عُيّن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دلقو، مساء اليوم السبت، نائباً لرئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، في وقت لا يزال المتظاهرون متمسكين بموقفهم المتمثل بحكومة مدنية وإزاحة كل رموز النظام السابق ومحاسبتهم.
وجرى الإعلان عن تشكيلة المجلس العسكري الانتقالي الجديد برئاسة عبدالفتاح البرهان، وعضوية مجموعة من الجيش والشرطة والأمن، فضلاً عن قوات الدعم السريع.
وتمت ترقية قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان المعروف بـ"حميدتي" إلى رتبة فريق أول، قبل تعيينه نائباً لرئيس المجلس العسكري الانتقالي.
وعند اندلاع التظاهرات في التاسع من ديسمبر الماضي, اتخذ "حميدتي" موقف الحياد، رغم انتشار قواته في أنحاء العاصمة الخرطوم، وحرص الرجل في خطابات مختلفة على توجيه قواته بعدم التعرض للمتظاهرين.
كما اعتذر "حميدتي" عن المشاركة في المجلس العسكري السابق برئاسة عوض بن عوف، وأعلن انحيازه لمطالب المحتجين في إبعاد الرجل ونقل السلطة لحكومة مدنية.
ولا تزال التظاهرات مستمرة، إذ يطالب المتظاهرون وفي مقدمهم "تجمع المهنيين السودانيين" الجهة الأبرز المشاركة في الحراك، بتشكيل حكومة مدينة، وتغيير كل رموز نظام عُمر البشير، واعتقال كل قيادات الأمن والمخابرات المتورطة بجرائم ضد الشعب.
وطالب التجمع والقوى المتحالفة معه رسمياً، اليوم السبت، رئيس المجلس العسكري عبدالفتاح البرهان باستصدار قرار بإلغاء القوانين المقيدة للحريات خلال اليوم.
ودفعت تلك القوى أمام طاولة المجلس العسكري بحزمة من المطالب، بينها إشراك مدنيين في المجلس الرئاسي الانتقالي مع المجلس العسكري، وتكوين حكومة مدنية بصلاحيات تنفيذية كاملة، وإعادة هيكلة جهاز الأمن التابع للنظام السابق، إلى جانب المطالبة بالقصاص والمحاكمة العادلة لجميع المتورطين في قضايا الفساد وإزهاق الأرواح.
وعقد فريق من تجمع المهنيين والقوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير بينها حزب الأمة المعارض بقيادة الصادق المهدي والحزب الشيوعي بزعامة مختار الخطيب، اجتماعاً مع رئيس المجلس العسكري مساء اليوم، لبحث خطوات انتقال السلطة لحكومة انتقالية.
وعقب انتهاء اللقاء قال عمر الدقير، رئيس حزب المؤتمر السوداني وعضو فريق قوى التغيير المفاوض، إن "الفريق طالب بمشاركة مدنيين في المجلس الرئاسي الانتقالي مع المجلس العسكري، على أن يقدموا غداً قائمة بالأسماء المرشحة"، مشيراً لمطالبتهم باستعادة جميع دور حزب المؤتمر الوطني الحاكم للشعب.
وأضاف الدقير، أن رئيس المجلس أبلغنا بإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وننتظر تنفيذ وعوده بإطلاق سراح جميع المعتقلين"، مشيراً إلى المطالبة "بمحاكمة عادلة لجميع المتورطين في الفساد وسفك الدماء، وإعادة هيكلة جهاز الأمن".
وفي السياق، قال شاهد لوكالة "رويترز" إنه سُمع دوي إطلاق نار خارج مقر وزارة الدفاع السودانية في العاصمة الخرطوم اليوم السبت، في حين أشارت تقارير صحافية إلى حدوث تبادل لإطلاق النار في أحد المباني القريبة من مركز الاعتصام قبالة القيادة العامة للجيش السوداني.
وكان الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي أعلن، اليوم السبت، إلغاء حظر التجوال، وإطلاق سراح كل المعتقلين المحكوم عليهم بقرار الطوارئ، واعداً بـ "اجتثاث" نظان الرئيس السابق عمر البشير.
ودعا في كلمة بثها التلفزيون الرسمي جميع المكونات السودانية إلى الحوار، مؤكداً أن المجلس سيسلم السلطة إلى حكومة مدنية خلال عامين كحد أقصرى بعد التشاور مع القوى السياسية والأحزاب، لافتاً إلى أن مهمتنا هي تهيئة المناخ لحصول الانتقال السياسي، وأن الدعوة مفتوحة لكل أطياف الشعب".
وأكد البرهان، أن عمل المجلس خلال السنتين سينحصر في التأكيد على حكم القانون واستقلال القضاء والحفاظ على الأمن وإزالة القيود التي تعيق العمل الحر، مؤكداً على "إعادة هيكلة مؤسسات الدولة المختلفة بما يتفق مع القانون ومحاربة الفساد واجتثاث النظام ورموزه".
وشدد على محاسبة المسؤولين عن سفك الدماء والفاسدين، ومعلناً إطلاق سراح جميع من حوكموا بتهمة المشاركة في التظاهرات في السودان بموجب قانون الطوارئ أو أي قانون آخر، متوعداً بمحاكمة جميع المتورطين في قتل المتظاهرين، بالإضافة إلى حله حكومات الولايات وتفكيك كل الواجهات الحكومية وغير الحكومية الحزبية، ووقف إطلاق النار في كل مناطق السودان.
وطلب البرهان من السودانيين العودة إلى ممارسة الحياة الطبيعية، مؤكداً العمل على توفير الخدمات التي تعين المواطنين على أعباء الحياة".
وكان البرهان أعلن في وقت سابق، استقالة "رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني صلاح عبد الله محمد صالح المعروف باسم صلاح قوش استقال من منصبه".
وقال المجلس في بيان إن "الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن رئيس المجلس العسكري الانتقالي صادق على الاستقالة التي تقدم بها الفريق أول مهندس صلاح عبدالله محمد صالح من منصبه كرئيس لجهاز الأمن والمخابرات الوطني"، مساء الجمعة. وصالح معروف بشكل واسع باسم صلاح قوش.
وكان قوش أشرف على حملة قمع واسعة قادها جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني ضد المتظاهرين الذين يشاركون في تظاهرات حاشدة انطلقت قبل أربعة أشهر وأدت إلى عزل عُمر البشير الخميس. وتم اعتقال آلاف المتظاهرين وناشطي المعارضة وصحافيين بموجب هذه الحملة.
وكان وزير الدفاع السوداني الفريق أول عوض ابن عوف أعلن في 11 أبريل، في اليوم السادس لاعتصام المتظاهرين أمام مقر قيادة القوات المسلحة في الخرطوم، "اقتلاع" نظام البشير واحتجاز الرئيس "في مكان آمن". وأعلن "تشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى إدارة حكم البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان".
وكان الرئيس السابق للمجلس الانتقالي العسكري عوض بن عوف أعلن في خطاب بثه التلفزيون الرسمي أمس، تنحيه عن رئاسة المجلس، وتعيين الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن خلفاً له، مضيفاً أن "رئيس الأركان الفريق أول ركن كمال عبد المعروف الماحي، أُعفي من منصبه كنائب لرئيس المجلس العسكري بناءً على طلبه".
والفريق أول عبد الفتاح البرهان هو ثالث أكبر قائد عسكري في القوات المسلحة السودانية وليس معروفاً في الحياة العامة.
وقال الرشيد سعيد المتحدث باسم "تجمع المهنيين السودانيين" لوكالة "رويترز"، إن "ما حدث هو خطوة في الطريق الصحيح، وهو رضوخ لرغبة الجماهير وقد اقتربنا من النصر. نحن متمسكون بمطالبنا التي قدمناها للجيش (...) وندعو الجماهير للبقاء في الشوارع لحين تحقيق كل المطالب".
وفي الإطار، ذكر متحدث باسم الشرطة السودانية هشام علي في بيان صدر الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، أن ما لا يقل عن 16 شخصاً قتلوا يومي الخميس والجمعة "بأعيرة نارية طائشة في الاعتصامات والتجمهرات". وأضاف، أن "أبنية حكومية وخاصة تعرضت لهجمات أيضاً".
اقرأ أيضاً: مشهد ضبابي
وفي السياق، قال ياسر عبد الله عبد السلام أحمد المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة بالإنابة أمام مجلس الأمن الدولي مساء أمس الجمعة، إن "أي عملية ديمقراطية في البلاد تحتاج إلى وقت"، داعياً "المجتمع الدولي إلى دعم عملية انتقال سلمي".
وأضاف في اجتماع بشأن منطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها مع جنوب السودان أنه لن يتم استبعاد أي حزب من العملية السياسية بما في ذلك الجماعات المسلحة.
واجتمع مجلس الأمن أمس الجمعة في جلسة سرّية للاستماع إلى تقرير حول أحدث التطورات في السودان.
وذكر المندوب السوداني أنه "علاوة على ذلك فإن تعليق العمل بالدستور يمكن رفعه في أي وقت، كما يمكن تقليص الفترة الانتقالية بناء على التطورات على الأرض".