دينا محمود (لندن)
كشفت صحيفة «الجارديان» البريطانية النقاب عن أن النظام التركي دفع حتى الآن بما لا يقل عن 300 من المسلحين السوريين المتحالفين معه للقتال في ليبيا، من أجل مساندة حكومة فايز السراج، التي تدعمها الميليشيات المتشددة المتحصنة في العاصمة طرابلس.
وقالت الصحيفة إن هؤلاء المسلحين «وُضِعوا بالفعل على جدول الرواتب لدى السلطات التركية»، ما يشير إلى أنهم سيكونون بمثابة «مرتزقة» تستغلهم حكومة السراج، للخروج من مأزقها الميداني الراهن.
وفي تقرير لمراسلتها في إسطنبول بيثان ماكيرنان، ألمحت «الجارديان» إلى أن الاستعانة بـ «المرتزقة السوريين» يستهدف مواجهة ضغوط الرأي العام التركي، الذي أكدت أنه يتخذ موقفا معارضا بشدة للتدخل العسكري، رغم إصرار الرئيس رجب طيب أردوغان على أنه لم يتعد حتى الآن إرسال «35 عسكريا تركيا إلى ليبيا، للاضطلاع بمهام استشارية»، من دون القيام بمهام قتالية، بحسب زعمه.
وانتقد التقرير الضغوط التي مارسها الرئيس التركي عبر حزبه الحاكم وحلفائه في حزب الحركة القومية على نواب البرلمان، لإقرار مثل هذا التدخل، الذي سيؤدي لتعميق ما يدور في ليبيا من حرب بالوكالة، ويمثل أيضا «استعراضا (فجا) للعضلات الدبلوماسية والعسكرية».
كما أكدت «الجارديان» أن الزج بالقوات التركية وحلفائها السوريين في الصراع الدموي الراهن في ليبيا، يرمي في المقام الأول لضمان تنفيذ الاتفاقية البحرية المبرمة أواخر العام الماضي مع حكومة السراج، والتي تُمَكِّن أنقرة من الحصول على حقوق تنقيب عن النفط والغاز بشكل غير مشروع في شرق البحر المتوسط.
وحذرت من أن التورط التركي في الشأن الليبي سيقود لإضعاف حكومة حزب العدالة والتنمية، ويؤذن بأن يواجه أردوغان «عاما آخر مضطربا على الصعيدين الداخلي والخارجي» لا سيما بعد ظهور عدد من القوى السياسية المناوئة له، بقيادة حلفائه القدامى، مثل رئيس الوزراء الأسبق أحمد داوود أوغلو، ووزير الاقتصاد السابق كذلك علي بابا جان، الذي يحظى بالدعم من جانب الرئيس السابق للبلاد عبد الله جُل.
وأشارت «الجارديان» في الوقت ذاته إلى أن الاندفاع في دعم حكومة السراج، يشكل كذلك محاولة لإلهاء الأتراك عن أزماتهم الداخلية، من خلال افتعال «صراعات وجودية» مع الولايات المتحدة تارة، ومع الوحدات المسلحة الكردية في سوريا والجيش الوطني في ليبيا تارة أخرى.
وشددت الصحيفة المرموقة في تقريرها على أن اختلاق هذه الأزمات الخارجية، يستهدف حشد دعم الناخبين الأتراك لرئيسهم «الذي فقد هالته السحرية، على ما يبدو، بعد الهزائم المذلة التي مُني بها حزبه العام الماضي في الانتخابات المحلية»، التي انتهت بفقدانه السيطرة على العديد من البلديات الرئيسة في تركيا.
وأبرزت الصحيفة البريطانية مفارقة مفادها بأن تحويل أردوغان النظام الحاكم في تركيا إلى رئاسي بدلا من برلماني، يجعل من اليسير على أحزاب المعارضة تشكيل تحالف يسعى لإفقاد الحكومة الحالية الأغلبية الضئيلة التي تتمتع بها في البرلمان، ما يثير إمكانية إجراء انتخابات مبكرة، من دون الانتظار إلى الاقتراع المقرر عام 2023.