مواطنون ومواطنات: رفضنا وظائف «تطوير الكوادر» لتدني الرواتب ومعارضة الأهل وتفضيل القطاع الحكومي
أرجع عدد من المواطنين والمواطنات المدرجين على «القائمة السوداء» لـبرنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية، أسباب رفضهم للوظائف التي عرضت عليهم من قبل البرنامج إلى تدني قيمة الراتب الشهري للوظائف المعروضة خاصة في القطاع الخاص، إلى جانب رغبتهم في العمل لدى القطاع الحكومي.
وأوضح بعضهم أنهم رفضوا الوظائف إما بسبب معارضة الأهل في العمل بقطاعات كالسياحة، أو لاستكمال الدراسة الجامعية، إلى جانب عدم الرغبة بالعمل لدى قطاع المصارف والقطاع الخاص حيث لا أمان وظيفي أو دوامات العمل الطويلة. من جهته، أكد عيسى الملا المدير التنفيذي لتطوير الكوادر الوطنية أن البرنامج لا يدرج اسم أي مواطن على القائمة السوداء إلا بعد أن يرفض عدة عروض وظيفية، لافتاً إلى أن العديد من المواطنين قبلوا العمل بوظائف ذات رواتب متدنية وها هم الآن يحصلون على أكثر من 10 آلاف درهم شهرياً. وكان البرنامج الذي يتبع هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي أعلن أمس إدراج أسماء 550 باحثاً عن العمل من المواطنين والمواطنات في «القائمة السوداء» لرفضهم الوظائف التي عرضت عليهم.
معارضة الأهل
وفي هذا الإطار، التقت «الاتحاد» عددا من هؤلاء المدرجين على القائمة السوداء، فقالت نوال الملا إن البرنامج تواصل معها وأبلغها بتوافر وظائف في القطاع الخاص غير أنها أبدت رفضها لأسباب أسرية تتمثل في تفضيل الوظيفة الحكومية على الخاصة. وأوضحت الملا، الحاصلة على شهادة الثانوية العامة، أنها «كانت تلقت اتصالين هاتفيين على فترتين من أحد المعنيين في البرنامج حيث تم إخطارها في المرة الأولى بإمكانية الحصول على فرصة وظيفية في قطاع الفنادق الأمر الذي رفضته نظراً لعدم رغبة أسرتها في السماح لها بالعمل في هذا القطاع»، مشيرة الى أنها تبلغت في الاتصال الثاني إمكانية توظيفها في شركات وفنادق أخرى غير أنها أجابت بالرفض أيضاً. وأضافت أن «القطاع الخاص يفتقد للأمان الوظيفي إلى جانب تدني قيمة الرواتب السائدة في مؤسساته مقارنة مع رواتب القطاع الحكومي الذي يوفر الاستقرار الوظيفي، ضاربة مثالاً على ذلك بالإشارة الى إنهاء خدمات قريبة لها كانت تعمل في إحدى الشركات الخاصة».
رفض مهنة طيار
من جانبه، أشار مصطفى عبدالله، الحاصل على شهادة الثانوية العامة إلى أنه تلقى أكثر من عرض من قبل البرنامج من ضمنها العمل في مجال الإسعاف وغير ذلك، بالإضافة إلى وظيفة طيار في إحدى شركات الطيران غير أنه رفض كونه تلقى عرضا للعمل في جهة محلية يعتقد أنها توفر له الامتيازات الأفضل. كما لفت المواطن «عبدالله ز.» أيضاً إلى أنه تلقى عرضا للعمل في وظيفة طيار لكنه امتنع عن حضور الامتحان والمقابلة الوظيفية لاعتباره أن هناك وظائف أفضل. وأوضح «عبدالله ز.» أنه «لا فرق بالنسبة إليه بين الوظيفة في القطاع الحكومي أو الخاص»، مشيراً إلى أهمية توافر الامتيازات المناسبة في حال كانت فرصة العمل لدى المؤسسات الخاصة. وفي هذا السياق، برر بطي على رفضه لفرصة العمل التي عرضت عليه من قبل البرنامج للعمل كطيار، إلى كونه ملتحقاً بالجيش، مشيراً إلى أن البرنامج كان تواصل معه مرتين لعرض الفرص الوظيفية عليه.
البحث عن مهنة بديلة
من جانبها، قالت سهيلة علي إنها كانت تلقت عرضاً وظيفياً من «برنامج الإمارات» للعمل في إحدى الشركات في قطاع التجزئة بمهنة محاسبة، لكنها رفضت العرض نظراً لكونها كانت تعمل في ذات المهنة لدى شركة أخرى، موضحة أنها دعيت من قبل البرنامج ثلاث مرات لحضور فعاليات أيام مفتوحة تم تخصيصها لإمكانية التوظيف في قطاع الفنادق وشركات البيع بالتجزئة حيث كانت قدمت سيرتها الذاتية للشركات المشاركة الا أنها لم تتلق الرد منهم. وأبدت علي جاهزيتها للعمل في مجال خدمة العملاء أو الاستقبال معربة عن أملها بسرعة الحصول على الوظيفة كونها تلتزم بسداد أقساط شهرية لأحد البنوك جراء حصولها على قرض شخصي».
بين القطاعين العام والخاص
وقال ناصر سالم إنه تلقى عروضاً وظيفية من البرنامج شملت وظائف في مهنة مندوب مبيعات وفي شركات الصرافة إلى جانب وظيفة في إحدى الدوائر الحكومية المحلية، موضحاً أن رفضه للوظيفة الأخيرة جاء كونها تقوم على أساس المناوبات اليومية الأمر الذي لا يناسبه نظراً لكونه يدرس في إحدى الجامعات ويرغب بالتحويل الى الدوام المسائي كي يتسنى له العمل، إلى جانب أن راتب الوظيفة المشار اليها يكاد لا يفي بالمصروفات الشخصية. واعتبر ناصر أن «العمل في القطاع الخاص أفضل كونه يوفر للشخص إمكانية تطوير ذاته وهو الأمر الذي لا يتوافر في القطاع الحكومي»، لافتاً إلى أن توفير الرواتب المناسبة يسهم في تشجيع المواطنين على الالتحاق بالمؤسسات الخاصة. وشددت نجلاء أحمد، الحاصلة على شهادة الثانوية العامة، على أنها ترغب بالالتحاق في وظيفة حكومية، موضحة أن برنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية أبلغها عن توافر فرصة للعمل في إحدى الشركات العاملة في قطاع التجزئة وأخرى في البنوك الا أنها رفضت ذلك معيدة ذلك إلى كونها لا تتأقلم مع العمل في قطاع البنوك.
راتب غير مناسب
وقال علي هارون، الحاصل على شهادة الثانوية العامة، إنه تلقى عرضين للعمل في مهنة مندوب مبيعات لدى شركتين في قطاع التجزئة حيث دعي الى إجراء المقابلة الوظيفية غير أنه استنكف عن ذلك نظراً لعلمة أن الراتب يبلغ 6 آلاف درهم. وأكد هارون جاهزيته للعمل في ظل توافر الراتب المناسب بحيث يكون في حده الأدنى 10 آلاف درهم، خصوصاً أنه المعيل لأسرته. وأعاد منصور البدواوي رفضه لوظائف عرضت عليه في القطاع الخاص الى تعارضها مع ظروفه كونه يلتحق بأحد الأندية الرياضية الأمر الذي يحتاج بموجبه الى التفرغ، مشيراً إلى أن ذلك لا يتوافر إلا في حال التحق بوظيفة حكومية. واعتبر منصور أن الانخراط في القطاع الخاص لا يجدي نفعاً بالنسبة إليه نظراً لقلة قيمة الراتب الذي عرض عليه والبالغ 6 آلاف درهم شهرياً. أما المواطن أحمد إسماعيل، فأشار إلى أنه رفض الوظيفة التي عرضت عليه من قبل البرنامج لثلاث مرات وذلك بسبب رغبته في استكمال الدراسة، موضحاً أن الوظائف المعروضة كانت في مجال الإسعافات وفي القطاع المصرفي. وفي هذا السياق، أكد عيسى الملا المدير التنفيذي لتطوير الكوادر الوطنية «ضرورة توافر الحافز الداخلي المطلوب لدى الباحثين عن العمل الأمر الذي من شأنه أن يدفعهم لقبول الوظائف التي قد لا تتناسب امتيازاتها مع طموحاتهم»، معتبراً أن الانخراط في أي وظيفة لا بد وأن يتولد عنه في البداية بعض الصعوبات التي سرعان ما تتبدد في حال وجدت القناعة بأهمية التدرج في تطوير الذات. وأضاف الملا، في معرض تعليقه على مبررات بعض المدرجين في «القائمة السوداء»، أن هناك باحثين عن العمل التحقوا في وظائف وفرها لهم البرنامج برواتب بدأت من ستة آلاف درهم غير أنهم يحصلون حالياً على رواتب تزيد على 10 آلاف درهم، معتبراً أن القبول بالراتب المعروض يعد أفضل من الجلوس في البيت بانتظار وظيفة أخرى لا سيما من حيث تفضيل طبيعة وظيفة على أخرى أو قطاع على آخر. ولفت أن البرنامج يمنح الباحث عن العمل أكثر من خيار وظيفي قبل أن يتم إدراجه على «القائمة السوداء»، موضحاً أن البرنامج يعاود التواصل مع المدرجين على هذه القائمة بعد مضي ستة أشهر لعرض الوظائف المتوافرة عليهم بما يتناسب ومؤهلاتهم. وأشا الملا إلى أن إدراج البعض في القائمة من شأنه أن يعزز فرص باحثين آخرين عن العمل والمقيدين في البرنامج وينظرون الى الوظيفة بالجدية المطلوبة. يشار إلى أن قاعدة بيانات برنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية تضم 15 ألفاً و925 باحثاً فعلياً عن الوظيفة تشكل المواطنات منهم ما نسبته 59%بواقع 11 ألفاً و279 مواطنة.
المصدر: دبي