ذئاب في غرف الأطفال
للوقوف على حقيقة العلاقة بين الأطفال وجهاز”الكمبيوتر”، ومدى حدوث التأثير السلبي المتوقع للإنترنت على صغار السن، “دنيا الاتحاد” استطلعت آراء عينة عشوائية “100 طفل وطفلة” بالمدارس الابتدائية “مابين الصف الأول والثالث” في عدد من المدارس الرسمية في أبوظبي، ومن الجنسين، وقد تم اختيار العينة العشوائية من بين الأطفال الذين لديهم جهاز كمبيوتر في المنزل، وممن يجيدون استخدام الجهاز، والدخول إلى شبكة الإنترنت.
وقد أظهر استطلاع الرأي جملة من الحقائق والمؤشرات الرقمية ذات الدلالة، يمكن الإشارة إليها، فيما يلي:
كان متوسط أعمار الذكور”11 سنة” والإناث “10 سنوات”.
أشار 32% من الذكور إلى استخدام جهاز الكمبيوتر، ودخول شبكة المعلومات “الإنترنت” تحت إشراف ومتابعة الأسرة، بينما ذكر 41% منهم أن ذلك يتم دون رقابة أو متابعة، وأن 28% منهم أشاروا إلى حدوث ذلك “أحياناً” ومن وقت لآخر. أما الإناث فأشارت 65% منهن إلى وجود إشراف أو متابعة من قبل الأسرة، وعدم وجود هذه المتابعة لدى 11% منهن، بينما أكدت 24% منهن حدوث ذلك “أحياناً”.
وفي قراءة لهذه الأرقام، يمكن أن نستخلص أن 52% من أطفال العينة معرضون للوقوع تحت التأثير السلبي لجهاز الكمبيوتر وشبكة الإنترنت، وأن احتمالية وقوعهم أو تورطهم في مشاكل ومخاطر سوء الاستخدام، ولو بحسن نية، قائمة بنفس النسبة 52%، وهي الفئة التي تستخدم الجهاز وتدخل شبكة الإنترنت دون رقابة من الأسرة، أو وجود هذه الرقابة من وقت لآخر، وهي بلا شك نسبة عالية جداً، في ضوء المرحلة العمرية لهؤلاء الأطفال من “الجنسين”، وقبل ولوجهم مرحلة المراهقة.
* كان متوسط الساعات اليومية لاستخدام الأطفال جهاز الكمبيوتر ما بين 2-3 ساعات يومياً.
قراءة وتحليل
في قراءة متأنية لهذه الأرقام، نجد أننا أمام مؤشر حقيقي لتوجهات المرحلة العمرية للجنسين، حيث نرى ارتفاعاً نسبياً لعدد الإناث مقارنة بالذكور في الاهتمام بزيارة المواقع العلمية، والأخبار، بينما نجد أن جميع الذكور يرتادون مواقع الألعاب والتسلية “100%” بينما نجد أن هذه النسبة تنخفض قليلاً 86% والأمر نفسه بالنسبة للمواقع الرياضية 76% عند الذكور وتنخفض إلى 9% فقط عند الإناث، حيث يزداد عدد الأطفال الذكور المهتمين بمتابعة رياضة كرة القدم، وألعاب المصارعة الحرة، والبرامج المدمجة الجاهزة لهذه الألعاب من رياضات مختلفة، بينما تنخفض نسبة اهتمام الذكور بالمواقع الفنية والأفلام إلى 22% مقارنة بالإناث 46%. ربما لعدم ولع الذكور بهذا الجانب في مثل هذه السن مقارنة بالإناث، وهو ما نراه مختلفاً وفقاً لطبيعة العمر في الاهتمام بتكوين معارف وصداقات، وربما لوجود مساحة الحرية النسبية للذكور، حيث نجد أن 66% من الذكور يزورون مواقع التعارف، وترتفع النسبة إلى 77% منهم في مواقع الدردشة الإلكترونية “التشات” مقابل 12% فقط للإناث، ربما لطبيعة الذكور وما يتمتعون به من جرأة نسبية أيضاً، وعدم وجود قيود على الذكور في ارتياد هذه المواقع، والرغبة في تكوين المزيد من الصداقات، فضلاً عن النظرة الخاطئة إلى أن الذكر أقل عرضة للأذى أو الضرر مقارنة بالأنثى في مثل هذه السن، وهي نظرة تتفق مع ثقافة المجتمع السائدة إلى حد كبير.
جرس إنذار
لعلنا نجد في قراءة هذه المؤشرات أن 54.5% من الجنسين يترددون إلى غرف الدردشة الإلكترونية، وأن 46% منهم أيضاً يزورون مواقع التعارف، ومتوسط هذين المؤشرين يصبح 50.25%، ولو أمعنا النظر في هذه النسبة لوجدناها قريبة جداً من نسبة 52% التي تم التوصل إليها في إمكانية الوقوع تحت التأثير السلبي لاستخدام شبكة الإنترنت، وهذان الرقمان بمثابة “جرس إنذار” وتنبيه.
المشاهد والصور المبتذلة
أما ما يصادفه الأطفال من مشاهد وصور غير أخلاقية، ومبتذلة تتنافى مع القيم الأخلاقية والسلوكية، أو كلمات، أو إعلانات تخدش حياء الطفل، وتحمل معاني بذيئة وخارجة عن إطار المألوف، والأخلاق، وقيم المجتمع، نجد أن 76% من الذكور أشاروا إلى مشاهدتهم صوراً جنسية محرمة، مقابل 35% من الإناث، وهذه المشاهد أغلبها صور عارية من الجنسين، أو لقطات تخدش الحياء، بينما صادف 92% من الذكور، و86% من الإناث كلمات أو عبارات، أو إعلانات يرونها بذيئة، وخارجة عن الآداب والقواعد الأخلاقية السائدة من وجهة نظرهم.
من جانب آخر أشار 66% من الذكور مقابل 72% من الإناث إلى مبادرتهم نحو إغلاق نافذة الجهاز عندما يتعرضون للمشاهد أو الصور المبتذلة، في حين أشار 37% من الذكور فقط دون الإناث إلى استمرارهم في المشاهدة بدافع الفضول، وهي نسبة تتفق إلى حد كبير وطبيعة الجنسين. في حين أشار 33% من الذكور مقابل 58% من الإناث إلى المبادرة نحو إبلاغ أحد الوالدين “حسب الجنس”، وذهب 34?% من الذكور مقابل 48% من الإناث إلى أنهم يروون لأصدقائهم ما يشاهدونه.
وعن وجود رغبة ومعرفة، وفضول نحو اكتشاف المزيد من المعلومات حول هذه المواقع، أو الحاجة إلى معرفة المزيد من التفسير والفهم لما يشاهدونه فقد أشار 28% فقط من الذكور دون الإناث، إلى أنهم يستفسرون عن ذلك من خلال الأصدقاء في نفس السن، وقال 17% منهم “أحياناً”، ونفى 55% منهم وجود هذه الرغبة في المعرفة.
وتوزعت أسباب الرغبة في المعرفة إلى عوامل يراها الصغار، كحب الاطلاع، أو لأنها صور ومشاهد تثير الفضول والاهتمام. أما من أجاب بـ”لا”، فقد علل ذلك بكونها حراماً، وعيباً، أو أنها “ممنوعة”، أو لأنها تثير الألم والاشمئزاز من وجهة نظر “24%”. بينما ذكر “26% منهم” أنها تفرض أمامه كثيراً من التساؤلات الحائرة التي تحتاج إلى توضيح، بينما أشار 38% منهم إلى عدم الاكتراث لكونهم لا يزالون صغار السن.
وفي قراءة دقيقة لهذه المؤشرات، يجب ألا نغفل درجة مصداقية العينة من الإناث اللاتي أشرن إلى مصادفتهن هذه المشاهد، وكيفية التصرف، والرغبة في معرفة المزيد، لظروف وطبيعة المرحلة العمرية، والخجل، والخوف، وعدم ثقتهن في سرية الإجابات، أو لأنهن لا يدركن ذلك بصورة جيدة.
وهناك مؤشر آخر ينبغي التوقف عنده، وهو لجوء 34% من الذكور، و48% من الإناث للحديث والاستفسار من الأصدقاء والصديقات عما يشاهدن، وذلك ينبع من خطورة الأمر في وصول معلومات أو حقائق مشوهة، وغير صحيحة إلى الطفل في هذه السن، حيث تكون مسافة الحوار والمكاشفة حول الثقافة الجنسية متباعدة أو منعدمة في معظم الأحوال بين الآباء والأمهات من جانب، والأبناء من الجنسين من جانب آخر. وهو أمر ينطوي على سلبيات، ويشوه حقيقة العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى.
الأطفال يتحدثون
هند راشد “10 سنوات” تقول إنها دأبت على زيارة مواقع المعلومات على شبكة الإنترنت للاستفادة العلمية منها، وإنها سمعت عن الاستخدام الخاطئ للإنترنت، ومن ثم تتجنب الوقوع في مثل هذه الأخطاء، وإنها حريصة كل الحرص على اتباع إرشادات والديها عند استخدامها الإنترنت، وقد عرفت منهما ما هو حلال وما هو حرام والعيب والممنوع، وإنها حريصة أيضاً على الاستفسار عن طبيعة أي موقع قبل دخوله من الأم أو الأب أو الأخت الكبرى لها، ومن ثم فهي لم يصادفها موقف محرج، ما عدا بعض الصور التي تصاحب عدداً من الإعلانات، وتتفق هدى جمال وشريف سلطان العبري، وسمر البريكي وحمد حامد المنصوري “11 سنة” على مبادرتهم نحو إغلاق نافذة البرنامج عندما يصادفهم أي مشهد أو صورة غير أخلاقية، فهم لا يترددون في إبلاغ ذويهم عند مصادفة ما يجرح مشاعرهم، ويدركون تماماً ما يتعرض له الأطفال من مخاطر وأضرار عندما يتصفحون مواقع شبكة الإنترنت دون توجيه وإرشاد أولياء الأمور أو المعلمين بالمدرسة.
وتؤكد خولة عيسى السندي “10 سنوات” ما ينتابها من ألم واشمئزاز وتشتت للفكر، عندما تصادفها مثل هذه المشاهد الإباحية أحياناً عن طريق الإعلانات، أو بعض زوار الشبكة ولو بطريقة عابرة.
ابتذال وخدش الحياء
أشار استطلاع للرأي إلى أن%35 من الإناث اعترفن بمصادفتهن لمشاهد أو صور، أو كلمات وعبارات مبتذلة تخدش حياءهن، في حين أن نسبة ?76 من الذكور تعد نسبة طبيعية، وتتماشى تماماً مع نوعية المواقع التي يجرؤ الذكور على ارتيادها، وترتفع النسبة إلى%92 بين الذكور فيما يخص “الكلمات أو العبارات البذيئة”، وذلك في مواقع الدردشة عبر عشرات الغرف المخصصة لذلك في شبكة الإنترنت. وهناك تباين بين ردود أفعال الذكور والإناث، واعتراف%37 منهم بالاستمرار لمعرفة المزيد بدافع الفضول وحب الاستطلاع.
المصدر: أبوظبي