كل مرة ينبعث فيها صوت ضربات العود وأغاني ميحد حمد من مسجل سيارتي يدور في خاطري نفس التفكير، دائماً أفكر في الكلمات، فقط الكلمات، لا اللحن يشجيني ولا الصوت الذي سجل منذ السبعينات يطرب خاطري، هناك سحر فقط في الكلمات المنسابة لا أكثر. تختفي أمور كثيرة من أمامي، يتقلص صوت عزف العود إلى أقصى حد وتتردد كلمات الشيخ زايد بن سلطان «رحمه الله»، مانع سعيد العتيبة، فتاة العرب، سالم الجمري، راشد الخضر وربيع بن ياقوت وغيرهم، كلمات تحملني إلى الخمسينات من القرن المنصرم، وربما أكثر. من بين الكلمات المغرقة في المحلية أجد نفسي، هناك أتجسد وأنا أستمع لكلمات انقرضت تقريبا من على الألسنة، فقدت وحل محلها ما أسموه « اللهجة البيضاء» هذه اللهجة التي صارت خليطا من كل اللهجات العربية فأفقدت لهجتنا المحلية هويتها! تلك الأغاني التي سجلها ميحد حمد في السبعينات حفظت -بشكل ما- مفردات كثيرة من الاندثار، وساهمت أيضا في معرفة جيل هذا اليوم بمعاني تلك الكلمات التي لم يعد الكثيرون -حتى من كبار السن- يقولونها أمامهم، واختفت من الوجود. أعلم أن لا علاقة لميحد حمد بالموضوع، وأنه ربما لم يكن يقصد أن تدخل أغانيه إلى عقلي وتختلط بعلم اللسانيات أو اللغويات Linguistics وهو علم يهتم بدراسة اللغات الإنسانية وخصائصها وتراكيبها ودرجات التشابه والتباين فيما بينها، لكني أجد أنه ساهم فعلا في حماية مفردات إماراتية كثيرة من الاندثار. قد لا يروق رأيي للبعض، وربما يؤيدني آخرون، لكنه رأي لا أكثر يحتمل الصواب والخطأ، وحتى أجد ما يقنعني بخطئي، أقدم لكم ما يثبت رأيي، قصيدة لراشد الخضر غناها ميحد حمد وأغلب الناس يجهلون اسم الشاعر والملحن ويحفظون فقط اسم ميحد حمد: انت حبّك هاتك اسراري ...السقم والسبب من صوبك وانت انته جنتي أو ناري... ممتثل أمرك ومطلوبك عقد حسنك صاغه الباري... حلو من راسك إلى اجعوبك لك على قلبي نهر ياري ...لو بتذنب يمحي اذنوبك الجمال ابحسنك ايماري... والهوى والغيّ يزهو بك جني الوجنه داني اثماري... والمسج من خنه انيوبك يوم تبغي ييت بجماري ... يوم ما تبغي اتعايوبك فتحية البلوشي fmohamed@admedia.ae