أبو لوز يقرأ للرفاق وتحولات الأزمنة
في أمسية حضرها لفيف من الشعراء والنقاد ومتذوقي الشعر، استضاف بيت الشعر بالشارقة مساء أمس الأول بمقره في منطقة الشارقة القديمة الشاعر والزميل يوسف أبو لوز في قراءة لمجموعة منتقاة من ديوانه الأخير ''خط الهزلاج'' بالإضافة إلى قصيدة جديدة أهداها لصديقه القاص والإعلامي نواف يونس·
قدم للأمسية الشاعر والصحفي حسام ميرو الذي أشار إلى أهمية التجربة الشعرية لأبولوز وتميزها وعلو كعبها مقارنة بما هو مطروح في المشهد الشعري العربي، وتكلم ميرو عن بدايات هذه التجربة قائلا: منذ البداية كان صوت يوسف أبولوز صوتا منفردا في الشعر الفلسطيني، ما ميزه عن مجايليه، حيث لم يقع في أفخاخ الايدولوجيا التي غالبا ما تقضي على الشعر وجمالياته لصالح الهياج اللحظي، والحماس العام والمؤقت، ومن يقرأ أعماله منذ ديوانه الأول ''صباح الكاتيوشا أيها المخيم'' العام 1983 حتى مجموعته الأخيرة ''خط الهزلاج'' يدرك أن هذا الشاعر مسكون بتراث حي ومتجدد هو تراث الطبيعة الذي يمتزج فيه التاريخي بالاجتماعي، وهذا ما يشكل نبض الحياة في شعره·
وأضاف ميرو في تقديمه للشاعر: يوسف أبولوز هو قصيدة حية متحركة، ومخيلة تضج بصور الريف، وتتحول الكلمات في شعره إلى أشجار، وسهول تركض فيه الأحصنة إلى اغترابها، وهذا ما يجعل من شعره مواجهة مفتوحة وعلنية بين الذات الطامحة إلى الحرية في مطلقها وبين واقع طافح بالمرارة والألم·
ويصف ميرو المجموعة الأخيرة للشاعر (خط الهزلاج) بأنها كتابة اختلافية بامتياز، تخرج عن سياق الحداثة بطبيعتها الكلاسيكية، وتؤسس إلى حداثة جوانية نابعة من الارتباط العضوي بالقضايا الجوهرية للإنسان''· وكانت المقدمة التي باح بها حسام ميرو موازية شعريا واستقصائيا لجو الأمسية ولقيمة الشاعر كونه واحدا من المساهمين الكبار في إعلاء قامة الشعر الحقيقي بإزاء ركامات هائلة من الشعر المترهل والفقير والاستعراضي الذي طبع شعر المناسبات والكرنفالات الثقافية العديدة الموزعة على خارطة الشعر العربي المعاصر·
ثم قرأ أبولوز عددا من قصائد مجموعته الجديدة ''خط الهزلاج'' والتي انحازت في مجملها للحس الرفاقي العالي الذي جمعه بأصدقاء وشعراء، كانت أرض الإمارات هي التربة الخصبة التي احتضنت هذه الصداقات الذهبية ببعديها الأفقي والعمودي· ففي الديوان قصائد مشغولة بعناية لغوية وبصرية وروحية مهداة لأحمد فرحات وعبدالعزيز جاسم وسعد جمعة ومحمد الدميني وثاني السويدي وعادل خزام· ومن قصائده القصيرة التي قرأها أبولوز في الأمسية المقطع التالي : '' لست ذئبا، ولكن / تقنعت وجها لذئب/ لكي لا تعضّ حياتي الكلاب''·
وبعد الأمسية دارت نقاشات بين الحضور والشاعر حول ملامح هذه التجربة الطويلة الممتدة لأكثر من ربع قرن، والتي نفى الشاعر استقرارها في نسق وملمح واحد، كما نفى عنها صفات الرومانسية والحس النضالي المباشر·
وقال أبو لوز إن تجربته شهدت تحولات في البنى التعبيرية والموضوعية، وأن المختبر الشعري لديه ما زال مرصودا للبحث عن أنماط جمالية جديدة ومبتكرة في سياق هذه التجربة المتحركة في الزمن وتحولاته·
المصدر: الشارقة