بلغت معدلات البطالة في دول “منطقة اليورو” أرقاماً قياسية خلال الأشهر الأخيرة، في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة التضخم أكثر مما توقعها المراقبون ولربما يعود الفضل في ذلك لارتفاع أسعار المواد الغذائية والنفطية. وبحسب وكالة “يوروستات” الإحصائية التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن معدل البطالة ارتفع في 16 دولة من الدول التي تستخدم عملة اليورو، من 9,9 % في يناير، إلى 10% في فبراير، لتسجل أعلى رقم لها منذ أغسطس 1998. كما أن المعدل بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، كان 9,6 % في شهر فبراير، وسجلت إسبانيا كواحدة من الاقتصادات الأوروبية الكبرى ارتفاعاً بلغ 19%، وذلك من نسبة 18,9% التي كانت عليها قبل شهر. أما هولندا فسجلت أدنى نسب البطالة من بين دول المنطقة عند 4 % فقط. وبلغت كذلك نسبة البطالة في فرنسا 10,1%. وفي تقرير منفصل، أشارت هيئة العمل المركزية الألمانية، لانخفاض معدل البطالة في ألمانيا في شهر مارس، وانخفاض عدد الذين فقدوا وظائفهم بنحو 31,000 ليصبح العدد 3,38 مليون. كما انخفض معدل البطالة الموسمية من 8,1 % إلى 8 %. ويقول ماركو فالي أحد كبار الاقتصاديين الإيطاليين في يوني كريديت البحثية في ميلان، أن وتيرة البطالة قد خف وقعها بين دول منطقة اليورو. كما يتوقع أن يبلغ معدل البطالة رقماً قياسياً عند 10,7% في نهاية هذه السنة، أو بداية السنة المقبلة. ولا تزال النظرة المستقبلية بالنسبة للمنطقة ككل، غير واضحة، وذلك حسبما ذكرته المفوضية الأوروبية في تقرير نشرته مؤخراً. فتقول “في الوقت الذي يتعافى فيه اقتصاد منطقة اليورو، لا يزال ذلك الاقتصاد يواجه رياحاً صعبة، حيث يؤدي سوق العمالة الهش إلى تراجع الطلب، كما تتسم معظم مصادر النمو بطبيعة مؤقتة، وأن سرعة تعافي المنطقة ما زالت تخضع للاختبار”. وحذر التقرير أيضاً من عدم التوازن الداخلي لمنطقة اليورو قائلاً: “إن الأزمة أدت لتضييق حجم فروقات الحسابات الجارية داخل دول المنطقة التي تعتبر بمثابة تصحيح طفيف للتباينات التنافسية بين تلك الدول”. ويبدو أن هذا التفكير لم يعجب الفرنسيين على وجه الخصوص. كما أغضب التعليق الذي أطلقته وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاجارد التي انتقدت فيه نموذج الاقتصاد الألماني في إحدى مقابلاتها مع الفاينانشيال تايمز، المسؤولين الألمان، والذي أحيا جدلاً قديماً كان يدور حول النموذج الاقتصادي الذي ينبغي أن تتبعه أوروبا. وتنتهج ألمانيا نظاماً مالياً صارماً، ووسطية في الأجور، ونمواً يعتمد على الصادرات والإمدادات، بينما تستخدم فرنسا طلب المستهلك، والإنفاق العام، لتحديد معدلات نموها المعتدل. وحالياً يبدو أن النموذج الألماني هو الأكثر عائداً، حيث سجلت ثقة الأعمال التجارية في ألمانيا ارتفاعاً كبيراً في مارس لم تشهده منذ يونيو 2008، كما ارتفعت أيضاً طلبيات الماكينات والمصانع في ألمانيا، وذلك حسب آخر الإحصاءات. وتشير أرقاماً “يوروستات”، إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية في منطقة اليورو بنسبة 1,5% في مارس مقارنة بالسنة الماضية، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الرقم مبدئي، وسوف يتم نشر التفاصيل كاملة في 16 أبريل الحالي. ويعزي المحللون هذه الزيادة لارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية، حيث ساعدت الأجواء الباردة هذا الشتاء في ارتفاع أسعار الأغذية الطازجة. ويذكر كونيس نيك كبير الاقتصاديين في بنك “فورتيس” الهولندي، أن الأرقام الفردية التي نشرت عن بعض بلدان منطقة اليورو، تشير إلى أن التضخم الذي يستثني المواد الغذائية والوقود، ربما يكون صادف ارتفاعاً هو الآخر. لكنه أضاف بأن أي ارتفاع مثل هذا، قد يكون مؤقتاً، طالما أن الإنتاج سيبقى على ما هو عليه دون السعة الكاملة، وأن نمو الأجور، سيبقى غير قادر على الارتفاع. ومقارنة بالوضع الألماني، انخفضت ثقة المواد الاستهلاكية في بريطانيا بصورة مفاجئة في مارس، نسبة للأجواء التشاؤمية التي سادت الأسر هناك قبل أسابيع من الانتخابات العامة. عن «وول ستريت جورنال»