من منا لا يحب أن ترجع عقارب الساعة الى الوراء ليعود طفلاً مرة أخرى يلهو ويلعب ويركض. إن أحداً منا لا يمر عليه يوم واحد دون أن يتذكر هذا العالم السعيد الخالي من الهموم. ونحن الآباء والأمهات نملك هذه الفرصة الذهبية كل يوم، لكننا نتركها تفلت من أيدينا، فضغوط الحياة تسرق منا هذه الفرصة وأحياناً نجد أنفسنا أمام سؤال نسأله لأنفسنا، أو يلقيه علينا أحد غيرنا: «إلى مدى تفيد تلك الساعات التي نقضيها في صحبة أبنائنا واللعب معهم؟» إن هذا السؤال هو مثار قلق لدى أي أم لا يبدي زوجها أي ميل لمداعبة الأطفال، أو هو دائم الغياب عن المنزل لأنه مشغول بالعمل، وليست لديه فرصة لكي يرى أولاده إلا مرة أو مرتين كل أسبوع، لأن الأب عندما يعود من العمل يكون الابن نائماً، وعندما يخرج للعمل يكون نائماً أيضاً. وهكذا انقلبت المسألة الى حلم نرغب فيه جميعاً، هو أن نعود أطفالاً. وهذا يتحقق عندما نقضي عدداً من الساعات في صحبة الأبناء. وانقلبت الأمنية الى مشكلة، لأن ضغوط الحياة تمنعنا من ذلك. وأصبح الأب يشعر بالذنب وهو يقرأ المقالات التي يتحدث فيها علماء التربية عن ضرورة أن يقضي الأب مع أطفاله بعض الوقت كل يوم أو كل أسبوع على الأقل، فمن بين أسباب عدم تكيف الطفل مع المجتمع هو اختفاء الأب من حياته رغم أنه موجود. وهكذا فلا يستطيع الطفل أو الطفلة أن يكونا فكرة واضحة عن دور الرجل عموماً في الحياة. وهذا يولد أول إحساس بعدم الأمان. ولذلك فإن بعض الأمهات يصرخن في الأزواج وتطالب كل امرأة زوجها بأن يقضي بعض الوقت في رعاية أبنائه. كما أن الطفل لا يستطيع أن يجد المتعة الكاملة في اللعب مع أمه لأنه معها معظم الليل والنهار وبينهما دائماً قدر من المشاكل لا يترك وقتاً للعب أو المرح. وهكذا تزيد هموم الرجل ويقرر أن يخصص جزءاً من وقته ليقضيه مع أطفاله، خصوصاً عندما تقول له الأم «العب مع أطفالك»، إنه يشعر أنه مرغم على ذلك ويشعر أن الجلوس مع الأطفال هو «واجب ثقيل الدم»، ويحس أنه حتى في وقت فراغه لن يستمتع بهواياته، وهكذا يصبح الجلوس مع الطفل شيئاً مختلفاً، ومصطنعاً ومليئاً بالزيف لأن هذه الجلسة «مفتعلة». خورشيد حرفوش dunia@admedia.ae