حذر وسطاء ومطورون من أن تعثر شركات المقاولات القطرية في سداد الديون المستحقة عليها للبنوك يهدد الاستثمار العقاري في قطر بالجمود خلال الفترة المقبلة. وقالوا إن عدداً من المستثمرين الأفراد وشركات التطوير العقاري وكذلك شركات المقاولات غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه البنوك. وأشاروا إلى أن انخفاض الطلب على شراء العقارات إضافة إلى تراجع أسعار الإيجارات التي كانت محفزاً أساسياً للتوسع في الاستثمارات العقارية خلال الفترة الماضية من الأسباب الرئيسية وراء تعثر الشركات في سداد الديون المستحقة عليها. ورغم تأكيد الخبراء أن ديون شركات المقاولات وشركات التطوير العقاري ليست ديوناً معدومة، ومضمونة بأصول عقارية، إلا أن عجزها عن السداد جعل البنوك تتخوف من منحها مزيداً من الائتمان. وقالوا إن المشكلة الآن هي أن الشركات لديها مشروعات عقارية انتهت من تنفيذها ولكنها لم تنجح في تسويقها، فضلاً عن مشروعات أخرى ما تزال تحت التنفيذ ولكنها لا تملك السيولة الكافية لإنجازها. ولذلك يرى الخبراء أن قطاع المقاولات سيواجه أوضاعاً صعبة نسبياً خلال العام الحالي، وأكدوا أن الشركات تحتاج إلى دعم البنوك في الفترة المقبلة، مؤكدين أن توقف المصارف عن التمويل يعني توقف الحركة العقارية تماماً. وقال ناصر المير رئيس لجنة المقاولات بغرفة تجارة وصناعة قطر إن القطاع العقاري كان أحد أهم القطاعات التي ظهرت عليها الآثار السلبية للأزمة العالمية التي انفجرت في سبتمبر من عام 8002. وأضاف “من أبرز هذه الآثار عدم قدرة عدد كبير من المستثمرين الأفراد أو شركات التطوير العقاري وكذلك شركات المقاولات على الوفاء بالتزاماتها تجاه البنوك في ظل تراجع الطلب على شراء العقارات إضافة إلى تراجع أسعار الإيجارات”. يذكر أن البنوك القطرية كانت قد رفعت قيمة المخصصات المرصودة لمواجهة أزمة القروض المتعثرة والديون المشكوك في تحصيلها. وبلغت تلك المخصصات خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2009 نحو 2.2 مليار ريال، وهو ما يعادل 1% من إجمالي حجم الائتمان الممنوح للعملاء خلال نفس الفترة. وأرجع مصرفيون تلك المخصصات إلى الأزمة المالية العالمية التي شكلت السبب الرئيسي في زيادة حجم الديون المتعثرة لدى البنوك، مشيرين إلى أنها تسببت في انكماش معظم قطاعات الاقتصاد القطري الأمر الذي أدى إلى تأجيل وتباطؤ كثير من المشروعات خاصة في القطاع العقاري . وقال رئيس لجنة المقاولات بغرفة التجارة إن شركات التطوير عجزت عن سداد القروض التي سبق وأن حصلت عليها من البنوك لأسباب خارجة عن إرادتها، مشيراً إلى أن زيادة المعروض من الوحدات العقارية والتي قابلتها قلة كبيرة في الطلب أدت إلى تراجع أسعار الإيجارات بنسب غير متوقعة. وأشار إلى أن تراجع القيم الإيجارية أدى إلى فشل الشركات في تسويق المشروعات التي قامت بتنفيذها أو سوقتها بأسعار أقل كثيراً مما كانت تتوقع. ولكنه أكد أن الوضع في السوق القطرية، سواء على المستوى المصرفي أو العقاري، مطمئن للغاية، ولا يدعو إلى القلق. وأشار إلى أن الجهاز المصرفي القطري قوي ومستقر، كما أن الدولة تدخلت أكثر من مرة لدعم هذا القطاع الحيوي. أما بخصوص السوق العقارية، فقد قال المير إنها دخلت في مرحلة تصحيح بعد الطفرة الكبيرة التي شهدتها الأسعار خلال الأعوام الماضية، الأمر الذي أربك حسابات المقاولين والمطورين. وقال “نحن الآن أمام إشكالية كبيرة تتمثل في تعثر المطورين وشركات المقاولات عن الوفاء بالتزاماتهم تجاه البنوك، بالمقابل تتخوف البنوك من منح مزيد من الائتمان للقطاع العقاري”. وبين أن حل هذه الإشكالية يحتم على الطرفين اللجوء إلى حوار بين الدائن والمدين لاستعراض وجهات النظر والسماح لكل طرف بأن يبدي وجهة نظره لحل الأزمة. وأكد أن الحوار بين الطرفين سيؤدي حتماً إلى وضع حلول تضمن للبنوك استعادة أموالها وفي نفس الوقت توفر التمويل اللازم لاستمرار العمل في القطاع العقاري . من جانبه، أكد أحمد العروقي المدير العام لشركة عقار للتطوير والاستثمار العقاري أن الركود الشديد الذي عانت منه السوق العقارية القطرية بعد الأزمة المالية كان السبب الرئيسي في تعثر شركات المقاولات عن سداد الديون التي عليها للبنوك. وقال إن الركود لم يقتصر على نوع واحد من العقارات بل شمل أنواع العقارات كافة، وهو الأمر الذي لم يعط الشركات الفرصة في التركيز على نوعية معينة تضمن لها توافر السيولة اللازمة لسداد أقساط الديون. وأضاف العروقي أن الأزمة المالية جاءت لتربك كل الحسابات بسبب تراجع الأسعار بنسب قاربت الـ40 %، فضلاً عن فشل الكثير من الشركات والمطورين الأفراد في تسويق مشروعاتهم العقارية. أكد العروقي أن ديون شركات المقاولات وشركات التطوير العقاري ليست ديوناً معدومة، مشيراً إلى أن جميع هذه الديون مضمونة لدى البنوك بالأصول العقارية التي تم تنفيذها. ولذلك يرى أن شركات المقاولات وشركات التطوير في وضع “لا تحسد عليه”، مشيراً إلى أن قطاع المقاولات سيواجه أوضاعاً صعبة نسبياً خلال عام 2010، نظراً لأن معظم الشركات كانت جهزت نفسها ووضعت خططها للدخول في مشروعات جديدة إلا أن استمرار حالة الركود الحالي أدت إلى نقص السيولة لدى جميع الشركات، وهو الأمر الذي أدى إلى عجزها عن سداد مستحقات البنوك فضلاً عن عدم قدرتها على استكمال بعض المشروعات التي لديها. وقال إن شركات المقاولات تحتاج إلى دعم البنوك في الفترة القادمة مشدداً على ضرورة قيام البنوك بدراسة حالة كل عميل على حدة للتعرف على أسباب التعثر وتحديد الأساليب الممكنة لمساعدته. وأكد أن توقف البنوك عن التمويل يعني توقف الحركة تماماً، وهو الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى خسارة البنك وإفلاس الشركة. وقال خليفة المسلماني، مستثمر ومطور عقاري، إن العائد على الاستثمار العقاري تراجع بنسبة تتجاوز الـ20 % خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن جميع الشركات والمستثمرين في القطاع العقاري وضعوا دراسات الجدوى بناء على أوضاع وأسعار معينة.