أنتج العمال الأميركيون 20.5 تريليون دولار من السلع والخدمات العام الماضي، إلا أنه لم يصدر ما يفيد حول كيفية تقسيم غنائم الاقتصاد، بمعنى من استفاد أكثر مما حققه الاقتصاد ومن حصل على القليل.
وحالياً، يعمل الباحثون في مكتب التحليل الاقتصادي بوزارة التجارة، وهي الوكالة التي تجمع إحصاءات الإنتاج والنمو الاقتصادي، على إزالة هذا الغموض القائم حول كيفية توزيع المكاسب التي تحققت مؤخراً.
ويقوم الاقتصاديون في الوكالة بتطوير نظام تحليل المعلومات، بحيث لا يصف فقط مقدار إنتاج الدولة، ومدى نمو هذا الإنتاج، ولكن أيضاً مقدار الدخل من كل هذا الإنتاج الذي ذهب للفقراء والطبقة الوسطى والأغنياء.
وفي أعقاب الأزمة المالية، أدرك الاقتصاديون في الوكالة أنهم لا يعرفون كيف أثر الركود والانتعاش الذي تلاه على الأسر الغنية والأخرى الفقيرة بطرق مختلفة.
وفي ورقة بحثية، حاول الاقتصاديان في مكتب التحليل الاقتصادي بوزارة التجارة، دينيس فيكلر، ومارينا جيندلسكي، وخبير اقتصادي في جامعة ميتشيجان، ديفيد جونسون، وهو خبير اقتصادي سابق في الوكالة، سبر أغوار هذا الأمر.
ووجدوا أنه بالنسبة لـ 90 % من الأسر المتوسطة والفقيرة، فقد انخفض متوسط الدخل بنسبة 0.4% بين عامي 2007 و2012. وسجلت نسبة الـ 10 % الباقية من الأسر الأكثر ثراءً زيادة بنسبة 5.8% بعد تعديل التضخم. وقد يفسر هذا سبب قلة عدد الأميركيين الذين يعتقدون أن الاقتصاد كان جيداً في السنوات التي تلت الركود.
والآن يعمل الاقتصاديون لجعل تحليل توزيع الدخل، جزءاً من التقارير الاقتصادية المنتظمة لمكتب التحليل الاقتصادي بوزارة التجارة، كما تخطط الوكالة للبدء في نشر نماذج أولية لهذا الإجراء العام المقبل. ويصدر مكتب الإحصاء السكاني بالفعل تقارير حول حجم توزيع للدخل، التي تستخدم لتتبع عدم المساواة. ولكن سيكون جهد الوكالة أكثر شمولاً، مع مراعاة بعض أنواع المزايا التي تمثل نوعاً من الدخل، والتي لا يشملها مكتب الإحصاء مثل المزايا الصحية أو اشتراكات التقاعد.
وتقيس الحكومة الأميركية النمو الاقتصادي بطريقتين: الأولى، الناتج المحلي الإجمالي، حيث يقاس من خلال تتبع جميع السلع والخدمات التي تستهلكها الأسر والشركات والحكومة، وصافي المبلغ الناتج عن فروق الصادرات والواردات. أما الطريقة الثانية، فتقيس دخل الأشخاص والشركات التي تقف وراء حركة الإنتاج في البلاد. ومن الناحية النظرية، يجب أن يكون الناتج المحلي الإجمالي والدخل المحلي الإجمالي متطابقين.
أما مبادرة مكتب التحليل الاقتصادي، وتنظر إلى الدخل. ويعمل فيكلر وجيندلسكي وجونسون لتحديد جميع مصادر الدخل المحتملة، التي يتلقاها الأميركيون وتحديد الكيفية التي يتم بها تقسيمها.
وإذا كانوا يهتمون فقط بالكسب المادي الذي يجنيه الأميركيون من وظائفهم، يمكنهم ببساطة الاطلاع على سجلات الضرائب. لكن يجب عليهم أيضاً تحديد ورصد أنواع الدخل الأخرى العديدة، بما في ذلك ما يحصل عليه الناس من المزايا الحكومية، مثل برنامج التأمين الصحي أو قسائم الطعام، إنهم بحاجة إلى تحديد القيمة التي يستمدها أصحاب المنازل من أصولهم المالية، أو العيش من دون إيجار في منازلهم، أو من الشركات التي يمتلكونها.
وقال جونسون: إن مكتب التحليل الاقتصادي يعلم كل هذه الأرقام الخاصة بالدخل وحجم المزايا، لكن التحدي هو قياس كيفية توزيعها، «أنت تريد كل هذه الأشياء لكل أسرة على حده».
وحصل هذا التوجه في القياس على دعم من الديمقراطيين في الكونجرس، الذين قدموا تشريعات، لتسهيل عمل مكتب التحليل الاقتصادي.
وقالت النائبة كارولين مالوني، من ولاية نيويورك، إن رقم الناتج المحلي الإجمالي الحالي «يوضح لنا مدى سرعة نمو الكعكة الاقتصادية في البلاد، ولكن لا يوضح نصيب كل فئة من فئات المجتمع على حدة من هذا النمو، هذه بيانات مهمة قد تساعدنا في صياغة سياسة أفضل، للتأكد من أن جميع الأميركيين يحصلون على نصيبهم من النمو».
وبمرور الوقت، قد تكشف نتائج كهذه عن الجهة المستفيدة خلال سنوات الازدهار، ومن الذي يعاني خلال فترات الركود، وما إذا كان عدم المساواة آخذ في الاتساع أو الانكماش. وهو ما سيفيد كثيراً بنك الاحتياط في التقارير الذي سيصدرها في المستقبل.
وهناك دول أخرى مثل أستراليا وهولندا تقوم بعمل مماثل للكشف عن نصيب كل فئة من اقتصاد البلاد. كما يقوم فريق من الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بتطوير منهجية موحدة يمكن أن تُطبق بنجاح في مختلف البلدان.

بقلم /‏‏ ديفيد هاريسون