تعمل العديد من المؤسسات المالية العالمية على تكثيف وجودها في أفريقيا اعتباراً من العام الحالي، للاستفادة من النمو السريع الذي تميزت به القارة خلال السنوات القليلة الماضية، حيث بدأ بنك”جي بي مورجان” في نوفمبر الماضي ولأول مرة تقديم خدمات مقاصة في جنوب أفريقيا، و افتتح “كريدي سويس” فرعاً جديداً له في جنوب أفريقيا ونقل بنك “ باركلير” مقره الرئيسي إلى جوهانسبرج . وأرجع مصرفيون هذا التوجه نتيجة للركود الذي يسود اقتصادات الدول المتقدمة، بالإضافة إلى إمكانيات قارة أفريقيا الغنية بالموارد على الرغم من تخلفها، وذلك في الوقت الذي أظهرت توقعات “صندوق النقد الدولي” أن يحقق اقتصاد جنوب الصحراء الكبرى نمواً يصل إلى 5,2% في 2011 ونحو 5,8% في 2012. ونتيجة للشكوك التي تخيم على سماء البنوك الأوروبية وسط المخاوف المتعلقة بعودة الركود وأزمة منطقة اليورو، يخطط “جي بي مورجان” للحصول على موافقة لفتح فرع يعمل بالعملة المحلية في نيجيريا، كما يسعى البنك لفتح مكاتب تمثيل في كل من غانا وكينيا في بداية العام الحالي. وفي ذات التوجه، قام “كريديت سويس” بفتح فرع جديد في جنوب أفريقيا في يناير 2011 في أول ظهور مستقل له في القارة بعد فض شراكته مع “ستاندرد بنك”، مما وفر للبنك السويسري فرصة التركيز على إنشاء عمل مصرفي استثماري على نطاق أوسع لخدمة القارة. كما نقل بنك “باركليز” مقره الرئيسي في أفريقيا من دبي إلى جوهانسبرج، ويُذكر أن البنك قام بشراء حصة قدرها 56% من بنك “أبسا جروب” في جنوب أفريقيا مقابل 2,9 مليار جنيه إسترليني في 2005، ليواجه تهماً منذ ذلك الوقت بعدم الاهتمام الكافي بأفريقيا. ولم يقتصر الأمر على البنوك الأوروبية فحسـب، بل تعداهـا لبنـوك أخـرى، حيث قام “آي سي بي سي” الصيني بفتح تمثيـل لـه في مدينة كيب تـاون في نوفمبر الماضـي، ليدفع 5,5 مليار دولار للحصول على حصة قدرها 20% من “ستاندرد بنك” في جنـوب أفريقيا في 2007، وذلـك في الـوقـت الـذي تحسنت فيه بعض قضايا الحوكمـة والاستقرار التي كانت تقف في طريق نمو القارة في الماضي. ويقول جون كاولتر، كبير المديرين الإقليميين لبنك “جي بي مورجان” في جنوب الصحراء “تحسن الحوكمة وسياسات الاقتصاد الكلي مصحوبة بحالة الاستقرار التي تشهدها عدد من البلدان الأفريقية، ساهمت جميعها في خلق تحسن ملحوظ في أداء القارة الاقتصادي ككل. ونتيجة لذلك، بدأ الكثيرون في التفكير بصورة أكثر جدية في أفريقيا كوجهة استثمارية وعملية”. الوربما يستغرقال“جي بي مورجان” عامين حتى يكون قادراً على مزاولة عمله بالشكل الأمثل في نيجيريا أكثر الدول الأفريقية كثافة في السكان، بينما تخطط المجموعة لاستثمارات طويلة الأجل في القارة. ويشير كاولتر في المقارنة بين البرازيل وأفريقيا، إلى أن الأخيرة تمر بذات المرحلة التي مرت بها أميركا اللاتينية قبل خمس إلى ست سنوات وبفتح مكاتب ممثلين وفروع تزاول نشاطها بالعملات المحلية، تأمل المجموعة بناء قاعدة يستند عليها عمل مصرفي استثماري أكبر. ويقول “تتيح لنا الفرصة المتوافرة حالياً في أفريقيا، بناء عملنا المصرفي التجاري لتوفير خدمات خزينة وعمل مصرفي للشركات لجميع عملائنا المنتشرين في أرجاء القارة الأفريقية، في نفس الوقت الذي نوفر فيه فرصاً استثمارية في المجال المصرفي. وفي حالة استثمارنا الآن، فإننا نجني ثماره سواء في غضون 5 أو 10 أو 20 عاماً، طالما أدركنا ضرورة ذلك الآن”. ويقدر البنك أن 35 من مجموع عملائه الرئيسيين البالغ عددهم 100 عميل، يوجدون في أفريقيا. ويرجع السبب الرئيسي لتوجه “كريديت سويس” صوب أفريقيا، إلى دعم تغطيته في الأسواق الناشئة في ظل تحول النماذج التجارية. وقدم البنك الاستشارات بالفعل في عدد من الصفقات التجارية مثل المناقصة التي تقدم بها “أتش أس بي سي” لبنك “نيد بنك” الجنوب إفريقي، واستحواذ “مجموعة أركليك” التركية على “ديفاي أبليانسيز” مقابل 326 مليون دولار. كما يخطط بنك “ستاندرد آند تشارترد”، أكثر البنوك الراسخة في أفريقيا، لعمليات التوسعة في القارة، حيث قام في العام 2010 بشراء أعمال الرعاية التابعة لبنك “باركليز” في أفريقيا. وتقول ديانا ليفيلد، المديرة التنفيذية للبنك في أفريقيا “لم يدرك العالم تماماً مدى الفوائد الاقتصادية الحقيقية الناتجة عن النشاط الصيني في أفريقيا”، كما تجاهل العالم أيضاً نشاطات المستثمرين من الهند وكوريا الجنوبية . وأضافت :لم تعد أفريقيا تلعب ذلك الدور الثانوي في المسرح العالمي، كما يدرك المستثمرون حقيقة النمو في كل من الصين والهند وما يعنيه ذلك في ما يخص طلب السلع، خاصة وأن كل منهما في حاجة متزايدة لموارد أفريقيا ومنتجاتها. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز ترجمة: حسونة الطيب