هناك تصميمات داخلية متنوعة للشركات، هناك مكاتب مغلقة ينعزل فيها الموظفون عن بعضهم ولا يتقابلون إلا في فترات الراحة، وهناك مكاتب مفتوحة Cubicles تشبه الكبائن وتتيح قدراً من التواصل مع الزملاء، وهناك المكتب النشيط Active Workspace الذي يمارس فيه الموظف عمله واقفاً أو يمشي على ماكينة المشي أو جالساً وقدماه تحركان ما يشبه بدالات الدراجة!
ولم تتوقف أفكار التصميمات عند هذا الحد، إذ ظهر شكل حديث أصبح يلاقي رواجاً لما له من فوائد تنعكس على أداء الموظفين وإتقانهم لعملهم، وهو بيئة العمل المبنية على النشاط Activity-based work environments… فما الذي تعنيه بالضبط؟
مكان العمل المرن
يقول الباحثون إن تصميم مكان العمل، ينبغي أن يتوافق مع الوظيفة أو المهمة التي يقوم الموظف بأدائها، لكن المشكلة هي أن هناك مهام مختلفة تتطلب أجواء مختلفة، فالوظائف الإبداعية تحتاج للوحدة والانعزال وعدم الإزعاج، وهناك مهام تعاونية تتطلب الصخب وتبادل الآراء مع الزملاء وعقد الاجتماعات.
لذلك يعتمد هذا التصميم الحديث على توفير كل من المساحتين، أماكن منعزلة للموظفين المكلفين بمهام تحتاج لتركيز وعزلة، وأماكن مفتوحة على بقية الموظفين تتيح النقاش وتبادل الآراء والعمل المشترك، لكن مع إتاحة الفرصة للموظف بالتنقل بين المكانين، ليعمل في المكان الذي يناسب النشاط الموكل إليه في الوقت الحالي.
في دراسة حديثة «نشرت في دورية إنفايرومنت آند بيهافيور»، قام علماء ألمان باستطلاع آراء 560 موظفاً يعملون في بيئات عمل متنوعة بمؤسسات مختلفة، لمعرفة مدى تأثير التصميم الداخلي للمكان على مستوى أداء الموظف لعمله، فوجدوا أن الموظفين الذين يعملون في بيئة عمل مبنية على النشاط، يزيد إقبالهم على العمل، وتزيد حيويتهم ونشاطهم، ووجدوا أن بيئة العمل هذه تناسب الشركات التي تزيد فيها الثقة المتبادلة بين الموظفين وقياداتهم، لكنها لا تناسب الموظفين الذي يحبون الروتين والعمل في بيئة ثابتة.
هذا الكلام يعني ضرورة ملاءمة المكان للعمل الذي يؤديه الموظف، لضمان المحافظة على مستوى مرتفع من الحيوية والنشاط. وهو ما يفسر لجوء بعض الشركات لساعات العمل المرنة، وإتاحة العمل من المنزل في بعض المهن، مادام الهدف هو أداء العمل على الوجه الأمثل، لا البقاء جالساً على مكتب واحد لمدة 8 ساعات بغض النظر عن جودة العمل والإقبال عليه.