«المندوس» قديماً كان قلب البيت الذي يخفي في حناياه وقائع حياة أجدادنا وذكرياتهم، يفتحون بابه ليلقوا إليه بأشيائهم الغالية إن بقيمتها أو معناها، ليحفظها لهم. و»المندوس» هو صندوق خشبي أو معدني أشبه بالخزانة لكل من المرأة والرجل، كانت النسوة تستخدمه في حفظ الملابس والحلي وأدوات الزينة والعطور والأغراض الأخرى، فيما يستخدمه الرجال لحفظ الملابس والأسلحة ومعداتها، فضلاً عن حفظ المال وأمانات الآخرين الذين لايمتلكونه في بيوتهم. يتصف المندوس بجماليات فنية تنمّ عن إبداع صانعها ومهارته الحرفية، إذ يمتاز بتعدد زخارفه المعدنية ووضوح نقوشه، وبأدراجه المصطفة في أسفله، وبحجمه الكبير مما يسمح بحفظ شتى الأغراض بداخله. يقول محمد رجب- الباحث في نادي تراث الإمارات: «يتفق صنّاع المندوس والمستهلكون على أن «أبو النجوم» هو المندوس الأجمل، فالذائقة الجمعية ترى في تشكيلات النجوم الزخرفية التي تغطيه إبداعاً جمالياً لا يبزه أي نوع آخر من الصناديق الخشبية. يليه صندوق «سرتي» الذي يحوي داخله عدة صناديق صغيرة تسمى سحارات، يستخدم كل منها في حفظ شيء يختلف عن الآخر، كأن توضع في صندوق عطور وأدوات زينة الزوجة، وفي آخر مسابح وخناجر الزوج. أما «الغتم» فهو بسيط في تصميمه، تندر النقوش عليه، لأنه يستخدم في حفظ أدوات الطعام كالملاعق والسكاكين والأكواب. بينما صندوق «المشج» فتحيط الحبال بجزئه السفلي حيث يحمله المسافرون في ترحالهم». في حين يشير أبو العلى- حرفي بالسوق الشعبي: «نصنع المندوس من عدة أنواع من الأخشاب أهمها (الساج، والسيسم) وتأتي الزخارف على أشكال هندسية أو نجوم من النحاس، وتطلى باللون البني أو الأسود، وتستغرق صناعته أكثر من يومين بحسب نقوشه أو نوعه. فالنحاسي يحتاج إلى وقت أطول ويباع بسعر أعلى من المندوس الخشبي، كما نوفر منه أحجاماً صغيرة تتيح للزوار والسياح اقتناء قطع منه يسهل حملها». مع انطلاق النهضة التي شهدتها الإمارات، ومع أنماط الحداثة التي انفتحت عليها حياة الإنسان الإماراتي، توارى المندوس مع غياب ضرورته ووظيفته.. وتوقفت الفتيات عن إدراجه ضمن جهاز العرس، واستبدلن الحجم الكبير منه بأحجام صغيرة لاستخدامها في أغراض تزيينية أخرى. واقتصر استخدامه كقطعة ديكور جميل داخل بعض البيوت، أو المؤسسات وأندية التراث، لتشمخ فوقه دلال القهوة، مذكّراً الأحفاد بتاريخ الأجداد.