احتفال التخرج خروج مرغوب عن النص
من قال إن حفلات التخرج حكر على الكبار فقط؟ ومن قال إن الصغار لا يتقنون فنون الاحتفال والتبختر على خشبة المسرح؟ ماذا لو كان في الأمر مؤشر نفسي يجب التنبه له؟
صحيح أن الأطفال في سن الحضانة بالكاد ينطقون ببعض الكلمات قبل أن يتلعثموا· وصحيح أنهم بالكاد يخطون بضع خطوات قبل أن يتعثروا، إلا أنهم يثلجون القلب بمجرد قيامهم بمحاولاتهم البريئة· وها هم أمام أعين أمهاتهم وآبائهم وتحت عدسات الكاميرا يؤدون ما تيسر من رقصات تعلموها ليقدموها هدية في يوم تخرجهم· والتخرج هذه المرة من صفوف الحضانة التي دخلوها وبعضهم يحبو فيما البعض الآخر يضع ''الحفاضات'' ويرضع زجاجات الحليب·
فكرة الاحتفال بنهاية العام الدراسي التي تنتهجها بعض الحضانات، خطوة جيدة ومطلوبة، فهي من جهة تعزز ثقة الأطفال بأنفسهم وتمنحهم حق التجربة، ومن جهة أخرى تذكر الآباء بمعنى الأبوة الحقة ومشوار المسؤولية الطويل· وتمنح الأمهات شحنة اضافية من العطاء وكماً من الحنان السخي الممزوج بنعمة الأمومة وأحلى المشاعر·
الأطفال في يوم تخرجهم يغنون، يرقصون، يضحكون وقد يصرخون أو يبكون بسبب وبلا سبب، يتبعون جزءاً من البرنامج، ثم فجأة يغادرون الطابور أو يخرجون عن النص· لا أحد يلومهم أو يعترض ارتجالهم، ومن يستطيع أن يحاسب البراءة؟
هنا طفلة ترحب بالجمهور بحركات بطيئة خجولة، وهناك طفل يصفق ضاحكاً باحثاً بنظره عن عيني أمه المغرورقتين أصلاً بالدموع، وهنالك من يجلس أرضاً، منهكاً، متعباً من الرقص والحركات ليقرر بنفسه انتهاء برنامج الحفل· وهو يقول في نفسه: أليس هذا كافياً؟ وماذا بعد التخرج؟
عن أهمية حفل التخرج المبكر لصفوف الحضانة، يتحدث الدكتور أحمد نجار أستاذ علم النفس في جامعة الامارات موضحاً أن الطفل تتكون شخصيته في السنوات الخمس الأولى من عمره، ويقول: ''خلال هذه الفترة تتبلور اتجاهات الطفل وطموحاته وأمنياته استناداً الى التذوق الشعوري للنجاح والفرحة بما يحققه من إنجاز ولو على صغر''· وشخصية الصغار عموماً تتشكل بناء على المزاج، لذلك نرى أطفالاً لديهم رغبة عالية في التحصيل العلمي بعكس أطفال آخرين· ''ومن هنا -يضيف النجار- لا بد للأهل أن يدركوا أهمية تلك الاحتفالات المدرسية التي تدخل الفرحة الى قلوب الصغار، والتنبه الى أثرها القوي في بناء الاتجاه الايجابي لديهم لتحمل مصاعب الدراسة والحياة فيما بعد''· ويشدد النجار على ضرورة تشجيع الأطفال ما دون 3 سنوات من العمر، على الذهاب الى الحضانة حيث يمتزج لديهم اللهو والترفيه بالاكتساب المعرفي وتعزيز الثقة بالنفس·
المصدر: أبوظبي