لجنة تحكيم البوكر: لا قانون يمنع منح الجائزة لروايتين معاً
على العكس تماماً من الدورة السابقة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية)، لم تثِر هذه الدورة أي عاصفة جدية، حتى لحظة الإعلان عن الجائزة مساء أمس الأول في أبوظبي، فهل يؤدي قرار لجنة التحكيم بمنح الجائزة مناصفة بين المغربي محمد الأشعري والسعودية رجاء عالم إلى مثل تلك العاصفة؟ “الاتحاد” استطلعت آراء أعضاء لجنة التحكيم وكانت هذه الحصيلة:
قال فاضل العزاوي (رئيس لجنة التحكيم ـ العراق): لقد امتاز عملنا بانسجام وتفاهم كاملين، فعندما تكون هناك أي ملاحظة فإنها تُناقش بديمقراطية فيكون هناك نقد وإبداء لآراء دون أن تكون هناك أسباب لإثارة أي دواعٍ لمشكلات، على العكس من ذلك فقد اخترنا القائمتين الطويلة والقصيرة وكذلك الروايتين الفائزتين بالإجماع.
أما سعيد يقطين (عضو لجنة تحكيم ـ المغرب) فقال: لن أتحدث عن أي لغط أثير حول نتائج سابقة، منذ أن تم اختيارنا كلجنة تحكيم حاولنا أن نتواصل وأن نضع معايير لتقييم الروايات وبعد النقاشات حول المعايير العامة تم الاتفاق عليها، وتمت ممارسة قراءة الروايات والتمييز بينها. ففي اللائحة الطويلة اقترح كل واحد منا عشرين رواية تقريبا، ولاحظنا أن هناك تقاربا كبيرا جدا بين الروايات التي اقترحناها، ثم جرى نقاش حول ما لا يتعدى ست عشرة رواية تم الاتفاق عليها بعد نقاشات هادئة وفقا للمعايير التي كنا قد التزمنا بها واستبعدنا كل ما ما ليس له علاقة بتلك المعايير، علماً بأن الحضور النسائي في هذه الروايات كان مهما ولافتا للانتباه في هذه التجربة وتتناول موضوعات ساخنة أو مثيرة أو غير واقعية أو ما شابه ذلك.
وقالت منيرة القاضي (عضو لجنة التحكيم ـ البحرين): أنا في الحقيقة محظوظة جدا لاختياري في لجنة التحكيم التي كانت متجانسة كثيرا ومتآلفة، وحتى لم تحدث اختلافات في الرأي فقد كان هناك الكثير من الرقي في التعامل واحترام الرأي الآخر، إلى حدّ أننا كنا نقف بالنقاش عند مفاصل محددة لأن الهدف من هذه الأعمال الروائية ذاتها هو الوصول إلى التمايز الفني بحيث نخرج في النهاية بالقائمة الطويلة ثم القائمة القصيرة، إلى أن خرجنا بالنتائج التي فاز بها محمد الأشعري ورجاء عالم. إنني أشعر بالرضا تماما وسعدت بأنه نقاش طويل توصلت اللجنة إليه وبموافقة جميع أعضاء لجنة التحكيم خرجنا بأن “القوس والفراشة” و”طوق الحمام” هما عملان متوازيان بالمعنى الفني وسوى ذلك على الرغم من اختلاف العوالم. كنا نشعر بأن لدى اللجنة ميزاناً خفياً موجوداً في هذا الفضاء وأن الكتابين متوازيان ولم ترجح كفة أحدهما على الآخر. وأظن أن كل أعضاء اللجنة سعيدون بهذا الاختيار.
أما عضوة لجنة التحكيم يزابيلا كاميرا دافليتو (إيطاليا) فقالت: كانت التجربة مهمة بالنسبة لي فكيف أستطيع أنا التي أعيش كمستعربة خارج العالم العربي أن أفهم الأجواء الروائية، فهذه الرواية من المغرب وأخرى من مصر وسوى ذلك فكيف أستطيع المشاركة. في اللقاء الأول للجنة التحكيم كنت خائفة جدا لأنني قد أقرأ كتبا للآخرين، لكن عندما التقينا اكتشفت أن علي قراءة عشرين رواية فأكثر بقليل، فقرأت من العشرين اثنتي عشرة رواية وعندما ذهبت للقاء كنت مرتاحة، خاصة أن هناك نوعاً من التوافق مع أعضاء آخرين في النظر إلى ما تم استبعاده من قبلي من روايات.
وقال أمجد ناصر (عضو لجنة التحكيم ـ الأردن): إن الخيارات من قائمة الست عشرة وحتى القائمة القصيرة قد لاقت استحسانا عربيا وتحديدا في الوسط النقدي الذي يتابع المشهد الروائي، وهناك أيضا وسط قارئ للرواية العربية، ومن خلال تنقلي في عدد من الأمكنة سمعت من القراء الذين تابعوا هذه الروايات وقرأوها أنها جيدة. أما على مستوى القائمة الطويلة ثم على مستوى القائمة القصيرة فقد تصفّت الأمور أكثر، وبطبيعة الحال جاءت الآن ما يمكن أن نسميها بضربة الختام والتي اخترنا منها روايتين بدلا من رواية واحدة.
أما اعتبارات الاختيار فكانت أسلوبية وفنية ولم يكن هناك أي اعتبار جغرافي ولا جندري أو له علاقة بالعمر أو الموضوعات. فرواية رجاء عالم تختلف كليا عن رواية محمد الأشعري على المستوى الجمالي وكذلك المقاربة. رواية رجاء عالم تركز على المكان المكي (نسبة إلى مكة) إلى حدّ أنني سميت هذه الرواية بموسوعة مكة. أما محمد الأشعري فتناول لحظة معاصرة في الحياة المغربية نعرفها وأدت إلى تغيرات في الحياة السياسية المغربية. لقد قدمنا كلجنة تحكيم روايتين لتكونا في دائرة الضوء النقدي العربي بدل رواية واحدة بالتالي أظن هنا أن الفائدة قد أصبحت مضاعفة. وقد تجد البعض ممن يقولون هذه الرواية تستحق كذا والأخرى تستحق ذاك فهذا في آخر الأمر قرار لجنة التحكيم، ومن المهم أن أقول إنه قرار قد اتخذ بالإجماع بعد نقاش طويل. وفوز روايتين بجائزة واحدة كان استثناء على الرغم من أن قوانين الجائزة لا تشير صراحة إلى أن الجائزة ينبغي أن تكون واحدة.
المصدر: أبوظبي