عقيل الحلالي، وكالات (عدن، صنعاء)
عقد البرلمان اليمني، أمس، في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت أولى جلساته، بعد انقطاع دام أكثر من 4 سنوات منذ انقلاب ميليشيات الحوثي الإرهابية الموالية لإيران على السلطة في صنعاء أواخر العام 2014. وحضر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، ونائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر، ورئيس الحكومة معين عبدالملك، افتتاح دورة الانعقاد غير الاعتيادية لمجلس النواب في سيئون بمشاركة 142 نائباً من أصل 301، هم قوام المجلس التشريعي بينهم 34 متوفين، ليكتمل بذلك النصاب القانوني لانعقاد الجلسة التي وصفت بـ«التاريخية» وحضرها أيضاً رئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي، ومبعوث الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي لدى اليمن، الفريق مدخل دخيل الهذلي، وسفراء عدد من الدول.
وفي مستهل الجلسة الاستثنائية، انتخب أعضاء مجلس النواب، بإجماع الحاضرين، النائب سلطان البركاني، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الشعبي العام، رئيساً للبرلمان خلفاً ليحيى الراعي، الخاضع للإقامة الجبرية لدى ميليشيات الحوثي في صنعاء مع نحو 40 آخرين من أعضاء البرلمان.
كما تم انتخاب كل من محمد علي الشدادي ومحسن باصرة وعبدالعزيز جباري أعضاءً لهيئة رئاسة مجلس النواب.
ودعا الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في كلمته، خلال افتتاح جلسة مجلس النواب، ميليشيات الحوثي الإرهابية، إلى إلقاء السلاح والبدء في محادثات سلام، مؤكداً أن انعقاد البرلمان يشير بوضوح لفشل المشروع الحوثي المدمر. وقال هادي «ألم يحن الوقت لإلقاء السلاح والبدء في السلام، نمد يدنا بالسلام للحوثيين، لأن اليمن غال وعزيز»، مضيفاً: «لا ترهنوا حاضر ومستقبل اليمن لأعداء البلاد».
وأضاف أن «الشرعية اليمنية تهدف لإنجاز سلام شامل وفق المرجعيات الثلاث، إلا أن ميليشيات الحوثي تعرقل تلك الجهود وتتعمد إفشال كل الاتفاقيات». وأكد الرئيس اليمني أن «أهم أولوياتنا في الوقت الراهن هي هزيمة الانقلاب»، مشيراً إلى أن الحوثيين رفضوا كل دعوات الحوار والسلام ويتعمدون إفشال أي محاولات للحل السلمي، و«اليوم يستعيد اليمنيون أحد أهم مؤسسات دولتهم، أدعو كل البرلمانيين الذين لم يلتحقوا بأن ينضموا إلى البرلمان». ودعا هادي المجتمع الدولي للتصدي لمماطلات الحوثيين في مباحثات السلام، متهماً الحوثيين بسرقة المساعدات الإغاثية الموجهة لليمنيين والمتاجرة بها، مشدداً على أن مؤسسات الدولة ملتزمة بتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وأن أي موظف في الدولة لا يقوم بمهام وظيفته هو خائن للوطن والشعب. وقال الرئيس اليمني: «أناشد اليمنيين بالتمسك بالأمل رغم تهديدات وانتهاكات الحوثيين، لم نكن نريد الحرب وبذلنا كل ما في وسعنا لتفاديها»، مضيفاً: «أثق في النصر على الانقلاب لننطلق بعده في بناء اليمن الاتحادي الجديد».
بدوره، دعا رئيس مجلس النواب الجديد، سلطان البركاني، بعد انتخابه، الوزراء والمسؤولين للعودة إلى عدن والقيام بمهامهم من العاصمة المؤقتة للبلاد، والتخفيف من معاناة الشعب اليمني وتحقيق السلام. وطلب البركاني من كافة الوزراء والقيادات العودة وإدارة شؤون البلاد من عدن. كما دعا البركاني الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى إصدار قرار بالعودة لكافة قيادات الدولة للقيام بمهامهم من عدن. وأكد البركاني أن إيران تسعى، عبر المشروع الحوثي، لتثبيت نفوذها من اليمن إلى لبنان. وأضاف: «مصممون على هزيمة انقلاب الحوثيين ليستعيد الشعب اليمني دولته»، مشيداً بدور تحالف دعم الشرعية في وجه الانقلاب، مشدداً على أن الانقلابيين يعملون على تنفيذ برنامج فارسي.
وقال البركاني: إن «اجتماع البرلمان اليمني في سيئون يأتي متوافقاً مع مواد الدستور».
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور مشعل السلمي رئيس البرلمان العربي، أمس، أن ميليشيات الحوثي الإرهابية الموالية لإيران منعت وصول المساعدات إلى اليمنيين وزعزعت الأمن والاستقرار في المنطقة كلها وجندوا الأطفال وانتهكت الحقوق والحريات. وأضاف السلمي في كلمته خلال جلسة مجلس النواب اليمني، أننا ندين بأشد العبارات الممارسات الآثمة التي ترتكبها ميليشيات الحوثي ضد الشعب اليمني الشقيق، مشيراً إلى أن الميليشيات أثبتت أنها الطرف المعرقل لتنفيذ اتفاقات ستوكهولم. ووجه رئيس البرلمان العربي تحية إجلال لخادم الحرمين الشريفين على قراره بإطلاق عاصفة الحزم، لافتاً إلى أن السعودية والإمارات خصصتا 200 مليون دولار لحملة هدفها تخفيف معاناة الشعب اليمني الشقيق. كما أعرب السلمي عن إدانته لما يرتكبه النظام الإيراني من عدوان سافر على سيادة اليمن وتهريب الأسلحة والصواريخ الباليستية، بهدف هدم الدولة وتفتيت المجتمع وزعزعة الأمن في المنطقة.
إلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن انعقاد البرلمان اليمني يعد الخطوة الأولى لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، والمضي قدماً في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وإتمام التحول السلمي، وهو ما ترمي إليه المبادرة الخليجية. وأعربت الخارجية الأمريكية في بيان، أمس، عن تهنئتها للشعب اليمني بانعقاد أول جلسة لمجلس النواب منذ 2014. وكان السفير الأمريكي لدى اليمن ماثيو تولر أكد في وقت سابق، أمس، أن انعقاد البرلمان اليمني في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت يرمز إلى تقدم العملية السياسية في البلاد. وعبّر عن أمله في أن تؤدي الإصلاحات التي تم الإعلان عنها إلى برلمان أقوى وأكثر تمثيلاً لجميع اليمنيين، وأن تلعب دوراً رئيسياً في إعادة إعمار اليمن. وتابع: «ترمز هذه الجلسة البرلمانية إلى التقدم في العملية السياسية التي ستقود الطريق نحو المصالحة الوطنية، التي يمكن أن تنهي الصراع، وتضمن مستقبلاً أكثر إشراقاً لجميع اليمنيين».
ورحبت دولة البحرين بانعقاد مجلس النواب اليمني، مؤكدةً أن هذه الخطوة تجسد حرص اليمنيين وتمسكهم بقيادتهم الشرعية والثوابت الوطنية من أجل تحقيق تطلعاتهم في الأمن والاستقرار والتنمية والرخاء. وأكدت وزارة الخارجية البحرينية، في بيان أمس، أن مشاركتها في افتتاح الجلسة تعكس التزامها ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بالتوصل لحل سلمي شامل وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خاصة القرار رقم 2216، وبما ينهي كافة أشكال التدخلات الإيرانية، التي تهدد وحدة اليمن وسلامة أراضيه وجواره الإقليمي.
تظاهرة حاشدة لدعم البرلمان في تعز
شهدت مدينة تعز، أمس، مظاهرة ضمت الآلاف من أنصار حزب «المؤتمر الشعبي العام» لدعم انعقاد مجلس النواب اليمني للمرة الأولى منذ الانقلاب الحوثي في 2014، كما طالب المتظاهرون باستكمال تحرير محافظة تعز وبدعم الجيش اليمني.
وجابت المسيرة شوارع المدينة، رافعةً لافتات وأعلام المؤتمر الشعبي العام ولافتات تحمل عبارات تطالب بلم شتات الأحزاب وتوحيد الصف للمضي نحو تحرير المحافظة. كما طالب المشاركون في المسيرة باستكمال تحرير محافظة تعز وفك الحصار المفروض على المدينة من قبل ميليشيات الحوثي الإرهابية، وبفرض الأمن والاستقرار في مدينه تعز عبر تفعيل مؤسسات الدولة. وأكد المتظاهرون على الوقوف بجانب الشرعية ممثلة بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وبجانب قيادة تحالف دعم الشرعية. كما أكدوا دعمهم لمجلس النواب ومباركتهم لانعقاد جلساته في مدينة سيئون وتأييدهم لهيئة المجلس برئاسة سلطان البركاني.