ناصر الجابري (أبوظبي)
أعلنت سلامة عجلان العميمي، مدير عام هيئة «معاً» للمساهمات المجتمعية، عن أن الهيئة ستعمل ضمن 4 محاور رئيسية تشمل برنامج المشاركة المجتمعية وسندات الأثر الاجتماعي، إضافة إلى برنامج الحاضنة الاجتماعية، بهدف تفعيل جهودها في منظومة التنمية المجتمعية المستدامة في إمارة أبوظبي، وكذلك صندوق للاستثمار الاجتماعي في أبوظبي قريباً.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته الهيئة أمس، بمقرها في أبوظبي للإعلان عن استراتيجيتها، بحضور عدد من ممثلي الجهات المجتمعية في إمارة أبوظبي، إضافة إلى ممثلي وسائل الإعلام.
وقالت العميمي: جاء تأسيس هيئة «معاً» بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في فبراير من العام الجاري، حيث تندرج الهيئة ضمن محور تنمية المجتمع في برنامج أبوظبي للمسرعات التنموية «غداً21».
وأضافت: تتلخص مهمتنا في تمكين المجتمع في أبوظبي من التعاون والمساهمة في تحقيق الصالح العام، حيث سنجمع بين القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المدني لاحتضان حلول جديدة ومبتكرة للتحديات الاجتماعية، وتنمية قطاع مجتمعي مستدام يكون له تأثير طويل الأجل في حياة الناس.
وتابعت: تتجذر المبادئ التي تأسست عليها الهيئة في تاريخ وإرث دولة الإمارات والمبادئ التي أرساها الأب المؤسس، المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ونستلهم خطانا من القيم النبيلة وثقافة العطاء والمشاركة المتأصلة في المجتمع الإماراتي، وسنعمل على وضع نهج مبتكر يساهم في بناء مجتمعات متماسكة وراسخة مستوحاة من تاريخنا في ظل مسيرة التسامح.
وأشارت العميمي إلى أن الهيئة ستعمل على نشر مفهوم التعاون والمسؤولية وريادة الأعمال الإبداعية، وذلك من خلال التأكيد على دور المساهمة المجتمعية وثقافة التطوع والمسؤولية المشتركة لتصبح عنصراً أساسياً في النسيج الاجتماعي، وذلك انطلاقاً من التزامها بتكريس مبادئها والقيم الأخلاقية والإنسانية في العطاء والتركيز على المجتمع ونهضته.
ولفتت إلى أن الهيئة ستكون المسؤولة عن دعم بناء القطاع الثالث في أبوظبي، من خلال المساعدة على تأسيس المنشآت الأهلية من مؤسسات وجمعيات، والمؤسسات الاجتماعية للمساهمة في تطوير مجتمعات متماسكة تتسم بالنشاط والترابط، خاصة مع وجود الحاجة إلى تفعيل دوره وتأسيس القاعدة التي يبنى عليها القطاع.
وأوضحت أن القطاع الثالث يطلق على المنشآت الأهلية من مؤسسات وجمعيات ومؤسسات النفع العام والمؤسسات الاجتماعية والخيرية وغيرها، حيث سيقدم القطاع مساهمة كبيرة للمجتمع ضمن 4 مهام رئيسية تشمل فهم شرائح المجتمع والاحتياجات الاجتماعية في الإمارة، وتصميم وتقديم حلول مبتكرة لمواجهة التحديات الاجتماعية، وإنشاء مجتمعات متماسكة وفعالة ومترابطة و تعزيز قطاع الاقتصاد من خلال المؤسسات الاجتماعية.
ولفتت إلى أنه تم تصنيف دولة الإمارات في المركز 12 عالمياً في مؤشر العطاء الإنساني العالمي للعام 2018، حيث تلعب المؤسسات الخيرية دوراً محورياً وهاماً في حياة كافة أفراد المجتمع ضمن التحديات الاجتماعية المشتركة في جميع دول العالم، من خلال تصميم حلول مبتكرة لدمج أصحاب الهمم والارتقاء بنمط حياتهم ورعاية المسنين، إضافة إلى المشاكل الصحية المرتبطة بنمط الحياة.
وأشارت سلامة العميمي إلى التزام الهيئة بالعمل على إحداث تأثير اجتماعي إيجابي في أبوظبي، عبر تطوير برامج وشراكات استراتيجية تهدف إلى توجيه الجهود الخيرية التي يبذلها مختلف قطاعات المجتمع نحو تحقيق الأهداف المشتركة والتي تعود بالنفع على المصلحة العامة.
وحددت رؤية الهيئة بأنها «معاً نحو مجتمع متعاون»، ضمن مهمة المساهمة في تطوير المجتمع من خلال تفعيل الابتكار الاجتماعي ونشر ثقافة العطاء والمشاركة في المجتمع المدني، بينما تشمل قيم الهيئة 5 قيم تتمثل في ثقافة العطاء والمجتمع أولاً والالتزام بتحقيق النتائج والابتكار الاجتماعي والمسؤولية الاجتماعية.
الاستثمار الاجتماعي
وأكدت مدير عام هيئة «معاً» للمساهمات المجتمعية، أن الهيئة ستطلق صندوق الاستثمار الاجتماعي لدعم المشاريع الاجتماعية، حيث ستتعاون مع الشركات الحكومية والخاصة لتوجيه الأموال إلى المبادرات الاجتماعية الرئيسية، وسيتم على إثرها تصميم خطط لجمع التبرعات واعتماد استراتيجيات واضحة لمسار العمل.
وأشارت إلى أن الهدف الاستراتيجي المتمثل من الصندوق يهدف إلى إنشاء قنوات لتمويل مؤسسات العمل الاجتماعي وتوجيهها، حيث سيتم تأسيس قنوات داعمة لجمع التبرعات وتخصيصها لمؤسسات العمل الاجتماعي.
ولفتت إلى أن الصندوق سيدعم من خلال 3 فئات رئيسية تشمل الحكومة والقطاع الخاص والأفراد الراغبين بالمساهمة في دعم القطاعات الاجتماعية، حيث سيهدف الصندوق إلى إيجاد التحفيز للمشاركة في البيئة التي لها الأثر الاجتماعي الهام، بهدف تقديم الدعم المالي لأجل الخدمة المجتمعية.
ورداً على سؤال لـ «الاتحاد» حول دور الهيئة في تشجيع القطاع الخاص للانتقال من الفكر الاستثماري الشامل إلى الفكر الاجتماعي، أوضحت العميمي أنه من الطبيعي استمرارية الأعمال الاستثمارية الهادفة للربح باعتبارها جزءاً من الاقتصاد الوطني، لكن يوجد أيضاً مفهوم المشاريع الاجتماعية بدول العالم، ولاحظنا في السنوات السابقة رغبة الكثير من رجال الأعمال للمشاركة بأموالهم لتنمية المجتمع والآن نوفر لهم هذه المنصة عبر الصندوق.
وأوضحت العميمي أنه سيتم الإعلان خلال المرحلة المقبلة عن رأس المال الذي سيبدأ به الصندوق، كما سيتم الإعلان عن مجموعة من الشراكات والتعاونات مع عدد من شركات القطاع الخاص والتي ستعمل مع مختلف القنوات الأخرى الداعمة للصندوق لتفعيل الدور المطلوب في الجوانب الاجتماعية المختلفة.
وأشارت إلى أن الهيئة ستقود موجة التحول الثقافي والمجتمعي في أبوظبي لتعزيز ثقافة العطاء وتحديد احتياجات المجتمع الاجتماعية والتطوعية، من خلال إطلاق برنامج المشاركة الاجتماعية والذي يعمل على الاستفادة من فرص ومبادرات المشاركة المجتمعية الحالية، والمساهمة في تقديم وتأسيس المشاريع والجهود التطوعية الجديدة، إضافة إلى دعم جهود المؤسسات في تطوير تجربة التطوع وجعلها مجزية من خلال توجيه جهود الأفراد نحو البرامج الاجتماعية الأنسب من أجل تحقيق الصالح العام.
ولفتت إلى وجود العديد من المؤسسات العاملة للقطاع التطوعي ومنها مؤسسة الإمارات، إضافة إلى وجود المنصة الوطنية للتطوع التي استقطبت مئات الآلاف من الراغبين بالمشاركة، وستتيح الهيئة إمكانية قياس أثر العمل التطوعي على الخدمة المقدمة للمجتمع وتنظيمها بما يعزز من دور الأعمال المجتمعية وتحديد نتائجها ومخرجاتها سواء على الخدمة المقدمة أو المتطوع.
وبينت أن التطوع يشكل قيمة رئيسية هامة في منظومة الأعمال، حيث برهن المتطوعون على دورهم الهام عبر التواجد في مختلف الفعاليات والمؤتمرات، وتواجدهم الفعال في المحافل المقامة بالدولة، إضافة إلى التطوع في الجهات الخدمية الأخرى، انطلاقاً من قيم الولاء للوطن والرغبة في اكتساب التجربة والخبرة التي لها بالغ الأثر على مجموعة المهارات الشخصية والقدرات اللازمة لتنمية الموارد البشرية في مختلف القطاعات.
التعاقد الاجتماعي
وأكدت العميمي أن الهيئة ستطلق نظام التعاقد الاجتماعي وهو نظام تعاقدي مالي جديد لأول مرة في المنطقة، ويعتبر النظام الجديد بمثابة عقد اتفاق أو أداة مالية للاستثمار في برامج عمومية أو حكومية، حيث يتم الالتزام بتحقيق نتائج اجتماعية ملموسة، ويكون التمويل فيها مشروطاً بتحقيق هذه النتائج، ضمن مفهوم «الدفع مقابل النجاح».
وأعلنت سلامة العميمي عن إطلاق الهيئة في الثاني من مايو المقبل لبرنامج الحاضنة الاجتماعية، والذي يهدف إلى إحداث تأثير إيجابي ملموس ينعكس أثره على المجتمع بشكل مباشر من خلال دعم وتمكين نمو القطاع الثالث، مما سيساهم في ترسيخ مكانة أبوظبي كمركز لريادة الأعمال الاجتماعية.
ولفتت إلى أن البرنامج سيقدم الدعم للشركات والمؤسسات الاجتماعية الناشئة من الناحية المالية، وتقديم الدعم لخدمات الأعمال وتأمين مساحات شاغرة لمرافق العمل، وسيتمكن المشاركون من التواصل مع الخبراء وتنظيم حلقات حوارية للعصف الذهني، بالإضافة إلى الدورات التدريبية وعقد المؤتمرات. وبينت أن معطيات ونقاط البرنامج تتسم بالتنافسية والحث على الابتكار، وفقاً لمجموعة من دورات متسلسلة للفرق المشاركة تمتد على مدى 6 أشهر، حيث سيتم البدء بمحور أصحاب الهمم كأول موضوع في البرنامج، كما سيتم خلال العام الجاري إطلاق محور كبار المواطنين ضمن برنامج الحاضنة الاجتماعية. وأوضحت أن سبب اختيار أصحاب الهمم يأتي بناء على نتائج مسح جودة الحياة الذي أطلقته دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي وأهم مخرجات المسح، إضافة إلى عمل الجهات المجتمعية على الاستراتيجية الشاملة لأصحاب الهمم والدعم اللا محدود الذي تنتهجه القيادة الرشيدة بالتركيز على تطوير منظومة الخدمات ودور أصحاب الهمم مجتمعياً.