حسونة الطيب (أبوظبي)

بخزائن أتخمها احتياطي الذهب والسيولة النقدية التي ناهزت الـ 472 مليار دولار في بنكها المركزي، تخطط روسيا للإنفاق في مشاريع البنية التحتية والنهوض باقتصاد البلاد العام الجاري، بحسب صحيفة «ذا نيويورك تايمز».
وأصبحت روسيا في العام الماضي، خامس أكبر دولة في احتياطي الذهب متفوقة على الصين، بينما تجاوز احتياطها النقدي، إجمالي الدين العام والأجنبي معاً، المقدر بنحو 453 مليار دولار، ما يزيد بنحو ثلاث مرات عن المبلغ الذي يُوصي به صندوق النقد الدولي.
لكن رغم ذلك، لا يعتبر الاقتصاديون أن أياً من هذه المدخرات المذهلة، أمر مُحبذ، حيث تعكس جزئياً كيف تأخر الاستثمار في روسيا وكيف أدت العقوبات الغربية إلى إضعاف اقتصادها. لكن ربما تدعم هذه العُقدة، مستقبل النشاط الاقتصادي الموجه من قبل الدولة، في الوقت الذي تغير فيه روسيا سياستها وتنوي إنفاق نحو 100 مليار دولار على مشاريع البنية التحتية الكبرى.
والتوجه الجديد، الذي تم الإعلان عنه في شهر يناير الماضي، عبارة عن مبادرة بناء وإنفاق، بغرض تمهيد الطريق نحو نمو مستدام للبلاد. وحكام الأقلية ورجال الأعمال، هم من ضمن من أمرتهم الحكومة بريادة هذه المبادرة، بدعم مادي سخي منها أيضاً.
لا يطلق على البرنامج المعروف باسم الأهداف الوطنية والاستراتيجية للاتحاد الروسي 2024، خطة خمسية وهو عبارة عن أداة مركزية تعتمد عليها البلاد لتحديد أهداف اقتصادية وتوجيه دفة الإنفاق العام، بيد أنها ستستمر لمدة 5 سنوات ابتداء من منتصف العام الجاري.
ويصف كليمنز جرافي، الخبير الاقتصادي الروسي في «جولدمان ساكس»، المبادرة بالنموذج التنموي المختلف مما كانت تنتهجه روسيا لفترة طويلة من الوقت. وتحولت الحكومة، من تشجيع المستهلك على الإنفاق مدعوماً بزيادة الأجور في القطاع العام، إلى ضخ المال في الطرق والموانئ والمستشفيات.
ومنذ عام 2014، السنة التي شهدت ضم شبه جزيرة القرم، عانت روسيا من الركود أو من وتيرة نمو متثاقل، إلا أن اقتصادها حقق نمواً بنحو 2,3% خلال العام الماضي. ونجحت الحكومة والشركات في الوقت نفسه، من ادخار مبالغ طائلة من السيولة النقدية. وبحكم القانون، فإن العائدات الضريبية لصادرات النفط، التي استمرت في دعم اقتصاد البلاد، ينبغي ادخارها عندما يكون السعر فوق 40 دولاراً للبرميل، لينتهي المطاف بهذه الأموال في صناديق الثروة السيادية.
ويهدف البرنامج الجديد، لزيادة استثمار رأس المال لنسبة قدرها 25% من الناتج المحلي الإجمالي، من واقع 20% حالياً.
ويقول وزير المالية أنتون سيلوانوف بهذا الخصوص «يعتبر وضعنا الحالي مختلفاً عما كان عليه قبل ست سنوات، حيث نقوم الآن، ببناء نظام رأسي إداري موحد، يبدأ من الأعلى إلى الأسفل».
ومن المخطط، مساهمة التعديلات التي تُجرى على الضرائب والمعاشات وعلى سياسة الميزانية، في تمويل المشاريع الاستثمارية. وعملت روسيا في العام لماضي، على خفض إنفاق المعاشات، من خلال زيادة سن التقاعد بخمس سنوات، مع زيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة بنحو 2% بداية من العام الجاري، إلى 20%، بهدف إطلاق العنان لإنفاق المال على مشاريع البنية التحتية.
ويتوقع الكرملين، استجابة رجال الأعمال لسياساته التي وصفها بالوطنية ومقاومة ما هو مدمر سواء على الصعيد الشخصي أو المالي. وعلى سبيل المثال، أعلن أليكسي مورداشوف، المساهم الرئيسي ومدير «سيفرستال»، الشركة الروسية لصناعة الحديد، عن خطة يتم بموجبها استثمار نحو 1,4 مليار دولار سنوياً، في حين زادت شركات أخرى خطط الإنفاق، في إشارة لجدوى مبادرة الحكومة.