200 جريح بصدامات بين مؤيدي ومعارضي الرئيس اليمني في الحديدة
أُصيب أكثر من 200 شخص، أغلبهم جراء استنشاقهم غازات مسيلة للدموع أطلقتها قوات الأمن اليمنية أمس لفض اشتباك بين مؤيدي الرئيس علي عبدالله صالح ومعارضين معتصمين بمدينة الحديدة، غرب اليمن، فيما تواصلت المواجهات المسلحة بين قوات الجيش وأنصار المعارضة اليمنية في محافظة الجوف القبلية، وسط أنباء عن محاصرة المتمردين الحوثيين مقرا حكوميا في المحافظة ذاتها.
وقال شهود عيان لـ”الاتحاد” إن العشرات من أنصار الرئيس صالح، المدججين بالأسلحة والهراوات والخناجر، هاجموا مخيما للآلاف من الشباب المعتصمين بحديقة الشعب، وسط الحديدة، للمطالبة بإسقاط النظام ورحيل صالح، الذي يحكم اليمن منذ 32 عاما.وأوضحوا أن قوات الأمن تدخلت لفض الاشتباك بين المؤيدين والمناهضين بإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيلة للدموع.
إلا أن مصادر صحفية وحقوقية محلية قالت لـ”الاتحاد” إن قوات الأمن “اتخذت من الاشتباك ذريعة لاقتحام الاعتصام” المقام منذ عشرين يوما، مؤكدة أن الهجوم على مخيم الاعتصام جاء غداة إطلاق السلطات الأمنية العديد من السجناء في السجن المركزي” بالحديدة.ولفتت إلى أن “أغلب الإصابات وقعت في صفوف الشباب المعتصمين”.
وقال المسؤول في اللجنة الإعلامية بالمخيم أيمن مهدي لـ”الاتحاد” إن أكثر من مائتين شخص أصيبوا برصاص وقنابل قوات الأمن وهراوات وخناجر أنصار حزب “المؤتمر” الحاكم، الذي يرأسه صالح منذ العام 1982.
وأضاف :” أغلب الإصابات جراء استنشاق الغاز.. وهناك 30 إصابة في حالة حرجة، كما توجد حوالي 20 إصابة بالرصاص الحي والخناجر”.
وأتهم مهدي السلطات المحلية بإرسال من وصفهم بـ”البلاطجة” لاقتحام المخيم “بعد أن فشلت في تنظيم مهرجان لتأييد الرئيس صالح”.كما اتهم السلطات الأمنية باعتقال اثنين من الجرحى أثناء تلقيهما العلاج في مستشفى “العلفي” الحكومي، مشيرا إلى أنه تم نقل العشرات من الجرحى والمصابين إلى المستشفيات الحكومية والخاصة بمدينة الحديدة الساحلية.
بالمقابل، اتهم الأكاديمي بجامعة الحديدة علي الدهمشي، وأحد المؤيدين للرئيس صالح، المعتصمين بـ”مهاجمة قوات الأمن التي تحميهم تنفيذا لمخطط إجرامي”.وقال الدهمشي لـ”الاتحاد” : هاجمني عدوانيون من أحزاب “المشترك” (المعارضة) عندما كنت أقود سيارتي بالقرب من ساحة الاعتصام”، مضيفا :” لقد أصبحوا أداة لتدمير البلاد”.
بدورها اتهمت وزارة الدفاع اليمنية، عبر خدمة الرسائل القصيرة، أنصار أحزاب “اللقاء المشترك” المعارضة بالاعتداء على “مواطنين شاركوا في مهرجان مؤيد لمبادرة الرئيس” الأخيرة التي أطلقها الخميس الماضي، وتضمنت إعداد “دستور جديد”، والانتقال إلى “نظام برلماني”، في محاولة جديدة لإنهاء الاحتجاجات الشعبية المناهضة له والمتصاعدة منذ 11 فبراير الماضي.
وكانت مدينة الحديدة شهدت، في وقت سابق أمس مسيرة لأنصار الحزب الحاكم تأييدا لمبادرة الرئيس اليمني.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ” إن “مئات الآلاف من مختلف الشرائح الاجتماعية” شاركوا في هذه المسيرة “التي تقدمها قيادة السلطة المحلية وقيادات فروع عدد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وعلماء ومثقفين ومشايخ ووجهاء”.ورفع المشاركون في المسيرة الأعلام الوطنية وصور الرئيس صالح، ولافتات كتب عليها شعارات مؤيدة للمبادرة الرئاسية، ولإجراء حوار وطني شامل بين كافة القوى السياسية.وردد المشاركون هتافات تدعو السياسيين إلى “تحكيم العقل والمنطق”، من أجل الخروج من الأزمة الراهنة، لتجنيب اليمن “الانزلاق إلى الفتنة”.
وقال محافظ الحديدة، المعين حديثا، أكرم عطية، أمام المشاركين في المسيرة، إن أبناء محافظة الحديدة “يقفون صفاً واحداً مع المبادرات التي أطلقها” الرئيس صالح، داعيا أحزاب المعارضة إلى “إعادة النظر في موقفها المتصلب” و”التجاوب مع المبادرات الرئاسية”.
كما دعا كافة الأحزاب السياسية إلى “تفويت الفرصة على المغرضين” و”إحباط أية مخططات تآمرية تسعى لتقويض استقرار اليمن”.
وفي أول رد فعل على الصدامات التي وقعت بمدينة الحديدة، أعلن الشيخ صادق بن عبدالله الأحمر، زعيم قبيلة (حاشد) ذائعة الصيت، “تعليق مساعيه للمصالحة بين السلطة وأطراف العمل السياسي، حتى تتوقف الاعتداءات على المعتصمين في مختلف المحافظات”.وقال عبدالقوي القيسي مدير مكتب الشيخ الأحمر، لـ”الاتحاد” إن قرار التعليق “لا يعني إنهاء الجهود المبذولة لاحتواء الأزمة في البلاد، وإنما هو شكل من أشكال الاحتجاج على ما يحدث في ساحات الاعتصامات”.
وتأتي هذه الأحداث، غداة إعلان وزارة الداخلية اليمنية الكشف عن “خلية إرهابية نائمة” إثر مداهمة منزلا بمدينة الحديدة.وذكر مركز الإعلام الأمني الحكومي أن الأجهزة الأمنية ضبطت داخل المنزل 42 كاسيت “ذات طابع جهادي”، وخمس قنابل يدوية، وذخائر، وملابس أفغانية، إضافة إلى أجهزة متعددة من بينها كمبيوتر ولاسلكي و”ليزر قناص”.وأوضح أن “أفراد الخلية الإرهابية تمكنوا من الفرار قبل مداهمة” المنزل، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية تواصل إجراءاتها “لإلقاء القبض عليهم”.
في غضون ذلك، تجددت، أمس الأربعاء، الاشتباكات المسلحة بين قوات عسكرية وأمنية ومعارضين من رجال القبائل بمحافظة الجوف شمال شرق صنعاء.وقال مصدر قبلي يمني لـ(الاتحاد) إن “اشتباكات عنيفة” اندلعت بمدينة الحزم، مركز محافظة الجوف “بين أنصار أحزاب اللقاء المشترك المعارضة، وقوات الجيش والأمن المدعومة بمسلحين من رجال القبائل المؤيدين للنظام الحاكم”.
وأوضح المصدر أن الاشتباكات أسفرت، حتى مساء الأربعاء، عن إصابة شخصين من أتباع وكيل المحافظة منصور عبدان، لافتا إلى أن مسلحين من جماعة “الحوثي” المتمردة “يحاصرون حاليا مبنى المجمع الحكومي بمديرية المطمة”، المجاورة لمحافظة صنعاء.وفيما تحدثت مصادر صحفية يمنية عن قيام المسلحين المعارضين بفرض حصار على منزل وكيل المحافظة، أشادت وزارة الدفاع اليمنية، عبر موقعها الالكتروني، بما وصفتها بـ”المواقف الوطنية الشجاعة” لأبناء محافظة الجوف “الذين تصدوا بكل شجاعة لمثيري الفتنة والخارجين عن القانون”.
وقالت إن أهالي الجوف “سجلوا مواقف رائعة ومشرفة إلى جانب إخوانهم من أبطال القوات المسلحة والأمن في التصدي للخارجين عن القانون من مثيري الفوضى والتخريب والعابثين بالأمن والاستقرار”.
وفي مدينة تعز، وسط البلاد، أفادت صحيفة “الناس” الأهلية الإلكترونية، بسقوط 13 جريحا، بينهم 7 طالبات، أمس الأربعاء “بعد اعتداء “بلاطجة” على مظاهرة طلابية رددت شعارات” مطالبة بإسقاط النظام.وفيما تتواصل الفعاليات الاحتجاجية والاعتصامات الشبابية في العديد من المدن اليمنية، دعت اللجنة التنظيمية لما يسمى بـ”الثورة الشعبية” في صنعاء “كافة أبناء الشعب اليمني للمشاركة في جمعة الكرامة” غدا.
المصدر: صنعاء