محمد إبراهيم (الجزائر)
زخم كبير شهدته الساحة السياسية الجزائرية، أمس، تصدره عقد اللقاء التشاوري الذي دعت له الرئاسة الجزائرية، لبحث تشكيل هيئة مستقلة تتولى التحضير والإشراف على الانتخابات الرئاسية المقبلة، وغياب الرئيس الجزائري المؤقت عنه، إضافةً إلى توقيف 5 رجال أعمال مقربين من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، واثنين من القادة العسكريين السابقين باتهامات تتعلق بالفساد.
ومن بين الموقوفين رجل الأعمال أسعد ربراب، مالك مجمع «سيفيتال»، في اتهامات متعلقة بتورطه في قضايا حركة رؤوس الأموال من وإلى الجزائر، وتقديم فواتير كاذبة واستيراد عتاد قديم رغم حصوله على امتيازات جمركية، بالإضافة إلى أربعة أخوة من أسرة كونيناف (رضا وطارق وعبد القادر وعبد الكريم) بتهمة عدم الالتزام بالعقود التي أبرموها مع الدولة، واستعمال النفوذ للحصول على عديد الامتيازات دون استحقاق.
ومعروف عن رجال الأعمال الخمسة أنهم كانوا على علاقة بالدائرة المقربة من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وعلى الأخص شقيقيه السعيد والناصر.
ومثل الخمسة أمام المحكمة، أمس، لمواجهة اتهامات من وكيل الجمهورية (النائب العام) عقب اعتقالهم في إطار تحقيق في قضايا فساد.
وتعد هذه الاستدعاءات حلقة جديدة في مسلسل ملاحقة رموز نظام بوتفليقة المتهمين بالفساد، والذين أسماهم الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع رئيس الأركان الجزائري، بـ«العصابة» في أكثر من مناسبة.
كما أصدر القضاء العسكري الجزائري أمراً بالحبس المؤقت بحق الجنرال باي سعيد، القائد السابق للناحية العسكرية الثانية، بالإضافة إلى أمر القبض على الجنرال شنتوف حبيب، القائد السابق للناحية العسكرية الأولى، بتهم تبديد أسلحة وذخيرة حربية ومخالفة التعليمات العامة العسكرية.
وبحسب ما قاله محمد لخضر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، فإن تحرك العدالة الجزائرية لتوقيف المتهمين بالفساد يأتي في إطار تهدئة الشارع. وقال لخضر لـ«الاتحاد»: إن «جميع الموقوفين من المحسوبين على النظام القديم، وباتوا كروتاً محروقة، ولا ضرر من التخلص منهم، بل إن تقديمهم للعدالة سيهدئ الشارع نوعاً ما».
وبدا غريباً غياب الرئيس الجزائري المؤقت، عبد القادر بن صالح، عن اللقاء التشاوري رغم كونه الداعي له، وأناب عنه في الحضور، حبة العقبي، الأمين العام للرئاسة الجزائرية، فيما أعلنت أغلب الأحزاب السياسية رفضها اللقاء، ومنها أحزاب حركة البناء الوطني الحرية والعدالة، والعمال، وحركة مجتمع السلم، وجبهة العدالة والتنمية، والجبهة الوطنية الجزائرية، وطلائع الحريات، والحزب الوطني للتضامن والتنمية، بالإضافة إلى حزبين من الأغلبية البرلمانية، وهما تجمع أمل الجزائر «تاج»، والحركة الوطنية الشعبية.
وبرر المحلل السياسي الجزائري، علي داسة، غياب ابن صالح عن اللقاء بأنه أدرك أن اللقاء سيكون مجرد جلسة للحديث من جانب واحد. وأضاف داسة لـ«الاتحاد»: أن «غياب عدد كبير من الأحزاب والشخصيات السياسية، التي وجهت لها الدعوة للقاء، يعكس عدم اعترافهم بابن صالح رئيساً، وانحيازهم لصف الشارع الذي يطالبه بالتنحي». وقال: «أعتقد أن لقاء الأمس كان كاشفاً، ولم يعد أمام ابن صالح سوى الاستقالة».
وعقب الجلسة، قال حبة العقبي، الأمين العام للرئاسة الجزائرية، للصحفيين: الانتخابات الرئاسية المقررة في 4 يوليو المقبل ستجرى في موعدها الدستوري المقرر.
وأضاف العقبي أن «المشاورات التي بدأها الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح مع الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية ستتواصل حتى الانتخابات الرئاسية التي ستجري في موعدها المفروض دستورياً المحدد يوم 4 يوليو القادم»، مشيراً إلى أن هذه المشاورات ترتبط بمستقبل البلاد وبتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وتهدف لإرساء الديمقراطية والتأسيس لنظام سياسي جديد. وتابع قائلاً: إن «الانتخابات الرئاسية القادمة المقرر إجراؤها في 4 يوليو القادم مثلما أعلن عنها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح هو أمر مفروض دستورياً».
وعن تعليقه على مقاطعة أغلب الأحزاب السياسية للقاء، قال العقبي «رئاسة الجمهورية وجهت الدعوة للجميع، من أجل التشاور حول موضوع هام، وللمعارضة منطقها الخاص».
وبحسب وثيقة تتضمن مسودة لمشروع تأسيس هيئة مستقلة للتحضير والإشراف على الانتخابات، بحثها اللقاء، واطلعت عليها «الاتحاد» فإن الدولة الجزائرية تعتزم إنشاء هيئة وطنية مستقلة مكلفة بتحضير وتنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 4 يوليو المقبل بشكل عاجل لتمكينها في أقرب وقت من التكفل بكل المسار الانتخابي.
وقالت الوثيقة: إن تنصيب هذه الهيئة يأتي في إطار «تطبيق التزامات رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، والتي تضمنها خطابه الموجه للأمة في التاسع من الشهر الجاري»، كما أن «الضرورة الدستورية تفرض تشكيل هذه الهيئة الجامعة بشكل عاجل لتمكينها في أقرب الآجال من التكفل بكل المسار الانتخابي، وهو الأمر الذي يستدعي تحديد النص القانوني المتعلق بهذه الهيئة والتصديق عليه.