القرقور من الشراخ إلى السيم
يعتبر القرقور أحد أهم أدوات صيد السمك في الإمارات وفي دول الخليج العربي، وخلال مائة وعشرين عاما، مرت صناعة القراقير بمراحل مختلفة، ولكن لم يتوقف الإنسان عن الاستعانة به لجلب الرزق من البحر، حتى عندما بدأ الصياد يتخلى عن صناعة القراقير من شراخ النخيل والاتجاه إلى تصنيعها من الأسلاك المعدنية والتي تسمى محليا السيم.
شغل الصياد بأمور حياتية كثيرة نتيجة المتغيرات التي طرأت على الدولة، وحثته للانشغال في عدة متطلبات حياتية في كل يوم، فلجأ إلى الأيدي العاملة للتصنيع.
القرقور له قصة حكاها لنا عمر سيف المزروعي رئيس مجلس إدارة جمعية اتحاد الصيادين في دبي، وكانت بدايتها قبل ما يزيد على مائة وعشرين عاما حين استخدم الإنسان الذي امتهن صيد السمك عسق النخلة، فكان يجفف ثم يجرد من الورق فيصبح جريدا، ثم يشرخ أو يفلق بأدوات حادة تشبه السكين حتى يتحول إلى أشرطة لينة وكان يسمى «شرّاخا».
المرحلة الثانية كانت جدل وحبك تلك الأشرطة الليفية بحبال من ليف النخل، ويجعل له الصياد فتحتين فتحة لدخول الأسماك إليه لا يستطيع الخروج منها بأي حال مهما حاول، وفتحة للصياد يخرج منها الأسماك بعد وصول القرقور إلى سطح السفن، والمعروف ان تلك القراقير لم تكن تخلف أي مخلفات ضارة بالبيئة في حال الاستغناء عنها لأنها تتحلل وتتفتت.
اليوم ينتج القرقور من أسلاك معدنية مطلية بمادة مقاومة للصدأ وغير ضارة وقد بدأت صناعة القرقور من السيم أو السلك تنتعش في السبعينات. وفي كل الأحوال لصناعة القرقور مقياس كان يتم عن طريق الذراع، لذلك كانت الأحجام من صغير ومتوسط وكبير تسمى الباع والذراع، وأكبر القراقير حجما يطلق عليها دوابي، وهي تستخدم لصيد الأسماك كبيرة الحجم وتوضع في أعماق أكبر في البحر، وكانت ولا تزال صنعة القرقور تسمى جداية القرقور عند أهل البحر.
بدء وضع أساس القرقور في أول مرحلة يسمى بدوه، أي بداية وتكون بحبك الأسلاك بشكل دائري وحلزوني حتى يصبح بشكل نجمة سداسية، ثم مرحلة عجفة وهي لف الأسيام أو الأسلاك ثم تصنع بدوة الفراش وهو قاع القرقور ويجب أن يكون مطابقا لحجم القفص، وتترك مساحات للفتحات التي سبق ذكرها، ويضاف للقرقور قاعدة من النخل تحمي أسلاك القرقور من الانحناء والاعوجاج حين يسحب من أعماق البحر إلى أعلى السفينة.
عند إنزال القراقير إلى أعماق البحر توضع حسب أحجامها في مجموعات، فيتم وضع كل ثلاثة إلى جانب بعضها في عمق خاص بحجم القرقور، وتسمى هذه الطريقة خبطة، تترك هناك مدة لا تزيد على يومين، ويوضع بداخل كل واحد منها كمية من الطعوم لإغراء السمك على الدخول، وتدخل انواع كثيرة من الأسماك وتزيد كميتها حين يكون موسم صيدها في مرحلة وجود القرقور وحسب العمق.
المصدر: دبي