هبة قطب: علينا أن نعي أولاً مفهوم «الحماية»
إذا كان السواد الأعظم من الآباء والأمهات يعتقدون أنهم يكفلون تحقيق الحماية اللازمة لأطفالهم، فهل الأطفال في حاجة إلى حماية بالفعل؟ وما هو تعريف مفهوم “الحماية”، وفي ضوء ذلك لابد أن يعي الآباء والأمهات أو إدارات المدارس أو أية جهة تتعامل مع الطفل، كيفية تقييم أنفسهم وأدائهم وفعالية متابعتهم للطفل، ولابد من توضيح واستيعاب وفهم أوجه هذه الحماية بمستوياتها النفسية والمعنوية والجسدية”.
الدكتورة هبة قطب الأستاذة بكلية الطب جامعة القاهرة، واستشارية العلاقات الزوجية تُشير إلى أهمية فهم الآباء والأمهات لمعنى الحماية، من خلال هذه العملية، يكون دور الآباء موجهاً نحو إكساب الطفل مهارات وأسلحة وأدوات معرفية وسلوكية دفاعية لحماية نفسه من الإساءة أو الأذى، وعلى وجه الخصوص المعرفة والثقافة الجنسية، لأنه كطفل لا يحتاج غالباً إلاّ إلى هذا النوع من المعرفة، حيث يكون دور الأب والأم منصباً على التربية الجنسية السليمة، وتكوين ثقافة جنسية طبيعية وسوية لدى الصغار يراعى فيها عمر الطفل، والمستوى العقلي، والتدرج المعرفي، وتبصيره بحقيقة ثقافة “العورة” وحُرمة الجسد، وكيف يميز بين ما هو طبيعي وما هو شاذ أو غير مألوف، وكيف يُدرك مبكراً مقدمات الانتهاك أو الخروج عن المألوف ولاسيما مع الأطفال الأكبر سناً أو الكبار من الأقارب أو الذين يتعاملون معه في البيت والشارع والنادي والمدرسة”.
وتؤكد الدكتورة قطب أهمية القيم المعرفية والسلوكية الصحيحة في ضوء عمر الطفل ومحيطه الاجتماعي والدراسي والعائلي والديني، وأيضاً كيفية تسليح الطفل بالأدوات السلوكية التي يمكن بواسطتها تفادي الإساءة أو الضرر، وكيف يكون قادراً على أن يقول “لا”، وأن يمنع أو يحتج أو يرفض أي سلوك من الغير يستشعر أنه يتنافى مع القيم والمعارف التي تزوَّد بها من والديه”.
وتضيف: “من الأهمية بمكان أن نُعلم الطفل ألا يستسلم لرغبات أي طفل آخر تتعارض مع ما تعلمه، وأن يتزود بمعارف “دفاعية” للرفض عند أي تحرش، كأن يقول “لا” أو يصرخ أو يستنجد بالغير، وعدم كتمان الخوف، وأن يعي أن صاحب الحق دائماً قوي، وأن المعتدي الآثم دائماً ضعيف وجبان وإن كان كبيراً في السن لأنه يخشى الناس والمجتمع، لذا لا يتردد في فضحه إن بادر بالتحرش به”. وتؤكد أهمية فتح قنوات الحوار والمكاشفة والصراحة والجرأة بين الآباء والأمهات وأطفالهم، وبناء جسور المودة والثقة، تعد من أهم الأدوات التي تزود الأطفال بها”.
أما عن الطرق التي يمكن أن تزود الطفل بأدوات دفاعية وثقافة معرفية من خلالها، تقول هبة قطب: “يمكن أن نقدم أية معلومة للطفل من خلال الحكايات والقصص غير المباشرة، والرسوم المتحركة، والأفلام والكتب المصورة، والمجسمات، وغيرها من الأدوات المعرفية والثقافية التي تعزز ثقافة الخير وانتصار الحق ودحر الشر وإعلاء القيم الإيجابية”.
كما تشير د. قطب إلى أهمية ترسيخ ثقافة إعلاء شأن الذات والكبرياء والكرامة لدى الطفل مبكراً، ونبذ قيم الخنوع والاستسلام، وأن يعي تماماً كيفية الحفاظ على عورته، وأهمية أن يحافظ على كرامته، وكيف يكون مرفوع الرأس دائماً، وذلك في إطار ديني وأخلاقي وتربوي بدءاً من علاقته بإخوته وأشقائه وشقيقاته داخل البيت، وأن يعلم جيداً أن هُناك حدوداً وخطوطاً حمراء لا يتجاوزها ولا يفرط فيها بأي حال من الأحوال”.
وتشير الدكتورة هبة قطب إلى أن “حماية الطفل” تبدأ من الأيام الأولى من عمره. وتقول: “حماية الطفل” تبدأ مع التنشئة الاجتماعية المبكرة. ومن خلال خبرتي العملية أستطيع أن أجزم بأن كثيراً من الاضطرابات السلوكية السلبية إنما هي نتيجة للتربية الخاطئة التي تخلق شخصيات هشَّة وجوفاء. لذا فإنني أؤكد أهمية سعي الأسرة إلى تنشئة أبنائها على القيم الأخلاقية والفضائل، وتزويدهم بثقافة الصبر ومهارات كبح جماح الرغبة والغرائز، وأن تعلم الطفل كيف يكون قاهراً لذاته دون تفريط أو انحراف أو اعوجاج، وهي قيم لا يكون بالإمكان غرسها في الأطفال دون وعي وثقافة والتزام وانضباط أسري أو مدرسي”.
“تحصين” الطفل
تقدم الدكتورة هبة قطب وصفة “روشتة” للمحافظة على الأبناء جنسياً، ووقايتهم من التحرش، وتقول” إنها مجرد اقتراحات أو رؤى مفيدة من خلال متابعة حالات عديدة في العيادة، ويمكن الاستفادة منها، وتقول: “على الآباء والأمهات ملاحظة ومتابعة الطفل من فترة الرضاعة، والحرص على عورته وأن لا نتركه لأي شخص حتى يغير له ملابسه أو يحميه، وألا نعوده على تحسس أماكن العورات، أو أن يتحسسها “كل من هب ودب”، وألا نتركه في المنزل وحده مع الخادمة قدر الإمكان” .
وبالنسبة للبنت إذا بلغت ست سنوات “يراعى عدم خروجها من المنزل وحدها، ويتم إفهامها ألا يحاول أحد أن يتحسسها في أماكن حساسة منها، لأن هذا عيب وحرام، وهذه منطقة لا يطلع عليها أحد، وإذا خلعت ملابسها عليها أن تتأكد من أن باب الغرفة مغلقاً، ولا تخلع ملابسها أبداً خارج المنزل مهما كانت الأسباب، ولا تترك للخروج مع السائق بمفردها. ولا تلعب مع أبناء الأقارب الأكبر منها سناً أبداً وحدها، ومحاولة تعويدها على لبس الملابس الداخلية الطويلة، وتعليمها طريقة الجلوس السليمة، ولا تدخل أبداً غرفة السائق أو الخادم، مع تنمية الرقابة الذاتية لديها عن طريق تدريبها على تغيير محطات التلفزيون إذا ظهرت لقطات مخلة بالآداب وحتى لو كانت وحدها، وفصلها أثناء النوم عن إخوتها الذكور. وإذا بلغ الولد ست سنوات، عليه ألا يخرج من المنزل وحده، وإفهامه أن لا يحاول أحد أن يتحسسه في أماكن عورته، وتعليمه الاستئذان قبل الدخول على الأم والأب أوقات الظهيرة والعشاء والفجر، وإذا خلع ملابسه، يتأكد من أنه لا يوجد هناك من يراه، مع تنمية الرقابة الذاتية لديه عن طريق تدريبه على تغيير محطات التلفزيون إذا ظهرت لقطات مخلة بالآداب، وبدء الفصل بالنوم عن أخواته الفتيات”.
أما في سن عشر سنوات، تقول الدكتورة قطب: “على الأم أن تشرح للبنت معنى البلوغ والدورة الشهرية، وتتحدث معها حول معنى الاعتداء الجنسي وتورد لها قصصاً في هذا الموضوع، مع مراعاة المحاذير السابقة، وتربيتها على الحياء والنظرة الحلال، وتغيير محطات التلفزيون إذا ظهرت لقطات مخلة بالآداب، أو ظهرت سيدة غير محتشمة، والبدء في تدريبها على الامتناع عن لبس القصير والعاري في المنزل، وبالأخص أمام إخوتها الذكور، وضرورة الابتعاد عن الفتيات في المدرسة اللاتي يكررن محاولة الالتصاق الجسدي، أو مسك اليد أو الاحتضان، كذلك بالنسبة للولد، فيشرح له والده معنى البلوغ والاحتلام، ويتحدث معه حول معنى الاعتداء الجنسي، ويورد له قصصاً في هذا الموضوع، ويوضح له أهمية أن يحتاط في اللعب مع زملائه في المدرسة وضرورة الانتباه للحركات التالية والتي تصدر من الزملاء الأكبر سناً إذا تكررت مثل: التقبيل- مسك اليد وتحسسها- وضع اليد في الشعر- الالتصاق الجسدي أو الاحتضان- المديح لجمال الشكل والجسم، والتربية على الحياء والنظرة الحلال، وتغيير محطات التلفزيون إذا ظهرت امرأة غير محتشمة، أو لقطات مخلة بالآداب”.
المصدر: أبوظبي