شادي صلاح الدين (لندن)
أثار اعتقال مؤسس ويكيليكس والكاتب الصحفي والمبرمج السويدي جوليان أسانج اللاجئ في السفارة الإكوادورية في لندن منذ سبع سنوات العديد من التساؤلات حول شرعية نشر معلومات سرية، وخاصة تلك التي تتعلق بأمن دول، والمدى الذي وصلت إليه بعض وسائل الإعلام في استخدام تكنولوجيا حديثة وعملاء يعملون مقابل المال للوصول إلى مبتغاها، والهدف من وراء ذلك.
وربط الكاتب الأميركي «دانييل جرينفيلد» على موقع «فرونت بيج ماجازين» قضية أسانج التي شغلت الرأي العام خلال الأيام القليلة الماضي بعمليات القرصنة والتجسس التي يستخدمها النظام القطري ضد معارضيه في الولايات المتحدة تحت ستار حرية الإعلام والصحافة، مؤكداً أن كل ما يقوم به القطريون هي أنشطة «غير مشروعة».
وتساءل جرينفيلد، وهو من أبرز كتاب الولايات المتحدة رصدا للجماعات المتطرفة وعلاقتها بالنظام القطري وتحركاته في الولايات المتحدة، في مقالته «هل يشكل اعتقال جوليان أسانج تهديداً لحريات الصحافة؟»، مجيباً عن السؤال الذي طرحه بأنه إذا كانت حريات الصحافة تعني نشر المعلومات المسروقة وتوزيعها، فهذا يعني أنه بالتأكيد هناك تهديد لهذا النوع من الصحافة، وهذا بالضبط ما يعنيه في هذه الأيام عندما تقوم وسائل الإعلام بشكل روتيني بإعادة نشر رسائل البريد الإلكتروني التي يحصل عليها مخترقون ومتسللون، كما حدث عندما قام النظام القطري باختراق رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بجامع تبرعات الحزب الجمهوري الأميركي إليوت برويدي.
وأوضح الكاتب أن في ملف الصحفي «توم لوبيانكو» على شبكة التواصل الاجتماعي «لينكدين»، يعرف مراسل وكالة «أسوشيتيد برس» السابق بأنه «مراسل للبيت الأبيض يغطي التحقيقات الخاصة بضلوع روسيا في الانتخابات الرئاسية». وأضاف أن لوبيناكو الآن في مشاكل لأسباب ليس لها سوى علاقته بالتحقيقات الجارية بالتدخل الروسي.
وفي وقت سابق من هذا العام، تم استهداف إليوت برويدي، حليف ترامب وجامع التبرعات لصالح الجمهوريين، من قبل المتسللين القطريين. وعرف عن برويدي انتقاده الشديد لدولة قطر الإرهابية، وفقاً لوصف الكاتب التي ارتبطت بكل شيء من 11 سبتمبر إلى إيران. وسرعان ما تم إرسال رسائل البريد الإلكتروني الخاصة به إلى شخصيات إعلامية قامت بتجميعها إلى مقالات تصب في النهاية لصالح القطريين.
وعندما قام برويدي بالرد بدعوى قضائية استهدفت قطر وجماعات الضغط التابعة لها، أظهرت سجلات الهاتف أن لوبيانكو تحدث ثلاث مرات إلى عميل أجنبي مسجل لصالح قطر.
وقال دانييل جرينفيلد، إن الفارق بين قيام وسائل الإعلام بالتنسيق مع عملاء أجانب لنشر رسائل البريد الإلكتروني المسروقة من الأميركيين.. وقضية أسانج غامضة في أحسن الأحوال، لافتاً إلى أن هذا الانحدار في العمل الإعلامي والذي يقف وراءه القطريون، بدأ منذ سبعينيات القرن الماضي عندما أوضحت وسائل الإعلام أنها ستنشر معلومات مسروقة، بغض النظر عن مدى إلحاق الضرر بالأمن القومي، ما دامت تؤذي الأشخاص المناسبين، أو على الأقل جمع أكبر قدر من القراء والحصول على تقييمات مرتفعة بين الجمهور. وتسبب انتشار الإنترنت في زيادة حدة هذه المشكلة، حيث تسارعت طفرة قرصنة البريد الإلكتروني مع استعداد وسائل الإعلام لنشرها.
وأضاف: وسائل الإعلام تنشر بشكل روتيني المعلومات التي يتم الحصول عليها بطريقة غير قانونية طالما أنها تعتبر ضارة للرئيس ترامب. وفي حالة برويدي وغيره، يبدو أنه قد تم التنسيق مع العملاء الأجانب والمتسللين المأجورين من قطر للقيام بذلك.
وأكد أن هذه ليست مسألة حريات الصحافة. إنه نشاط غير قانوني وخيانة. لكن وسائل الإعلام تكره أن تتمسك بأي معايير، سواء كانت واقعية أو أخلاقية.