انتظر خالد طويلاً بدء العمل بالصيغ الإسلامية في البنوك المغربية ليتقدم بطلب قرض لقناعته الدينية الراسخة بتحريم الربا أو المعاملة بالفائدة مهما كانت الإكراهات وظروف المقترض· لكنه انضم إلى عدد متزايد من المغاربة الذين يرفضون التعامل بالربا واكتشفوا أن هذه الصيغ أو ما يطلق عليها رسمياً في المغرب (منتجات بديلة) تفادياً لاستعمال تعبير البنوك الإسلامية التي ظل المغرب على الدوام يرفضها أكثر كلفة بكثير من منتجات المصارف التقليدية· وقال خالد س· ويعمل بالتدريس لرويترز: ''توظفت في العام 1995 وكان بإمكاني اقتناء سكن عن طريق قروض بفائدة لكن قناعتي الدينية منعتني من التعامل بالربا''، وأضاف: ''ولما أعلن عن البدء في العمل بهذه الصيغ تحمست وقلت هذه هي الفرصة المواتية لكن دهشتي كانت كبيرة لما وجدتها أكثر كلفة وأغلى بكثير من المنتجات التقليدية فتراجعت''· وأثير موضوع إنشاء بنوك إسلامية في المغرب منذ أواخر التسعينات لكن الحكومة المغربية ظلت ترفض هذه الفكرة، ومع ازدهار الاستثمارات الخليجية في المغرب وتعالي الأصوات المطالبة من الداخل بإنشاء بنوك إسلامية أعلن المغرب العام الماضي عن طرح هذه الخدمات المصرفية تحت إسم المنتجات البديلة· ويقول محللون إن الدولة ترفض إضفاء صبغة دينية على هذه المنتجات وكأن المنتجات الأخرى غير دينية في بلد إسلامي، وتتلخص هذه المنتجات التي بدأ العمل بها في أول أكتوبر الماضي في ثلاثة بدائل هي ''الإجارة'' و''المشاركة'' و''المرابحة''، وقالت الحكومة إنها ''تعمل وفق الشريعة الإسلامية'' في اطار ''المجموعة المهنية لبنوك المغرب''· وتقوم ''الإجارة'' على أساس عقد تضع مؤسسات الائتمان منقولات وعقارات محددة ومملوكة لها تحت تصرف أحد الزبائن للإيجار، ويمكن أن يكون الايجار بسيطاً لفترة محددة سلفاً أو مصحوباً بالتزام من طرف المستأجر لشراء المنقول أو العقار المستأجر بعد انتهاء الفترة المتفق عليها· أما ''المشاركة'' فتعني كل عقد يكون الهدف منه اشتراك مؤسسة الائتمان بمساهمة في رأسمال شركة موجودة أو في طريق الإنشاء من أجل تحقيق الربح· ويشترك الطرفان في تحمل الخسائر في حدود مساهمة كل منهما وفي الأرباح حسب نسب محددة مسبقاً بينهما· وتقوم ''المرابحة'' على عقد بين إحدى مؤسسات الائتمان على سبيل التمليك وبناء على طلب الزبائن منقولاً أو عقاراً من أجل إعادة بيعه بتكلفة الشراء مع زيادة ربح يتم الاتفاق عليه مسبقاً، ويتم الاداء لاحقا من طرف الزبون دفعة واحدة أو على دفعات، ويقوم البنك باقتناء العقار وبيعه للزبون مما يجعل المقترض يتحمل التكلفة مرتين تكلفة اقتناء العقار لفائدة البنك وتكلفة في تاريخ انتهاء استحقاق البنك لفائدته مما يجعل المصارف تلعب دور الوسيط والممول· ويقول المحلل الاقتصادي نجيب بوليف من حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل لرويترز: ''البنوك غير مؤهلة ومستعدة 100 في المئة للتعامل بهذه المنتجات زيادة على أن عدداً من المغاربة لم يسمع بوجود هذه المنتجات''، وأضاف: ''حتى البنوك عندما يتجه إليها الزبون تقترح عليه المنتجات الكلاسيكة لأنها أقل كلفة وهذا لا يشجع بتاتاً في المضي قدماً في تسويق هذه المنتجات''· ويقول مدير أحد فروع التجاري وفا بنك أكبر مجموعة مصرفية مغربية فضل عدم نشر إسمه لرويترز: ''الزبون يتحمل مصاريف الرهن العقاري ومصاريف التسجيل·· أصلاً البنك يشتري بثمن مرتفع ولما يعيد بيع المنتج إلى الزبون من الطبيعي أن يصبح أغلى''، وأضاف: ''الأمر هنا لا يتعلق بنظام التعامل بالفائدة وإنما بصفقة يتحمل فيها الزبون كل المصاريف والتكلفة''، وقال مدير فرع البنك المتواجد في أحد الشوارع الرئيسية للعاصمة الرباط: ''منذ الإعلان عن هذه المنتجات لم نفتح ولو ملفاً واحداً لزبون فضل التعامل بهذه الصيغ''· وعن اتهام البعض للبنوك بعدم الإعلان عن هذه المنتجات كما هو الشأن بالنسبة للقروض التقليدية قال: ''لا أظن أنها محتاجة إلى إعلان الناس تتبعوا الإعلان عنها وكانوا ينتظرونها من زمان في كل مرة يسأل زبون ويجدها أغلى يتراجع''، ويذهب محللون أن هناك صراعاً خفياً بين السلطة وحلفائها في القطاعين المالي والاقتصادي من جهة والإسلاميين وانصارهم من جهة أخرى بشأن هذه المنتجات.