أبوظبي (الاتحاد)
تستكمل، اليوم، اللجنة المنظمة لمساتها الأخيرة الخاصة بصالة مبادلة أرينا لاستضافة النسخة الحادية عشرة من بطولة أبوظبي العالمية لمحترفي الجو جيتسو. وقررت اللجنة المنظمة، أمس، رفع عدد الأبسطة التي ستقام عليها المنافسات من 9 إلى 11 بساطاً لاستيعاب الأعداد الكبيرة، التي قامت بالتسجيل.
أكد ذلك، محمد المرزوقي، مدير البطولة، وأشار إلى أن هناك أعداداً كبيرة من اللاعبين تم وضعهم على قائمة الانتظار، حيث سيتم الموافقة لأي منهم في حال اعتذار أي من اللاعبين المسجلين في اللحظات الأخيرة لأي سبب من الأسباب.
وقال المرزوقي: كل التجهيزات للبطولة تسير على قدم وساق، واللاعبون الأجانب بدأوا في الوصول إلى أبوظبي استعداداً لخضوع إجراءات الوزن، وهناك تيسيرات من الفنادق الرسمية الخاصة بالبطولة، ومن المنتظر أن يتوافد على الدولة بكثافة عدد كبير من المسؤولين عن اللعبة في العالم، وفي مقدمتهم أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي، ورؤساء الاتحادات القارية والوطنية المهمة.
ولرياضة الجو جيتسو موطن واحد، ففي نهاية كل موسم يكون أبطال العالم من مختلف القارات علي الموعد مع عاصمة الجو جيتسو العالمية بشهر أبريل من كل عام، حيث انطلاق بطولة أبوظبي العالمية للمحترفين.
أبوظبي لم تحصل على هذا اللقب مصادفة أو بالتشريف، بل هو ثمرةٌ طبيعية للدعم منقطع الكبير من قيادتنا الحكيمة، التي رأت في الجو جيتسو خير مهذبٍ للأخلاق وأفضل طريقٍ لتحسين اللياقة البدنية لمواطنيها والمقيمين على أراضيها، وتعد تلك البطولة تتويج للجهود الحثيثة والعمل الجاد الذي بذله جميع القائمين على هذه الرياضة النبيلة.
ولابد من الإشارة من هذا الموقع إلى أن الجو جيتسو شهدت النور في اليابان، وترعرعت في أميركا الجنوبية، وتحديداً في البرازيل، ولكن لم يشتد عودها ويقوى ساعدها إلا حين حطت الرحال في أبوظبي، حيث وجدت الدعم الكبير واحتضنها المجتمع بجميع أطيافه.
ووصلت هذه الرياضة إلى أبوظبي عام 1997 مع سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، الأب الروحي للعبة من الولايات المتحدة، حيث تعرف على الرياضة خلال دراسته هناك وأدرك بنظرته الثاقبة قيمها وأهميتها، وعمل سموه على إطلاق نادي أبوظبي للقتال في ذات العام.
وفي عام 1999، تبنى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رياضة الجو جيتسو، حيث رعى بطولة نادي أبوظبي للقتال، وكانت هذه الرعاية نابعةً من رؤية سموه بدور الرياضية في بناء الفرد والمجتمع معاً، ودورها في تهذيب شخصية الشباب وتنشئتهم على الأخلاق الحميدة.
وفي عام 2009، أطلق سموه بطولة أبوظبي العالمية لمحترفي الجو جيتسو، ليفتح بذلك صفحة جديدة في تاريخ هذه الرياضة وينقل الاهتمام بها من دوائر البطولات المحلية غير المعروفة إلى مستوى البطولات العالمية التي يتنافس جميع نجوم اللعبة حول العالم للمشاركة فيها والظفر بلقبها.
وأدركت رؤية سموه الحكيمة، ونظرته المستقبلية العميقة بأن رياضة بحجم الجو جيتسو يمكنها تسجيل حضورٍ أوسع في مختلف تجارب الحياة، حيث وجه سموه بإطلاق برنامج الجو جيتسو المدرسي عام 2008 لدى مجلس أبوظبي للتعليم حينذاك، إيماناً بالفوائد الصحية والعائد التعليمي والذهني للعبة على الطلبة.
ويهدف البرنامج لتشجيع التنمية الذاتية لكل طالب، وتحسين الصحة واللياقة البدنية للطلاب، وزرع بذور بناء منتخب قوي من خلال تنشئة جيل جديد من أبطال الجو جيتسو، وانطلق البرنامج مع انضمام 14 مدرسة، ليصل الآن العدد إلى أكثر من 165 مدرسة تدرج اللعبة ضمن برامجها التعليمية ومناهجها الدراسية، وبهذا تحولت أبوظبي من راعٍ للرياضة إلى جهة تزرع بذورها في النشء الجديد بهدف تنمية جيلٍ من أبطال اللعبة، يتحلون بقيمها في التعاون والتسامح والاحترام والانضباط، والعزيمة والتصميم والالتزام بأخلاق المجتمع والتحلي بالروح الرياضية.
وفي عام 2012، وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتأسيس اتحاد للجو جيتسو ليكون الجهة الرسمية الراعية للعبة في الدولة، ونهض الاتحاد بدوره في ترسيخ دعائم اللعبة وبناء مجتمع يتمتع بمستوى معرفي وثقافي عالٍ عن هذه الرياضة، ولعب الاتحاد منذ تأسيسه دوراً محورياً في ترسيخ حضور الرياضة محلياً وإقليمياً وعالمياً، حيث أطلق استراتيجيته الرائدة لنشر ثقافة رياضة الجو جيتسو عن طريق عقد شراكات رائدة مع أهم المؤسسات من شتى القطاعات والتعاون مع مختلف اتحادات الجو جيتسو حول العالم.
وتولى الاتحاد الإشراف على برنامج الجو جيتسو المدرسي، وحرص أيضاً على رفع رصيد الإمارات في الرياضة على المستوى العالمي، وتوّج جهوده الحثيثة بإقامة البطولات الرائدة محلياً وعالمياً، حيث تنطلق بعد أيام تاج البطولات التي ينظمها ممثلةً ببطولة أبوظبي العالمية لمحترفي الجو جيتسو والتي تستضيف أبوظبي نسختها الحادية عشرة في عام التسامح، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وبعد مرور عقد على إطلاق بطولة أبوظبي العالمية للمحترفين، يضم الاتحاد أكثر من 35000 لاعب من مختلف فئات الأحزمة، منهم ما يقارب 11000 عضو من أبناء الدولة يشاركون في مختلف البطولات المحلية والإقليمية والدولية، ويحملون رسالة فخر باسم الإمارات، ويبذلون جهودهم المخلصة لإعلاء رايتها في مختلف المحافل الرياضية.
ولن تتوقف أبوظبي يوماً عن دعم هذه الرياضة التي تتمتع بدعمٍ واسع على مختلف المستويات، لتستحق بكل جدارة لقب موطن الجو جيتسو، ولتكون البطولة التي تحمل اسمها مسك الختام في موسم بطولات الجو جيتسو التي ينظمها الاتحاد، وتواكب البطولة في نسخة عام 2019 احتفال الإمارات بعام التسامح، حيث تفتح أبوظبي ذراعيها مرحبة بأبطال الرياضة من مختلف أنحاء العالم، ولترسل رسالة للعالم باسم الإمارات عنوانها المحبة والاحترام، وتستخدم في رسالتها لغة الرياضة العالمية المشتركة بين جميع شعوب العالم.
الجو جيتسو تضاعف معدلات التوازن والتركيز
لكل رياضة قتالية فوائد، تعزز خصوصيتها، وتعظم من قيمتها، وما يميز رياضة الجو جيتسو عن غيرها من باقي الرياضات القتالية أن فوائدها ومنافعها تغطي مختلف الجوانب الشخصية والعقلية والسلوكية والأخلاقية، فهي تحسن مستوى اللياقة البدنية، والدفاع عن النفس، والتنسيق بين مختلف أطراف الجسم، وتضاعف معدل التوازن، والهدوء والتركيز، وتحديد الهدف بدقة، فضلاً عن الجمع ما بين الجانبين البدني والفكري، بما ينعكس على المجتمع ككل. وفي الجانب البدني تنمي جميع أطراف الجسم، فلكل حركة معنى خاص بها، وتتطلب تحريك جزء من أطراف الجسد، إما للأعلى أو الأسفل أو اليمين أو اليسار، ما يعني تحسين مستوى أداء العضلات وقوة الأجهزة الداخلية وفقدان الوزن، وتحسين نظام عمل القلب والأوعية الدموية، وكسب توازن أفضل وتقوية جهاز المناعة، وتقليل نسبة الإصابة بالأمراض، وتعلّم معاني الصبر والتحمل والنظام، ما يجعل من الجسم أكثر تناسقاً وكفاءة وقوة ومرونة
الجانب الفكري ضروري في الجو جيتسو، لأن ممارسته تحدث تغييرات نفسية لدى ممارسيها على الصعيد العقلي، عنوانها الحكمة والروية، والتواضع والأخلاق، والثقة بالنفس، والتحلي بالحذر والانتباه ويقظة الفكر، إضافة إلى خفض مستويات التوتر، وزيادة مستوى السيروتونين في الدماغ، ما يعني تراجع مستويات الاكتئاب وتحسين الحالة المزاجية.
وهناك فوائد عديدة للجو جيتسو على المجتمع، في مقدمتها أنه أصبح لغة عالمية مشتركة بين جميع شعوب العالم، تكتسي أهميتها من ممارستها، التي تروض النفس للخلق القويم، والفرد للجسم السليم والذهن على الاطلاع والمعرفة وتغرس بذرة صالحة، مفادها أن الحياة في المجتمع لا تسير إلا بقوانينه القائمة على التعاون الحميد والاحترام والصدق، والشرف والولاء والسلوكيات المثالية والشجاعة وأن التفكير الإيجابي هو أساس التغيير والبناء، إضافة إلى أنها تعزز من روح الفريق الواحد، وتقوي من أواصر العلاقات مع الآخرين، وتقدّم نظرة عن مشارب الدول والثقافات والحضارات.