شهد مهرجان “طيران الإمارات” للآداب، في يومه الختامي أمس، عدداً كبيراً من الفعاليات الأدبية والفكرية والفنية، الصباحية والمسائية، وكان من أبرزها ندوة بعنوان “تاريخ بلادنا غير المروي.. غير المكتوب”، شارك فيها كل من الباحث التراثي عبدالعزيز المسلم، والباحث الأكاديمي في التاريخ الشفوي الدكتور سالم حميد. في ورقة بحث مطول قدمها الدكتور سالم حميد يبدأ بالسؤال عن الإضافة التي قدمتها الكتب والدراسات التي كتبت عن تاريخ الإمارات، وماذا يميز تلك الدراسات عن تلك التي كتبت بلغات أخرى، وما الجديد الذي قدمته، وما المصادر التي تم الاعتماد عليها، وما أوجه القصور فيها، وما أسباب التحفظ في نشر دراسات أو مخطوطات بحجة أنها قد تثير الحسية؟ وحول التاريخ الإماراتي قال الباحث إننا يمكن أن نجد وفرة في التاريخ السياسي في أرشيفات ودراسات كثيرة، إلا أن ثمة نقصا في التاريخ الاجتماعي والاقتصادي، حيث الأبحاث قليلة. وهناك مشكلة تخص كتابة تاريخ الإمارات هي اعتبار الأرشيف البريطاني من أهم المصادر التاريخية، وينبغي رفض أخذ هذا التاريخ من دون تمحيص وتحليل ومقاربة مع ما كتبه أو سرده الأجداد. ويجب الالتفات إلى المصادر العربية وخصوصا ما جاء في المخطوطات العمانية التي يشهد لها بالاهتمام في تدوين التاريخ. وبخصوص المخطوطات المحلية، يقول حميد إنها تعد على أصابع اليد الواحدة، وأشهرها مخطوطات كتبها الشيخ محمد بن هلال الظاهري (والي حاكم أبوظبي الشيخ زايد بن خليفة أو زايد الكبير على واحة العريمي)، وهناك ما كتبه المؤرخ التربوي الإماراتي الرائد عبدالله بن صالح المطوع في ثلاث مخطوطات اثنتان بعنوان “الجواهر واللآلي في تاريخ عمان الشمالي”، إضافة إلى مخطوطة بعنوان “عقود الجمان في أيام آل سعود في عمان”. ومن المخطوطات الجديرة بالإشارة مخطوطة بعنوان “رسائل السركال” المستخلصة من رسائل الوكلاء الوطنيين للمصالح البريطانية، ما بين 1852 و1935. وممن أسهموا في كتابة بعض الأحداث الأديب مبارك بن سيف الناخي، وحمد بوشهاب وسواهم. ومن جهته تناول الباحث عبدالعزيز المسلم الموضوع من وجهة نظر ميدانية في جمع الروايات الشفهية من الرواة الذين عايشوا الأحداث مباشرة، وأشار إلى أنه لا يثق كثيرا بروايات الأجانب الذين يأتون أحيانا بمهمات مشبوهة، ولهذا هناك ضرورة للاعتماد على الروايات الشفاهية للمواطنين. واتخذ المسلم من الراوي جمعة بن حميد بن خلفان نموذجا للراوي الذي عايش حياة البحر وحمل ذاكرة التحولات في الإمارات فكرا وحياة وأدبا وسياسة، فقد كان موجها تربويا ومصلحا اجتماعيا ومقربا من الحكام، فرسم ملامح الشارقة التراثية والمعمارية، وتناول حياة البحر وأنواع السفن والشعر الذي قيل في حياة البحر، وهو من الرواة الذين كرمتهم دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة إلى جانب مجموعة من الرواة أبرزهم راشد الشوق وراشد الصوري. ومن بين الفعاليات التي شهدها يوم أمس ندوة حول “سلطة الترجمة” بمشاركة المترجم والكاتب بشير المفتي وآخرون تناولوا فيها ما تقوم به الترجمة من دور في التواصل بين الآداب والثقافات، وانتقال القارئ من عالم إلى عالم واجتماع غرباء لا تجمعهم أي صلات جغرافية أو ثقافية. وفي جلسة أخرى تم تناول الجائزة العالمية للرواية العربية تناول كل من محمد الأشعري وناصر عراق وبشير المفتي المكانة العالمية لهذه الجائزة، خصوصا مع اقتران اسمها بأسماء وتجارب روائية عربية ذات مكانة راقية. وقد فاز الأشعري بهذه الجائزة في العام 2011، بينما فاز بها كل من ناصر عراق وبشير مفتي ضمن القائمة القصيرة لهذا العام 2012. وفي جلسة مع الكاتب عبدالعزيز المحمود جرى تناول كتابه “معارك القرصان في لجة البحار الهائجة” وهو رواية تقع أحداثها في بدايات القرن التاسع عشر في فترة من أهم فترات التاريخ في الخليج العربي، ويستند المؤلف على خلفية الصراع الدامي بين البريطانيين وقبائل منطقة الخليج للسيطرة على المنطقة وحقول النفط تحديدا.