سلوى الخليل الأمين أديبة، شاعرة، باحثة لبنانية، أو ناشطة ثقافية، تنتقي من لغة الضاد كلماتها لتزخرف بها الحياة الأدبية تعبيراً واضحاً عن مسلكها في الكتابة النابضة انها رئيسة ديوان اهل القلم الذي اسسته بغية الالتفات الى شخصيات لبنانية وعربية خاضوا آفاق البحار لجسر التواصل مع اوطانهم خوفاً من شبح الاغتراب كما نفذت فكرة ندوة الابداع الشهرية التي تقيمها في لبنان. هنا تتحدث عن أفكارها ودورها: ما الهدف الثقافي الذي تصبين اليه؟ الهدف واضح لا لبس فيه، اولاً في ديوان اهل القلم: الامساك بتلك الثروة اللبنانية العربية المبدعة عبر العالم وتمتين صلاتها بالوطن الام وتعريف اكبر شريحة ممكنة من الناس عليهم كي يصبحوا كما هم المثل والمثال. اما في ندوة الابداع فالهدف ذاته لكن على المستوى المحلي حيث نقيم الندوات والامسيات الشعرية التي من خلالها نسلط الضوء على اهم النتاج الادبي والفكري او ليس هذا التنوع في الفعل الثقافي والنجاح في تطبيقه ما يصبو اليه كل من يعمل في هذا الحقل!. هل خدمت كلمتك هذا الهدف؟ بالطبع والدليل ما نسمعه من اطراءات من الجميع ليس هذا فقط اذ ربما تكون المجاملة احياناً من باب اللياقة ولكن حين نطالب بالمزيد من الافعال وبالاحرى بتكثيف العمل ونلمس مدى الرغبة على المشاركة في منبرنا نستنتج ان المسؤولية باتت ضخمة وعلينا الاستمرار في تقديم الافضل. ما هي الاضافات الجديدة التي قدمتها مؤلفاتك؟ هنا ربما عليك ان تسأل اصحاب الشأن الادبي والثقافي خصوصاً الكبار منهم، الذين كتبوا المقدمات المطولة لكتبي. لقد تجرأت وجمعت نتاجي الذي قلته فوق المنابر المتعددة بين دفتي كتاب تحت مضمون نصوص ادبية احدها «قطوف من ليل الواحات» والآخر «همس المحابر» اضفتهما الى كتابي الشعري الاول «ترانيم من بقايا الصمت» لقد خفت على هذه العصارة الفكرية من الضياع خصوصاً انها تؤرشف لكثير من نتاج الادباء والشعراء الذين اولوني شرف التحدث عن نتاجهم. ان الاضافات التي قدمتها مؤلفاتي هي بعث السرور والمتعة في ذهن القارئ والمتلقي وهذا بالتأكيد يشعرني بالمتعة والمسؤولية لأن الكتابة فعل ابداع مستمر يحيا للوجود وغير قابل للمساومة. اين انت بين هذه التصنيفات: أديبة، شاعرة، أم ناشطة ثقافية؟ إن من يحدد ذلك هو القارئ فقط، وهنا اعجب لمن يصنف نفسه شاعراً لمجرد انه مسح الورق بعدد من الجمل المفيدة هذا ان كانت مفيدة، انا اكتب اذاً انا موجودة، هكذا انا وهكذا افكر، لا احب التصنيفات علماً انني لست بالمتنبي ولست باليازجي ولكنني موجودة اتحرك ضمن الفعاليات الثقافية أمسك اليراع ارفعة مغمّساً بمداد محابري علني اروي غليلي من عطش الايام الخاوية التي اصبح فيها الادب سلعة معروضة للبيع والشراء. رغم معاناة المثقف العربي، نراه رافضاً التخلي عن فكره ما هو الرابط السري الخفي بينهما؟ المثقف العربي إنسان يتفاعل ضمن دائرة الأحاسيس والعواطف والعقل بمجريات الأمور الحياتية أكانت خاصة أم عامة وبهذا المعنى هو رحالة فكر وعقل واحساس يجول بين المحطات الثقافية المتنوعة يقتنص منها المفيد والجيد فكيف بالتالي نريده ان يتخلى في لحظة قاهرة ما عن حضارة فكرية عربية ملأت العقول بنتاجها الثري؟!. ان المعاناة هي اداة الابداع في كل زمان اذ في تلك الهنيهات العصيبة يهتز الضمير والعقل والروح فيخط الالهام قصيدة على قلم شاعر ونصاً ادبياً على يراع كاتب وتكر السبحة وهكذا يأتيك الفكر من رحم المعاناة مغمّساً بالعواطف الجياشة التي هي من اهم صفاتنا المربوطة بحياتنا بهذا الرابط السري الخفي، الذي لا يعلمه الا من كانت له حضارة عربية. أمام المتغيرات الحاصلة عالمياً وعربياً، مالون الأدب العربي اليوم؟ إننا نعيش عصر الظلمة المؤلفة مع هذا المدّ التكنولوجي المحصور في شاشة صغيرة قابعة في زاوية البيت، ان مفهوم الفكر والثقافة بلور مفهوم النهضة والانتفاضة من تحت الركام بهدف تكوين فكر نهضوي يتمترس خلف التحولات والتغيرات التي تجهد في اروقتنا لتكوين فكر ادبي متحرر ومقاوم ملتزم بالشعور الوطني والقومي والمثال على ما أقوله هذا الضخ اللامحدود من النصوص الادبية والسياسية والقصائد المتحمسة لمقاومة العدوان الغاشم على غزة، بسرعة مذهلة وقف الشعب العربي كله ينشد للحرية وللوطن الأبي ولغزة المحاصرة بالظلم والقهر. من هنا أؤكد ان المتغيرات الحاصلة عالمياً وعربياً لا يمكنها القضاء على تراثنا الفكري المشرقي الحضاري والثقافي المعمّد داخل قلوبنا بشهب الحق والحقيقة. هل تختلف الكلمة الثقافية في الوطن العربي أم لها أوجه مشتركة؟ إن أصول الثقافة العربية الشاملة هي هي عبر كل العصور وإن تنوّعت ابعادها بحكم التمازج مع الثقافات المتنوعة فمنذ الجاهلية حتى عصر النهضة وصولاً الى عصر العولمة والالفية الثالثة ما زالت ثقافتنا ينبوعاً غزيراً نعب منه ما يروي العقل باستمرار ويحرك فينا الزخم الثقافي المتنوع الغني عن التعريف، لكن يمكنني ان أقر باختلاف الكلمة العربية الصاعدة من حروف لغة الضاد ربما هو حق التنافس في قطف محاسن الجودة وإن اختلفت المعايير بحكم البيئة المتنوعة لكن تبقى الكلمة الثقافية هي العنوان المشترك مهما اختلفت الأوجه حيث تبقى تثبت هوية واحدة مكللة بعبير الهوى المشرقي في السمات والصفات. هل ما زال دور القلم فاعلاً في زمن الشاشة؟ إن مسارات الزمن تمشي بخطوات سريعة في هذا العصر ولكن هل علينا ان نهمل التواصل مع الحياة؟ ان الكاتب أمام حالة جديدة فإما ان يلحق الركب وإما ان يتقوقع في زاوية النسيان من هنا علينا كأهل قلم التحرك ضمن المسؤولية التي تحدد مسألة انجاح عملية النهوض والتقدم كي لا نقف حائرين على ابواب المستقبل ولنأخذ عبرة من الماضي حيث ازدهرت العصور الادبية العربية واخترقت البحار الى بلاد الاندلس ثم راحت «تنوس» تحت معالم بدت لهم حضارية فابتعدت عن مفاعيل العقل وبدأت تغوص في ترجمة الفكر الغربي دون النظر الى خصوصياتنا بروحيتها الاصيلة مما افقدنا الكثير من مصداقية الالتزام بحقائق التاريخ ومدلولاته، بتنا نقف مشدوهين امام هذا الزمن السريع الخطى دون اي اعتبار لمسألة الاجتهاد على الذات والحفاظ على التراث الاصيل وبات الغرب فاعلاً في مساراتنا متجاوزاً قيمنا وتقاليدنا وعاداتنا في الوقت الذي يحتفظ هو بكل عاداته وتقاليده.