مجموعات ميروين الشعرية إلى اللغة العربية على أيدي العديد من المترجمين، وكان الشاعر العراقي الراحل سركون بولص ترجم مجموعة قصائد لميروين اختارها من حقب ومؤلفات مختلفة، صدرت عن دار الجمل، تحت عنوان «قصائد مختارة» نقرأ منها:
«في الأشجار الصفراء يهطل المطر
الليل يرسل عاليا طيوره البيضاء
الشتاء تدخله دواجن الظلام
لكنني نادراً ما أفكر بك
لم تفقدي شيئاً تحتاجينه وأنت تدخلين الموت
من البساطة بمكان
أن تستدير إلى صوت الصقيع
حين يتقلب بين نجومه
كحيوان نائم في ليل الشتاء
وأن تقول ولدت بعيداً من بلادي
إن كان هناك مكان هذه لغته
فليكن وطني.