يبدو أن صناعة الطيران العالمية أصبحت تواجه أسوأ صيف لها على الإطلاق مع إمكانية تفاقم الأوضاع خلال فصلي الخريف والشتاء القادمين ما لم يعد جموع المواطنين إلى السفر والتحليق مرة أخرى. ففي الوقت الذي ظلت فيه صناعة الطيران تناضل لأكثر من عام بعد أن نأى الأثرياء من المسافرين بأنفسهم عن الإنفاق فإن الصناعة استمرت تتلقى الضربات الواحدة بعد الأخرى ومن جميع الاتجاهات منذ أن إنهار النظام المالي العالمي في سبتمبر الماضي. حيث تراجع بشكل حاد حجم الأعمال التجارية في جميع أنحاء العالم ما أدى إلى انخفاض مريع في حركة السفر العالمي. وأصبح من الصعوبة بمكان إدارة تكاليف الوقود وبعد أن عانت الشركات في السابق من دفع أسعار عالية قياسية في الصيف الماضي أصبحت الآن تواجه التقلبات الاستثنائية في الأسعار. أضف إلى ذلك أن أسواق الائتمان التي كانت تتجه إليها شركات الطيران عادة في الأوقات الصعبة لتلقي التمويل أصبحت الآن مترددة في الإقراض وتفرض في أفضل الأحوال أسعار عالية للفائدة. وبالنسبة للوقت الراهن، فقد اتفق المحللون على أن شركات الطيران بات يتعين عليها خفض المسارات وأعداد المستخدمين وترك بعض الطائرات رابضة على الأرض والاتجاه إلى فرض المزيد من الرسوم والأسعار حتى تتمكن من عبور واجتياز العاصفة. وبالنسبة لجموع المسافرين فإن هذا الأمر بات يعني أن شركات الخطوط الجوية سوف تعمد إلى خفض المزيد من أعداد الرحلات في فصل الخريف علاوة على المزيد من الزيادات في أسعار التذاكر. ولكن ولحسن الحظ فإن شركات الطيران التي يساورها القلق بشأن المحافظة على المسافرين الحاليين استمرت في تقديم تخفيضات في الأسعار. إلا أن هذه الخصومات في أسعار التذاكر لن تكون كافية لمواجهة الانخفاض المريع في حركة السفر الجوي المتوقعة بعد انقضاء الصيف، وذلك لأن معظم التخفيضات الجديدة في السعة بات من المتوقع أن يتم تنفيذها في سبتمبر المقبل. وفي الولايات المتحدة فإن أعداد المقاعد في الرحلات الداخلية سوف يتراجع إلى مستوى 65.5 مليون مقعد - أي إلى أقل رقم تم تسجيله منذ سبتمبر 1984، وفقاً لإحصائيات مكتب أو إيه جي للطيران المعني بمتابعة جداول الرحلات. أما في أوروبا وآسيا فقد عمدت شركات الطيران أصلاً إلى خفض السعة إلى أقل مستوى ممكن منذ سبتمبر الماضي ولكن هذا الخفض تسارعت وتيرته في الأشهر القليلة الماضية. وبرغم ذلك فإن الطلب من المسافرين ما زال يتراجع بوتيرة أسرع بكثير من خفض السعة الذي تمارسه شركات الطيران. وإلى ذلك، استمرت شركات الطيران في خفض الوظائف، إذ تراجع إجمالي أعداد المستخدمين في الناقلات الأميركية في أبريل الماضي إلى مستوى 583 ألف عامل من مستوى 624 ألف مستخدم في عام 2007. أما في جميع أنحاء العالم فقد انخفضت أعداد المستخدمين في الشركات الناقلة إلى مستوى 1.48 مليون شخص في عام 2008 وهو آخر رقم متوفر في منظمة الاياتا من مستوى 1.71 مليون شخص في عام 2000. ولكن انخفاض الطلب على المقاعد الفخمة في مقدمة الطائرة هو الذي بات يمسك بخفاق الصناعة بشكل خاص في هذه الجولة. فلقد اعتادت هذه الشركات عندما كان الاقتصاد في أوج نشاطه على فرض أسعار بآلاف الدولارات على المقعد الخاص بالزبائن من الأثرياء ورجال الأعمال وبشكل يدعم الخصومات المطبقة على المقاعد في مؤخرة الطائرة. أما الآن وقد استمر الاقتصاد في التدهور منذ الخريف الماضي فقد تراجعت أيضاً معدلات السفر بشكل عام. وبالإضافة إلى ذلك فقد ظلت المنافسة تحتد بصورة غير مسبوقة على المسارات العابرة للأطلنطي وبشكل ظل يمارس ضغوطاً عاتية على أسعار التذاكر في أكثر المسارات نشاطاً بالأسعار. «عن إنترناشونال هيرالد تريبيون»