فتحت أبوظبي كتابها ودعت العالم لكي يقرأ سطوره، فقد دوّنت فيه مسيرة ممتدة على طريق المعرفة، امتلكت مشروعية التأسيس والإضافة والتجذير والإثراء، لمشهد واسع ينطلق من حضارة «أم النار» ويصل ويتواصل مع كل الحضارات.
منذ أن جعل الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الكلمة معياراً للتلاقي والتفاعل، برعايته للدورة الأولى من معرض الكتاب قبل ثلاثة عقود، أصبح هذا المعرض، الذي يحمل عنوان أبوظبي، جسراً معرفياً عبرت فوقه أجيال من الكتّاب والناشرين والقرّاء، من مختلف أصقاع الأرض.
في دورته التاسعة والعشرين، التي انطلقت يوم أمس، لا يكرر معرض أبوظبي الدولي للكتاب نفسه، ولكنه يعيد إقرار الدلالات التي طبعت مسيرته. في قلب العاصمة يقيم المعرض في موعده السنوي الثابت، مختبراً للتجارب الفردية والمجتمعية. ويعيد صياغة الفكرة القائلة إن القوة تكون بالمعرفة أو لا تكون، وإن قوة المعرفة تبقى أمنع من كل قوّة مادية يحكمها الجهل.
معرض أبوظبي للكتاب، بات أوسع من مكان تجتمع فيه عناوين المؤلفين ومصالح الناشرين ورغبات القرّاء، هو موسم تلتقي فيه طاقات الإبداع التي تمثلها مبادرات استمدت شخصيتها من ذاكرة المدينة وحاضرها. منها «جائزة الشيخ زايد للكتاب» التي كرّمت مئات المبدعين والباحثين من العرب والأجانب. ومنها أيضاً «الجائزة العالمية للرواية العربية» التي رسّخت مكانة هذا الفن الأدبي الراقي.
احتفاء معرض أبوظبي برموز الثقافة المحلية والعربية، مثل الشاعرة الراحلة عوشة بنت خليفة السويدي «فتاة العرب»، لا يضاهيه إلا احتفاؤه برموز الشعوب الأخرى، والتي تمثلها هذه الدورة ضيف الشرف الهند بثقافتها العريقة وحضارتها المتعددة الرحبة.
تفتح أبوظبي صفحات كتابها أمام الجميع، فيطالعون فيها سمات المدينة التي أصبحت بحكم التجربة عاصمة دائمة للثقافة.

"الاتحاد"