نوف الموسى (دبي)

انطلق مهرجان دبي للمسرح المدرسي، في نسخته الثانية، صباح أمس، في ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وذلك ضمن المبادرات الاستراتيجية لهيئة دبي للثقافة والفنون، الهادفة إلى زيادة الوعي الفني، ورفد البيئة المسرحية المحلية بطاقات إبداعية ناشئة، الأمر الذي من شأنه أن يثري مجدداً المنصات الإعلامية والتعليمية والثقافية بأسئلة نوعية حول الفنون الأدائية، باعتبارها المنصة الإبداعية الأكثر تجسيداً لماهية التأثير المباشر والحيّ، على مخيلة الأطفال واليافعين، ما يطرح مجدداً مسألة إقرار «المسرح» في المنهاج المعرفي للطلبة، والاشتغال على بناء ذائقة فنية عبر مجتمعات البيئة المدرسية.
وجاءت ظلال المسرحي الراحل حميد سمبيج، كأطياف بين ابتسامات الأطفال العفوية، أثناء تكريمه من قبل القائمين على الحدث، بشخصية العام، تقديراً لجهوده في المسرح الإماراتي. وأوضح سعيد النابودة، بأن حميد سمبيج، تم اختياره ضمن أعضاء لجنة مهرجان دبي للمسرح المدرسي هذا العام، إلا أن المنية وافته، (رحمه الله)، مضيفاً أن تكريمه يبتغي إبراز دوره في الإشراف على المسرح المدرسي في وزارة التربية والتعليم. وقامت (دبي للثقافة) في حفل الافتتاح بتكريم آخر شمل لجنة التحكيم التي يترأسها المسرحي محمد العامري، وتضم في عضويتها: وليد راشد الزعابي، سميرة أحمد، محمد حاجي، ومحمد سعيد السلطي.
شهد الحدث عرضاً افتتاحياً لمدرسة جميرا النموذجية للتعليم الأساسي للبنات، بعنوان: «التاريخ شاهد يا زايد»، بحضور سعيد النابودة، المدير العام بالإنابة لهيئة دبي للثقافة والفنون، ونخبة من المثقفين والفنانين والمعلمين من 13 مدرسة مشاركة بمراحلها (الابتدائية والإعدادية والثانوية).
صوت الأقدام الصغيرة، على بقع الضوء في مسرح (الندوة)، كان ملفتاً بعض الشيء، يتيح للمتلقي إدراك معنى أن يكتشف الطلبة فضاءات المسرح، خاصة عندما بدأت الشخصيات في العرض الافتتاحي بإلقاء حواراتها بالتتابع، حضر بالتوازي طلبة آخرون يشغلون مهمة تحريك مجسمات (سينوغرافيا)، ليكتمل المشهد بإحساس الأوبريت الغنائي عبر رقصات احتفائية بمعاني الوطن. المدهش في مشاهدة أداء الأطفال، هو أن تترك الخشبة لهم، في نهاية الأمر، فالمشرفون والمعلمون يقفون في الكواليس، وتسقط في تلك اللحظة توجهاتهم التنظيمية، ويتحرر الطلبة نحو مخزونهم اللغوي وأفقهم الخاص، لذلك تبدأ الهفوات البسيطة بالوقوع بين الفينة والأخرى، ولكنها بالنسبة للأطفال تصبح واقعية، يتعاملون معها بأنها أمر عادي، بل تتحول إلى جزء من العرض.
الطفل في العروض المسرحية، لا يتعلم فقط أن يقف على خشبة المسرح، بل يدخل في تجربة الحياة ككل، يتحسس اللون من الإضاءة، ويفهم الرائحة من شكل الملابس التي يرتديها، ويفهم الإيماءة من تلقائية الجملة في الحوار المسرحي، يتحول بين الممثلين إلى الجمهور، ويدرك مفهوم الانفتاح في التعبير عن نفسه وأفكاره، ويستوعب أهمية أن يحضر ويشارك في العروض المسرحية.