نقص الكهرباء يهدد الانتعاش الاقتصادي في اليابان
خلف زلزال اليابان فجوة آخذة في الاتساع في قدرة البلاد على توليد الكهرباء من المتوقع أن تستمر شهوراً وهو ما ينذر بأن الانتعاش الاقتصادي سيكون أضعف كثيراً مما كان متوقعاً.
وقد تسببت أول انقطاعات متواصلة في تاريخ شركة طوكيو للطاقة الكهربائية “تيبكو” العملاقة في إغلاق كثير من المصانع وأغلقت “تويوتا” مصانعها حتى أمس الأربعاء. وأفسدت انقطاعات متواصلة لمدة ثلاث ساعات عمل شبكة السكك الحديدية في اليابان التي تشتهر بالدقة المتناهية في مواعيدها، بينما ألغت ألف مدرسة في أنحاء طوكيو الدراسة. وحتى لوحات الدعاية المضاءة بالنيون المنتشرة في طوكيو أظلمت وهي ضربة كبيرة للثقة في بلد يعيش على الروتين والنظام.
ومع وقوع انفجار جديد في محطة نووية في فوكوشيما ينذر بتسرب اشعاعي أشد خطورة، فإنه من غير المحتمل أن يتحسن في أي وقت قريباً النقص في الكهرباء. وقال ستيفنس روبرتس كبير المحللين الاقتصاديين لاستراليا في مؤسسة “نوميورا”: “يبدو أن اليابان ستعاني نقصا في الكهرباء لفترة طويلة ممتدة”. وأضاف “يميل البعض إلى تشبيه هذا الوضع بزلزال كوبي وهم يفترضون ان الانتعاش سيكون على شكل حرف (V) لكن زلزال كوبي لم يتسبب قط في مثل هذا النقص في الكهرباء. وذلك معناه أن أي انتعاش كامل قد يتأخر طويلاً حتى الربع الرابع للعام”.
وخلاصة القول أن زلزال كوبي في يناير 1995 تسبب فيما تذهب اليه التقديرات في خسائر تبلغ نحو 100 مليار دولار أميركي، لكن الاقتصاد حقق انتعاشة أسرع مما توقعه الكثيرون في ذلك الوقت. فقد هبط انتاج الصناعات التحويلية 2,7% في يناير لكنه قفز بنسبة 4,4% خلال الأشهر الثلاثة التالية. وكان هذا دليلاً إلى حد كبير على قدرة الصناعة على نقل الإنتاج إلى مصانع في أجزاء لم تتضرر من البلاد. وما زال هناك قطعاً الكثير غير المستخدم من طاقة الصناعات التحويلية لكنه أقل كثيرا عندما يتعلق الأمر بنقص الكهرباء.
وتذهب تقديرات محللين في بنك الاستثمار الأسترالي “ماكواري” إلى أن الزلزال وما نجم عنه من أمواج مد عاتية تسبب في ضياع ربع الطاقة الإجمالية لـ”تيبكو” البالغة 65 جيجاوات مقسمة بين الطاقة النووية والنفط. وإجمالاً فإن نحو 15 محطة نووية أغلقت ولم يتضح بعد عدد المحطات التي سيعاد تشغيلها أو متى. وقال المحللون في مذكرة إلى عملاء البنك “نحن نرى أن النقص في إمدادات الكهرباء وتقنين توزيعها بالحصص من المرجح أن يستمر في المنطقة التي تغذيها تيبكو أشهراً لا أسابيع”.
وتثير الأزمة المتفاقمة في محطة فوكوشيما شكوكاً حول تجرب اليابان في الطاقة النووية برمتها. ويأتي نحو ثلث إجمالي طاقة البلاد لتوليد الكهرباء من هذه الطاقة النووية. وقال ماكواري “نحن نعتقد أن هذا يزيد من احتمالات تقليص دور السياسة النووية في اليابان. ولكن غياب بدائل فعالة ينبئ بأن هذا التقليص سيتعلق بمسائل السلامة لا بالتحول إلى استخدام مصادر أخرى”. وقال ستيفنس إنه ربما يكون هناك مجال لزيادة انتاج الكهرباء في بعض محطات الطاقة العاملة بالنفط والفحم في اليابان وإن كان بتكلفة إضافية كبيرة. وسيؤدي زيادة طلب اليابان على الفحم والنفط والغاز الطبيعي المسال لتوليد الكهرباء أيضاً إلى زيادة الضغوط الصعودية على أسعار الموارد الطبيعية ومن ثم على مخاطر التضخم في أنحاء أخرى من آسيا. ولكن حتى إذا تحقق ذلك فإنه لن يكون كافيا للتعويض عن النقص الحالي في امدادات الكهرباء.
وحذر ستيفنس “إذا استمر هذا حتى فصل الصيف وهو أمر مرجح فإنه من غير الممكن ان تستطيع الشبكة توفير الكهرباء اللازمة لأنشطة تكييف الهواء. وطوكيو في الصيف بدون تكييف الهواء لا تطاق.” ومع ذلك فإن اليابان حالفها الحظ أن لديها موردا كبيرا محتملا للغاز الطبيعي المسال في أستراليا حيث يجري إنشاء عدد من المشروعات الضخمة.
وقال آرنون موسيكر المدير في فريق الطاقة في مؤسسة التصنيفات الائتمانية “فيتش”: “أي تحول عن استخدام الطاقة النووية من المرجح أن يكون لصالح توليد الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي المسال وهو خير البدائل في التطبيق العملي من حيث خفض الانبعاثات الكربونية”. وأضاف موسيكر “أستراليا في وضع جيد لتلبية الطلب الإضافي على الغاز في الأجل المتوسط”. وأشار إلى أن الموردين التقليديين الآخرين في منطقة آسيا يشهدون هم انفسهم نقصاً في الغاز.
المصدر: سيدني