أبوظبي (الاتحاد)

أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن الأمم تفخر بتاريخها وقيمها ورموزها الوطنية ومنجزها الحضاري والإنساني، مشيراً سموه إلى أن كتاب «الإمارات - تاريخنا» يوثق لأبنائنا الطلبة مراحل من ماضينا المتجذر وإرثه الزاخر وحاضرنا ورؤيتنا للمستقبل، لتستلهم الأجيال من تاريخنا العزم والإصرار والتحدي للعبور بالوطن إلى المستقبل المنشود.
وقال سموه في تغريدة على حسابه الرسمي على «تويتر»: «تاريخ الإنسان على هذه الأرض قصة تروى لأجيالنا والعالم عمرها آلاف السنين، صحراؤها وجبالها وبحارها شاهدة على عظمة الإنسان فيها وتجليات إبداعه وجلده في مواجهة الحياة.. فيها شواهد على حضارات تعاقبت وتعايشت رغم قسوة الظروف والتحديات إلا أنها بعزيمة رجالها تنبض اليوم تطوراً وحضارة وتقدماً».
وكان الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أطلق، أمس كتاب «الإمارات - تاريخنا» ضمن مناهج الصف السابع والثامن والثاني عشر في المدارس الحكومية والخاصة، وذلك برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
 كما أطلق سموه برنامجاً وثائقياً حول تاريخ الإمارات من خمسة أجزاء سيبث خلال شهر سبتمبر المقبل ويعد الكتاب رصداً تاريخياً شاملاً ودقيقاً لمختلف المراحل التي مرت بها دولة الإمارات عبر 17 فصلاً مدعماً بالصور والرسوم التوضيحية والشروحات العلمية والتي تتناول الأبعاد الجيولوجية والجغرافية والآثار والأحداث التاريخية والسياسية والتطور الاجتماعي والعقائد وما يتصل بذلك من واقع اقتصادي وموارد طبيعية وغيرها.. فيما يطرح الكتاب في الأسواق خلال الصيف في نسخ خاصة للجمهور.
حضر إطلاق الكتاب معالي الدكتور أحمد مبارك المزروعي، الأمين العام للمجلس التنفيذي، ومعالي جاسم محمد بوعتابه الزعابي رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي ومعالي محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة عضو المجلس التنفيذي، وعدد كبير من المسؤولين الحكوميين ولجنة الكتاب، وعدد من ضباط وزارة الداخلية.
 وتأتي الحاجة إلى مثل هذه الكتب لتغذي المناهج التعليمية بسبب أهمية دراسة التاريخ المحلي والتي من شأنها المساعدة في استخلاص الدروس من الماضي والاستفادة منه في الحاضر، إضافة إلى أنها تعمق المعرفة في كيفية عيش الأسلاف مما يزيد من احترامهم تقديراً لتمسكهم بالأصالة من أجل التغلب على الكثير من التحديات المناخية والمعيشية وابتكار أدوات وأنظمة تساعد على تخطي الصعاب وتحويلها إلى مصدر معيشي أو وسيلة تسهل العيش، كما حدث مع ابتكار نظام الأفلاج قبل ثلاثة آلاف عام والذي ساعد على نشأة النظام الزراعي واكتشاف مناجم النحاس قبل نحو خمسة آلاف عام والتي سخرت لمصلحة التجمعات السكانية وقتها.
 كما أن النشاط التجاري الذي بدأ قبل حوالي سبعة آلاف عام يدل على اجتهاد أهالي هذه الأرض القدماء لتحسين أحوالهم خارج حدود المنطقة واستكشافهم البحار بحثاً عن اللؤلؤ منذ وقت بعيد وصولاً إلى التغيرات الكبرى التي طرأت على هذا النشاط في القرن العشرين مع اكتشاف اللؤلؤ الصناعي.. ومجتمع الإمارات مثل المجتمعات الأخرى مر بعدة تغيرات وكان إنسان المكان مستعداً ليتجاوب معها بمرونة ليحولها إلى صالحه ويتكيف معها.
ولا يقتصر تدريس التاريخ للطلبة الشباب على سرد الأحداث التاريخية فقط بل يتضمن أيضا المنظومة القيمية التي حافظت على وجودها ودورها لآلاف السنين وأبرزها قيم التسامح وقبول الآخر والتعايش مع الثقافات المختلفة واحترام المرأة ودعمها للمشاركة المجتمعية وهي القيم نفسها التي ميزت مجتمعنا منذ آلاف السنين.
 ومع إطلاق كتاب «الإمارات - تاريخنا » ليدرس ضمن المناهج الدراسية يتم التأكيد على هذه القيم التي ستبقى والإمارات قدماً في تنمية المجتمع وتطوير البنية الاجتماعية لترتكز على أصالة الإنسان وعراقة قيمه ودفعه نحو الإسهام الإيجابي لتحسين محيطه تماماً كما فعل الأجداد.
وتتناول الفصول الـ17 من كتاب «الإمارات - تاريخنا » مختلف التغيرات التي مرت على أرض الإمارات بدءاً من مراحل تشكل التضاريس الطبيعية في الإمارات قبل ملايين السنين وصولاً إلى القرن العشرين، حيث تحولت البلاد إلى دولة حديثة كما نعرفها اليوم.
ويرصد الكتاب وصول أول الهجرات البشرية إلى هذه الأرض قبل حوالي 125,000 عام وتطور المجتمعات خلال العصر الحجري الحديث من حوالي 8000 إلى 3200 عام قبل الميلاد بما في ذلك الأدلة الجديدة المذهلة في جزيرة مروح.. تليها دراسة للعصر البرونزي المبكر وظهور الزراعة والقرى مع إظهار أهمية ثقافة أم النار وصلاتها التجارية الواسعة، مروراً بفترة التغير الكبرى حتى حوالي 1000 عام قبل الميلاد، حيث شهدت تحولاً في المستوطنات التي أصبحت أكبر حجماً ودائمة.
وتبحث الفصول التالية في ظهور نظام الري بالفلج وتطور القرى والبلدات، واستئناس الجمل وظهور الإسلام فيما بعد.. كما يغطي الكتاب العصر الحديث لتتبع بروز حلفي بني ياس والقواسم، وكذلك وصول القوى الأجنبية إلى منطقة الخليج العربي خلال القرنين الخامس عشر والسابع عشر، إضافة إلى تغطيته التكون التدريجي للهوية الوطنية خلال السنوات التي سبقت منتصف القرن العشرين، وبعدها حكم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ودوره في مفاوضات قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة ومراحل تأسيسها من عام 1966 إلى 1971.
ويختتم الكتاب بفصول تتبع التطور السريع لدولة الإمارات العربية المتحدة في العقود التي تلت الاتحاد وتحولها إلى واحد من أحدث البلدان المعاصرة اليوم.. وشارك في تأليف كتاب «الإمارات - تاريخنا» كل من بيتر ماغيه، رئيس قسم الآثار في دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي وبيتر هيلير من المجلس الوطني للإعلام وبإشراف من معالي محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، فيما أسهم العديد من العلماء والمتاحف المحلية والعالمية في تزويد الكتاب بالصور الأرشيفية وتفاصيل آخر المكتشفات الأثرية.
أما برنامج السلسلة التلفزيونية الوثائقية « تاريخ الإمارات » فهي تغطي الفترة منذ 125,000 عام حتى قيام الدولة عام 1971 ويسلط البرنامج الضوء على الحضارات التي عُرفت في البلاد من خلال استكشاف أهم المواقع التاريخية التي شهدت قيام حضارات متنوعة في مختلف مدن الدولة، وتسليط الضوء على الطرق التي ابتكرها الأجداد والأسلاف من أجل التغلب على مختلف التحديات المناخية والحياتية للبقاء على هذه الأرض الطيبة إضافة إلى استكشاف أحدث الاكتشافات الأثرية في الدولة.
وقد استخدمت شركات الإنتاج أحدث التقنيات لإنتاج برنامج وثائقي يليق بتاريخ دولة الإمارات مثل الصورة المنتجة بالحاسوب، والتصوير البانورامي 360 درجة لإضافة إلى لقطات رائعة الجمال للمواقع الأثرية.. وأنتج البرنامج الوثائقي بالشراكة مع ثلاث شركات إنتاج عالمية هي.. الأكاديمية البريطانية للفنون السينمائية التلفزيونية وأتلانتك برودكشنز الحائزة جائزة إيمي بالشراكة مع إيمج نيشن أبوظبي المتخصصة في مجال المحتوى الإعلامي والترفيهي، والتي حازت مؤخراً جائزة الأوسكار، فيما سيبث البرنامج على جميع المحطات التلفزيونية في دولة الإمارات خلال شهر سبتمبر القادم.
وإضافة إلى هذه السلسلة الوثائقية فقد أنتجت سلسلة وثائقية من ثلاثة أجزاء عن تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة يرويها الممثل جيرمي آيرونز الحائز جائزة الأوسكار من أجل عرضه لجمهور المشاهدين في مختلف دول العالم.. ومن المقرر عرض هذه النسخة الدولية على المحطات التلفزيونية ناشيونال جيوغرافيك، أس بي أس الأسترالية ومحطة أس في تي السويدية.
وإلى جانب الاستمتاع بالمحتوى الغني لهذه الأفلام الوثائقية.. يمكن للمشاهدين الدخول إلى تطبيق تفاعلي للاستمتاع بالكثير من تجارب الواقع الافتراضي، حيث يغوصون في أعماق الخليج العربي مع الغواصين الباحثين عن اللؤلؤ بأساليب صيد اللؤلؤ التقليدية والتجول في صحراء دولة الإمارات العربية المتحدة والقيام بجولة داخل قصر الحصن.

الحمادي: تعليم عصري يستلهم التاريخ
أثنى معالي حسين بن إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، على اهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالتعليم ودعمه السخي والمتواصل الرامي لإرساء دعائم تعليم إماراتي عصري، يستلهم أصالة وتاريخ المجتمع الإماراتي على مر العصور، ويرسخ كذلك تاريخ الدولة وإنجازاتها في أذهان الأجيال المقبلة لتصبح جزءاً أصيلاً من تكوينهم المعرفي والحضاري.
وقال معاليه: إن تدريس كتاب «الإمارات - تاريخنا» يوضح للطلبة ملامح مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة في ماضيها وحاضرها، ويعرف الأجيال بالتاريخ العريق للدولة مما يجعل الكتاب مصدراً قيما ومهما للحقائق والمعلومات والقيم لتتعرف الأجيال إلى مراحل التطور التاريخي، التي مرت بها دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث جذورها الضاربة في عمق التاريخ منذ اكتشاف الأدلة الأولى على قيام أقدم المستوطنات البشرية، والأدوات الحرفية على أرض الدولة قبل 125 ألف سنة». وبين معاليه أن وزارة التربية والتعليم، تهدف من خلال تدريس كتاب «الإمارات - تاريخنا» إلى تحقيق رؤية قيادتنا الرشيدة في تسليط الضوء على منظومة القيم الإماراتية التي حافظت على وجودها ودورها الريادي لآلاف السنين.

علي بن تميم: مبادرة ريادية ملهمة
أكد سعادة الدكتور علي بن تميم، مدير عام «أبوظبي للإعلام»، أن إطلاق كتاب «الإمارات - تاريخنا» ضمن مناهج الصفوف السابع والثامن والثاني عشر في المدارس الحكومية والخاصة، وإطلاق برنامج وثائقي حول تاريخ الإمارات من خمسة أجزاء يبث خلال شهر سبتمبر المقبل، مبادرة ملهمة لأن الأمم الحية الناهضة لا تغفل عن تاريخها ولا تعلن القطيعة عليه، بل تدرسه وتبحث في كل جوانب الإشراق والعظمة.
جاء ذلك في تغريدتين لسعادة الدكتور علي بن تميم، في حسابه على موقع «تويتر»، قائلاً: «الإرادة قاطرة العبور إلى المستقبل، بها نفهم الماضي والحاضر، وننطلق إلى المستقبل، والمسيرة تفهم عند الأجيال المقبلة بالتأريخ، وعندما نعنون الكتاب المتوجه إلى الطلبة بـ(الإمارات تاريخنا)، نتذكر ما أسس له الشيخ زايد من بصيرة فذة في فهم الذات المعاصرة عبر أزمنتها الموغلة في القدم».
وأضاف سعادته: «مبادرة ريادية ملهمة، ذلك لأن الأمم الحية الناهضة لا تغفل عن تاريخها ولا تعلن القطيعة عليه، بل تدرسه وتبحث في كل جوانب الإشراق والعظمة فيه، كي تفيد من ذلك في تقوية حاضرها وترسم مستقبلها. التاريخ نابض بالحياة وبالمعرفة وبالتجارب والرؤى وعلينا أن نعيه ونتدبره».