محمد إبراهيم (الجزائر)

فيما يترقب الجزائريون نتائج اللقاء التشاوري الذي دعت الرئاسة الجزائرية لعقده غدا الاثنين بحضور أكثر من 100 شخصية يمثلون كل الأطياف السياسية في البلاد، أعلنت أحزاب سياسية مقاطعة اللقاء المزمع عقده في قصر المؤتمرات بالجزائر العاصمة.
وأعلنت أحزاب سياسية مختلفة مقاطعتها للقاء المقرر عقده غدا، بعدما أعلن الآلاف من الجزائريين رفضهم أمس الأول الجمعة لهذا اللقاء وإصرارهم على المطالبة برحيل رموز نظام بوتفليقة بالكامل.
ودعا ميلود براهيمي المحامي والناشط الحقوقي الذي استقبله الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح يوم الخميس الماضي، إلى تنصيب لجنة سيادية مكلفة بتسيير المرحلة الانتقالية وتنظيم الانتخابات الرئاسية مع تعطيل العمل بالدستور.
وقال براهيمي إنه «يمكن لهذه اللجنة التي سيتم تنصيبها بالاتفاق مع الأحزاب السياسية وممثلي المجتمع المدني تأجيل تاريخ الانتخابات الرئاسية وتمهيد الطريق لضمان الرحيل النهائي لهذا النظام».
وأضاف أنه اقترح على بن صالح أن تتخذ اللجنة القرارات والإجراءات الضرورية حول ما الذي يجب القيام به ومن سيقوم به ومتى يتم ذلك، مشيراً إلى أن هذه اللجنة يجب أن «تتخذ جميع القرارات دون التردد في وضع الدستور جانبا». وأضاف أن السياق السياسي الحالي لا يسمح بتنظيم انتخابات رئاسية في 4 يوليو المقبل تكون بمستوى تطلعات الشعب، إذ يجب التوصل إلى إعادة تنظيم شؤون البلد وبناء نظام يتماشى وطموحات الشعب، معتبرا أن التعبئة الشعبية تعد بمثابة ثورة حقيقية في الجزائر والعالم.
وأشار إلى أن الهيئة التي اقترحها الرئيس المؤقت للإشراف على الانتخابات يمكن أن تتحول إلى لجنة انتقالية وتعمل على التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة.
من جانبه، اقترح رئيس حزب جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد الذي استقبله بن صالح يوم الخميس أيضا «حلولا كفيلة بضمان نزاهة وشفافية الانتخابات من خلال الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات التي يجب أن تتمتع باستقلالية تامة، وصلاحيات مراقبة تنظيم سير كل مراحل المسار الانتخابي.
وقال بلعيد في بيان لحزبه إن استقرار البلد والحفاظ على الهيئات والأشخاص وتحويل السلطة في إطار الشرعية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال انتخابات نظيفة وشفافة. ويرى الكاتب المحلل السياسي الجزائري إبراهيم بيداري أن لقاء الغد محاولة أخيرة من بن صالح قبل إعلان استقالته.
وقال بيداري لـ «الاتحاد» إن «عقد اللقاء يعد أولا محاولة من بن صالح لإضفاء الشرعية على نظامه وثانيا محاولة للوصول إلى توافق على تشكيل هيئة للإشراف على الانتخابات». وأضاف «الشعب قال كلمته في مظاهرات الجمعة الماضية بشكل واضح، وعلى بن صالح الاستماع لها». إلا أن أحمد بن بيتور، رئيس الوزراء الجزائري الأسبق قال: إن الحراك الشعبي لن يذهب بعيدا، في ظل غياب برنامج وقيادة يسيرانه، مشيرا إلى أن الشعب استطاع الضغط على الحاكم للاستقالة، في إشارة لبوتفليقة.
وأشار بن بيتور إلى أنه لم يتلق دعوة من الرئاسة لحضور اللقاء المزمع عقده غدا، معتبرا أن ترشحه من عدمه للانتخابات الرئاسية المقبلة سابق لأوانه. وقال: «سنرى ما تحمله الأيام المقبلة ثم نقرر، هدفي ليس الترشح بل المحافظة على الوطن». من جهة أخرى، تعقد اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، الذي كان يرأسه بوتفليقة، اجتماعا استثنائيا يوم الثلاثاء بطلب من الأمين العام السابق جمال ولد عباس.
وعلمت «الاتحاد» من مصادر بالحزب أن الاجتماع سيناقش بندا واحدا هو انتخاب قيادة جديدة للحزب وهو ما يعني الإطاحة بمعاذ بوشارب منسق هيئة تسيير الحزب من منصبه الحزبي، تمهيدا للإطاحة به بعدها من رئاسة المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية في البرلمان). ويطالب الحراك الشعبي بإقالة رموز نظام بوتفليقة ومن أبرزهم «الأربعة باءات» وهم عبد القادر بن صالح الرئيس المؤقت ونور الدين بدوي رئيس الحكومة، والطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري الذي استقال الأسبوع الماضي، إضافة لبوشارب.
وأضافت المصادر أن ولد عباس توافق مع بقية أعضاء اللجنة المركزية على عقد الاجتماع الذي ينص القانون الداخلي للحزب على عقده مرة واحدة على الأقل سنويا، بينما لم يتم عقده خلال العامين الماضيين.
وأشارت المصادر إلى أن بوشارب لن يحضر الاجتماع رغم كونه منسقا عاما للحزب لأنه ليس عضوا في اللجنة المركزية، مضيفة أن تعيين أمين عام للحزب يعني رفع الغطاء السياسي عن بوشارب، وبالتالي يمهد للنواب في البرلمان اتخاذ إجراءات إقالته من رئاسة المجلس الشعبي وهي خطوة مهمة قد تسهم في تهدئة الشارع. وعُين بوشارب على رأس الغرفة الثانية في البرلمان، والحزب الأكبر في الجزائر في أكتوبر الماضي، في خطوتين بدا أنهما تصعيد للرجل المنتمي لولاية سطيف (شمال شرق)، وهو ابن لأحد المجاهدين الجزائريين إبان ثورة التحرير.