أبوظبي ( وام )

أعلنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وبالتنسيق مع هيئة الهلال الأحمر السعودي، عن مبادرة مشتركة للتخفيف من معاناة المواطنين الإيرانيين المتضررين جراء السيول والفيضانات المدمرة وغير المسبوقة التي شهدتها إيران مؤخراً.
وفي تصريح مشترك، أشارت الهيئتان إلى أن هذه المبادرة المشتركة تأتي من منطلق أواصر الأخوة الإسلامية وتؤكد على التضامن الإنساني مع الشعب الإيراني. وتبحث كل من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي وهيئة الهلال الأحمر السعودي حالياً الآليات اللازمة لتفعيل هذه المبادرة والمساهمة بإيجابية في الحد من تداعيات السيول والفيضانات في المناطق المنكوبة.

دبلوماسيون: تجسيد لتسامح الإمارات
أحمد عاطف (القاهرة)

وصف دبلوماسيون مبادرة الهلال الأحمر الإماراتي ونظيره السعودي لمساعدة المتضررين من السيول في إيران بـ»الإنسانية» التي تعبر عن قيم التسامح والثقافة العربية تجاه الشعب الإيراني بغض النظر عن ممارسات النظام السياسية.
وقال الدكتور إبراهيم الشهابي خبير الشؤون العربية والخارجية: إن المبادرة تؤكد أنه لا يوجد خلاف مع الشعب الإيراني، وأن الخلافات السياسية ناتجة عن ممارسات طهران، لافتاً إلى أن هذه المبادرة تعبر عن الثقافة العربية الخيرة تجاه الجيران ومنهم إيران، وهذه النزعة الإيجابية تعتبر جزءاً مكملاً من الحضارة العربية.
ولفت الشهابي خلال حديثه لـ«الاتحاد» أيضاً إلى أن هذه المبادرة دليل واضح على اهتمام كل من السعودية والإمارات بالوضع الإنساني في إيران، والفصل بين الوضع الإنساني والخلافات السياسية الناشئة عن أخطاء في تصورات إيرانية تجاه المنطقة العربية، مؤكداً أن العرب لا ينظرون بالمنظور الطائفي والمذهبي ، على العكس «نحن ننظر للإنسان»، مشيراً إلى أن المجتمع الإيراني مجتمع مسلم شقيق ولا خلافات معه والعرب على استعداد للوقوف إلى جوارهم في أزماتهم.
وشدد الشهابي على أن هذه المبادرة تدعم قيم التسامح وقبول الآخر ونبذ الكراهية والعنف ومواجهة محاولات استخدام الخلافات الطائفية في أغراض معينة، منوهاً إلى أنه اتجاه محمود يعبر عن جوهر الحضارة العربية وحسن النوايا والتفريق ما بين ما هو إنساني وما هو سياسي.
ووصف الدكتور حافظ أبوسعده، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، عضو المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان، المبادرة بأنها موقف محترم من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وهذا ليس غريبا على الإمارات والسعودية، من المعروف عنهما أنهما لا تتركان الدول المجاورة في حال تعرضها لأي أزمة، مشيراً إلى أن الإمارات تتبع قواعد حقوق الإنسان الحقيقية، وتحرص على التعامل بها بعيداً عن السياسة.
وأكد أبو سعده أن تنحية الإمارات للخلافات السياسية مع إيران جانباً، نموذج يجب أن يحتذى به، فهذا التوجه نحى كل المشاكل، وأعطى الأولوية للنواحي الإنسانية فقط، وبذلك تضرب الإمارات المثل في الأداء الإنساني الراقي، والإنحياز الكامل للجوانب الإنسانية التي تتربع في مكانة عليا لدى القيادة والحكومة والشعب.
وأوضح أيمن نصري رئيس المنتدى العربي الأوروبي لحقوق الإنسان، أن الإمارات لا تتوانى عن دعم المنكوبين في أي بقعة من العالم، وهو أمر هام يجب أن تسير عليه جميع الدول، فهذا التوجه الراقي يظهر حجم التقدير والاحترام للإنسان كانسان، في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى، فالدولتان وضعتا كافة الأزمات السياسية والخلاف السياسي جانبا، وآثرتا نجدة المتضررين في نموذج يجب أن يحتذي به العالم. وأضاف نصري: رغم المواقف العدائية الإيرانية، إلا أن الإمارات لم تتخل عن نجدة المتضررين من السيول، ولا تبدو المبادرة غريبة على دولة تضع الإنسان في المرتبة الأولى .
وأشاد السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق في مصر، بمبادرة الإمارات والسعودية والتي تؤكد أنهما من أكثر الدول التي تحترم الإنسان دون أية اعتبارات أخرى.


وأضاف حسن أن هذا المثال يجب أن يكون قدوة تحتذى بها كافة الدول، وأن تصبح هذه القيم سائدة وليست استثناء في عالمنا خاصة في ظل تفشي المرض والأزمات الطبيعية، والتي تتسبب في وفاة الملايين سنوياً، في دول لا تقوى على مواجهة هذه الظروف مشيراً إلى أن الإغاثة من أهم حقوق الإنسان وتحقيقها عبر التكافل الدولي يمثل أمرا هاما يجب تشجيعه. وأكد السفير محمد الشاذلي، مساعد وزير الخارجية الأسبق في مصر، أن هذه المبادرة تكشف مظهراً حضارياً وتجسد إنسانية الإمارات والسعودية، مضيفا : «نحن أولاً وأخيراً بشر ومسلمون»، مشدداً على أن إغاثة أناس من السيول والكوارث الطبيعية أمر إنساني وحضاري. ولفت الشاذلي إلى أن تنحية الخلافات السياسية والاهتمام بالدعم والإغاثة تحضر وأمر إنساني لابد أن يتم تقديره والعرفان به.

محللون سعوديون: إغاثة الملهوف لا تعرف الاعتبارات السياسية
عمار يوسف (الرياض)

أجمع محللون ومثقفون ومتخصصون في العمل الإنساني بالمملكة العربية السعودية أن المبادرة المشتركة للتخفيف من معاناة المواطنين الإيرانيين المتضررين جراء السيول والفيضانات المدمرة وغير المسبوقة التي شهدتها إيران مؤخراً، تؤكد عدم ربط البلدين بين العمل الإنساني والمواقف السياسية.
وأكدوا أن علاقات الشعوب تسمو وتتعمق بمثل هذه المواقف الراقية، وأن الشعب الإيراني لن ينسى هذا الموقف من حكومة البلدين.
وقالوا: إن الإحصائيات المجمعة تشير إلى أن البلدين أنفقا خلال العقد الماضي مئات المليارات من الريالات والدراهم في صورة مساعدات إنسانية شملت كل أرجاء العالم دون تفرقة على أساس الدين أو العرق أو المواقف السياسية.
ولفتوا في تصريحات لـ « الاتحاد» إلى أنهم لم يتفاجأوا من المبادرة، فهذا أمر طبيعي ومتوقع من الإمارات والسعودية، وقال إن من شأن هذه المساعدات أن تسهم في إنقاذ آلاف المواطنين الإيرانيين المنكوبين جراء السيول والأمطار الغزيرة التي خلفت مئات الضحايا ودمرت نحو 1900 مدينة وقرية منذ 19 مارس الماضي.
وقال الدكتور محمد عبد الله آل الزلفة عضو مجلس الشورى السعودي السابق: إن السعودية والإمارات من أكثر دول العالم نشاطاً في العمل الإنساني، وتقدمان المساعدات للجميع بصرف النظر عن البعد الجغرافي أو الاختلاف الديني أو المذهبي أو العرقي أو الثقافي، مشيراً إلى أن المبادرة الإنسانية المشتركة تجاه إيران لم تفاجئنا كثيراً، إذ رغم الخلاف السياسي العميق إلا أن قيادتي البلدين أطلقتا هذه المبادرة من قناعتهما الراسخة بأن العمل الإنساني لا علاقة له بالسياسة.
وأضاف: إن الدور الإنساني الريادي لكل من السعودية والإمارات يحظى بتقدير عالمي في الساحات الإقليمية والدولية سواءً من جانب الأمم المتحدة، التي أدرجتهما في صدارة أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية، وكذا من جانب شعوب وحكومات الدول المستفيدة من تلك المساعدات مباشرة، موضحاً أن الشعب الإيراني الذي يحاول أن يعبر من كارثة السيول والفيضانات لن ينسى هذه الوقفة الأخوية الصلبة من البلدين.
وأوضح آل الزلفة أن العلاقات بين الشعوب تسمو على العلاقات الحكومية، مشيراً إلى أن البلدين لا يعاملان الشعب الإيراني بجريرة تدخلات نظامه في دول المنطقة.
اعتبر نايف عبد الله الجهني رئيس إحدى المنظمات الإنسانية في السعودية، أن المبادرة السعودية الإماراتية ستخفف كثيراً من آلام ومعاناة المواطنين الإيرانيين ضحايا السيول والفيضانات.
وأضاف: هذه المساعدات تدل على روح الأخوة والرابط الإنساني بين الشعبين السعودي والإماراتي من جهة والشعب الإيراني من جهة أخرى.
وأوضح الجهني، أن المبادرة المشتركة لإغاثة الشعب الإيراني جاءت من منطلق الأخوة من دون النظر إلى أي اعتبارات سياسية أو آيدولوجية أو مذهبية بل جاءت تأكيدا على التضامن الإنساني مع الشعب الإيراني.
من جانبها، شددت الكاتبة والمفكرة الإسلامية الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد على أن المبادرة السعودية الإماراتية لإغاثة متضرري السيول والفيضانات في إيران تؤكد مدى تلاحم الشعوب، وتشير بقوة إلى أن الإمارات والسعودية يبعدان العمل الإنساني عن أي اعتبارات سياسية أو أيديولوجية أو دينية أو مذهبية أو حتى جغرافية.
وقالت: إن المبادرة التي يقودها الهلال الأحمر الإماراتي والسعودي جاءت من منطلق حرص البلدين على النهوض بدورهما في العمل الخيري والإنساني والريادي تجاه المجتمعات المنكوبة في شتى أنحاء العالم، وإيمانا بأهمية هذا الدور المؤثر في رفع المعاناة عن الإنسان ليعيش حياة كريمة، مشيرة إلى أنهما حققتا كثيراً من الإنجازات على الصعيد الإنساني إقليمياً ودولياً، ووصلت مساعداتهما وبرامجهما الإنسانية إلى عشرات الدول حول العالم، فمن الطبيعي أن تصل إلى إيران المجاورة بغض النظر عن مواقفها السياسية تجاه دول المنطقة.
وأعربت حماد عن أملها في أن يتجاوز الشعب الإيراني هذه المحنة التي تسببت فيها الكوارث الطبيعية، مشيرة إلى أن الإمارات والسعودية كدأبهما يسابقان دوماً لفعل الخيرات ومساعدة الأشقاء والأصدقاء، بفضل الرؤية الثاقبة لقيادتيهما الرشيدتين.

أعضاء في «الوطني»: التزام بالرسالة الإنسانية
آمنة الكتبي (دبي)

أكد عدد من أعضاء المجلس الوطني الاتحادي أن مبادرة الإمارات، ممثلة بهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وبالتنسيق مع هيئة الهلال الأحمر السعودي، للتخفيف من معاناة المواطنين الإيرانيين المتضررين جراء السيول والفيضانات المدمرة، تؤكد أن الدولة تلعب دوراً إنسانياً رائداً في مجال مواجهة الطوارئ والأزمات حول العالم وتمتد أنشطتها وعملياتها الإغاثية لكل المناطق والأقاليم التي تتأثر شعوبها بالأزمات والكوارث، وتتعامل مع الأحداث بإنسانية وبكل تجرد، بغض النظر عن المواقف والتوجهات السياسية.
وأكد سالم النار الشحي عضو المجلس الوطني أن دور الإمارات في دعم الملهوفين وإغاثة المتضررين من مختلف الكوارث قديم ومرتبط بطبيعة الشخصية الإماراتية، وأن القيادة الرشيدة تعمل على ترسيخ هذا الإرث الإنساني وتطبقه في سياستها الخارجية، والتي أرسى قواعدها الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه».
وشدد على أن دولة الإمارات رائدة في تنفيذ التزاماتها في مجال المساعدة الإنسانية من دون ربط بين تلك المساعدات وتوجهات وسياسات الدول المستفيدة، أو اللون أو العرق أو الطائفة أو العقيدة، وإنما تركز على البعد الإنساني في المقام الأول.


وأكد أن الإمارات دائماً سباقة في تقديم يد العون للشعوب المتضررة، مشيراً إلى أن ما قدمته الدولة للمواطنين الإيرانيين من مساعدات جراء الفيضانات هو دليل على استمرار مسيرة العطاء الإنساني في الدولة، وأصبحت عنصراً فاعلاً في جهود المواجهة الدولية للتحديات الإنسانية وباتت حاضرة بقوة في مجالات المساعدات الإنسانية ومساعدات الإغاثة الطارئة وطويلة الأمد في مناطق العالم كافة، وأشاد بالتزام الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، برسالتها الإنسانية العالمية، والمضي قدماً في تعزيز القيم والمبادرات التي تخفف معاناة الشعوب، وقال إن هذا التوجه جعل للدولة مكانة متميزة على مستوى العالم.
وقال حمد الرحومي عضو المجلس الوطني الاتحادي: تأتي توجيهات القيادة الرشيدة في إطار الجهود الإنسانية والتنموية التي تضطلع بها دولة الإمارات على الساحة الدولية انطلاقاً من مبادئها ونهجها في تقديم المساعدات لمحتاجيها دون النظر لأي اعتبارات غير إنسانية، وتجسيداً لسياسة الدولة التي جعلت البعد الإنساني نهجاً ثابتاً في تحركاتها الخارجية حتى أصبحت الإمارات عاصمة الإنسانية في العالم.
وأضاف إن الإمارات دائماً سباقة إلى فعل الخيرات ومساعدة الأشقاء والأصدقاء، ما جعلها أكثر الدول سخاء في منح المساعدات وتلبية النداءات الإنسانية الدولية، بفضل الرؤية الثاقبة لقيادتها الرشيدة، التي حرصت على تسخير الإمكانات لمساعدة المحتاجين والمنكوبين بكل تجرد، ودون النظر إلى أي اعتبارات سياسية.
وبين أن مبادرة الإمارات بالتنسيق مع شقيقتها السعودية تؤكد أن للدولة دوراً محورياً في مواجهة الطوارئ والأزمات على المستوى العالمي وتمتد أنشطتها وعملياتها الإغاثية لكل المناطق والأقاليم التي تتأثر شعوبها بالأزمات والكوارث بغض النظر عن الموقع الجغرافي أو التوجه السياسي.

محمد أبو النور: عطاء بلا حدود
إبراهيم سليم ( أبوظبي )

وصف الدكتور محمد محسن أبو النور الخبير في الشئون الإيرانية، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، المبادرة بالموفقة، والتي تظهر مدى حرص الدولتين على مصلحة الشعب الإيراني.


وقال إنها مبادرة مهمة، تعني أن الدول العربية ليس لديها مشكلات مع الشعب الإيراني، وأن إنسانية وعطاء العرب ليس له حدود.
وأشار إلى أن هذه المبادرة تأتي ضمن استراتيجية الدولتين في تقديم يد العون والمساعدة للمناطق المنكوبة في مختلف دول العالم وإعادة الإعمار، مضيفاً: « لا يخفى على أحد مساهمات الدولتين في إعادة الإعمار بالمناطق المنكوبة في العالم».