الذكاء والغباء·· أيهما زينة المرأة؟
الغباوة غالباً زينة الجمال وهي التي تضفي على العيون ذلك الصفاء الكئيب'' كلمات قالها صاحب ''أزهار الشر'' الشاعر الفرنسي الكبير ''بودلير''، وهو بذلك لا يزعم أن الفرح لا يجتمع مع الجمال، لكنه يعتقد أن الفرح حلية من أكثر حلي الجمال سوقية، بينما الكآبة قرينة الجمال الروحية، إلى الحد الذي لا يتصور معه بودلير نموذجاً للجمال لا تسكنه التعاسة· فهل تلك هي معتقداته ومفاهيمه عن الجمال حقاً؟ أم أنها حالات وجدانية وخيالات عاشها، أو واقع مأزوم كان يحاول الخلاص منه؟
الذكاء والغباء أيهما زينة جمال المرأة في نظر بعض المبدعين الإماراتيين؟!
يتساءل الشاعر أحمد محمد عبيد قائلاً: ما فائدة أن يتزوج الإنسان من امرأة غبية؟!
تابع: الغباء صفة تلازم بعض الناس دون أن تقتصر على جنس معين سواء كان ذكراً أو أنثى· مشيراً أن المرأة بطبيعتها مدبرة في أمور بيتها، ولماحة، ولا يفوتها شيء يمر أمام أعينها، أو كلمة تقال على مسامعها، ثم إن المرأة من عادتها الاهتمام بأدق التفاصيل، خاصة حينما تتحدث عن شيء، وهذه الصفات إذا توفرت في إنسان، خاصة في المرأة فمن الظلم أن توصف بالغباء، وأن يكون غباؤها نعمة·
وقال عبيد: إن المرأة الملفتة لنظري تلك المتسمة بقدر كبير من الحياء، وتسعى بشتى الطرق الممكنة للمحافظة عليه· وذكر أن هناك فرقاً بين الطيبة والسذاجة، والمرأة إن كانت ساذجة أو غبية لا يمكن أن تعيش في عالم يعتمد على الجدة والحرص واستقراء الواقع والمستقبل، وذكر أن الشاعر كان غريب الأطوار وعاش في المجتمع الفرنسي الارستقراطي في بداية عهده، وقابل الكثير من النساء الأرستقراطيات أو حديثات العهد بالنعمة، فرأى في ادعاء الأرستقراطية شيئا من البلاهة وسوء التطبيق·
ورفض الشاعر أحمد العسم هذا الفهم للجمال قائلاً: الغباء ليس له مقياس، وأعتقد أن الله سبحانه وتعالى منح صفة الجمال للناس، ولكن الكمال هو لله وحده، والجميل هو إنسان ذكي يحافظ على نفسه، وعلى جماله، وهو مدرك أنه إذا تصرف بغير ذلك سوف يبتعد عنه الناس، لذلك فهو حريص على أن يبقى متواصلاً مع المجتمع، لأنه يحتاج إلى الابتسامة وكلمة الإطراء والمديح·
ووصف المرأة الجميلة بأنها ذكية، ومن السذاجة أن تترك جمالها بدون ذكاء ودهاء، وهي تعطي للشاعر الصفات والإيحاءات الجميلة كي يكتب عنها، ذلك أن المرأة الغبية لا تبعث الحوافز في الشاعر حتى لو كانت جميلة·
ويقول الشاعر عبدالله الهدية: أتفق مع بودلير في جانب وأخالفه في جوانب أخرى كثيرة، أتفق معه بأن هذه الوردة يجب أن يقول من يراها بأنها وردة بكل عفوية من دون أن تستعرض جمالها للرائي· تابع على مر الزمن من خلال العاطفة الجياشة واستخدام الذكاء والتواصل عبر لغة العيون والجسد تستطيع أن تجذب الرجل بكل سهولة، وهنا يكون الانبهار، ومع الأيام تتكشف الحقيقة ويرى هذا المبهور بأن هذه المرأة بذكائها، وبما أعطاها الله من وسائل تساعدها على إبراز هذا الذكاء، استطاعت أن تتغلب على اتزان الرجل، بينما تلك الغبية فإن الرجل يندفع إليها بما تحمل من جمال فيكون صادقاً بمشاعره، وتكون هي أصدق·
وأضاف قائلاً: لا شك أن المرأة الذكية وراء كل رجل عظيم، ولكن هذا الرجل ما أن يكون بالمستوى العادي، فإن المرأة تكون هي الجناح الذي من خلاله يستطيع أن يحلق، وقد يكون الرجل عظيماً فتستطيع المرأة بذكائها أن تجعله يفقد هذه العظمة، ويصبح أقل من أن يطلق عليه كلمة رجل، بينما تلك المرأة الغبية وأنا لا أعتقد أن هناك نسبة ما بين الغبيات من النساء، فالمرأة خلقت لتكون نصف المجتمع، فما أجمل المرأة حينما تكون ذكية وغبية أحياناً، وبعيدة كل البعد عن الخبث والدهاء·
وأكد هدية على أن حواء أذكى من آدم وبكل المقاييس، مضيفاً أنه على مر التاريخ كان للمرأة دور بناء حضارة، أو هدم عروش، خاصة المرأة المجنونة في جمالها والمفرطة الذكاء، تابع نحن نسمع عن داهية العرب، أو النابغة، والعبقري، ولكننا لا نقول عن امرأة ذكية على مر التاريخ إلا ما ندر، لأن الأخريات دائماً في قمة الذكاء والدهاء والعبقرية·
أما الشاعر طلال سالم فإنه بدأ حديثه بتعريف الغباء قائلاً: الغباء من غبى الشيء غطاه، فالغبي هو المغبي عنه، أو المغطى الذي لا يرى شيئاً ما، بمعنى أن الإنسان قد يصبح غبياً في لحظة، لأن هناك شيئاً لا يراه·
وأضاف سالم أن الشاعر ربما عني بهذه المقولة، السذاجة والبساطة في الأمر، وقد تكون البساطة هي العبقرية في بعض الأحيان، لأن أكثر الناس ذكاء يحاولون تعقيد الأمور، فالذكاء قد لا يعني في بعض الحالات حسن التصرف، بقدر ما تعني البساطة في بعض الحالات ذلك، وهنا يأتي جمال البساطة في الحياة، وإذا قلنا إن الغباء هو البساطة فما أجمل البساطة·
وحول المرأة قال: كلما كانت المرأة بسيطة، زادت حاجتها للرجل، وبالتالي لا يستغل الرجل هذا الغباء إلا في محاولة موازنته والارتقاء به إلى الأعلى لتصل إلى لذة الحياة·
وختم الشاعر طلال سالم حديثه متسائلاً: ألا ترى أن غباء الطفولة قمة الجمال؟
المصدر: أبوظبي