في إطار التطور العمراني الذي تشهده العاصمة أبو ظبي أخذ أهم مشروع عمراني وتجاري يقترب من أن ينتهي، ليعود لمحبي التراث والحداثة معا باسمه الذي لم يتغير (السوق القديم- السوق الجديد). كان يفصل ويصل بين السوقين جسر يصعده الناس، وكنت تلقى فيهما كل ما تحتاجه وهما من أقدم وأهم المواقع في أبو ظبي، ومن الحكمة أن يبقى الاسم نفسه وبعد حوالي خمس سنوات من العمل المتواصل في هذا الموقع المتميز. بدأت ملامح السوق القديم الذي تقرر، على ما يبدو، أن يكون بناؤه الهندسي من الخشب، وعندما تكتمل المقاهي الشعبية سوف تضم الجلسات الحميمة، وتستوعب كل الملامح التراثية الإماراتية والعربية وغيرها، إضافة إلى المواد الغذائية والاستهلاكية المتنوعة. ومن يبغي الحداثة والأشياء الحديثة لا يجد صعوبة في التنقل من السوق القديم إلى السوق الجديد حيث ظهرت معالم الفندق الذي سوف يستقطب السياح خاصة التجار منهم، إضافة إلى المركز التجاري (السنتر) الذي سيكون من أهم المراكز التجارية، وطبعا سيضم كل المرافق الأخرى من محال تجارية ومكاتب وغيرها إضافة إلى مواقف السيارات التي يحتاجها مثل هكذا مشروع. ولكن بالتأكيد العمل في مثل هذا المشروع كان لا بد أن يترك أثره على بعض التجار والناس الذين كانوا معتادين على ارتياده لشراء حوائجهم، من هؤلاء التجار من انتقل إلى أماكن أخرى، وهناك من الجوار من صبر وتحمل تراجع مبيعاته مقابل النظرة المستقبلية لتجارته. وقد تحدث لـ «الاتحاد» بعض من هؤلاء. يقول الشاب حمزة: بدأ العمل بالسوق من حوالي خمس سنوات، وقد تراجعت المبيعات عندنا 60% وعند آخرين 40%، أولاً نتيجة لعدم وجود موقف للسيارات، وثانياً لأن بعض الزبائن كانوا يأتون من المناطق البعيدة مثل العين ومدن المنطقة الغربية، وكانت الفكرة عندهم بأن أعمال التجديد تشمل منطقة السوق كلها، ولكن نحن في محلنا القوة الشرائية التي كانت موجودة لدينا بالأول جعلتنا نتحمل ونصبر، بينما من لم يكن قوياً تجارياً انسحب من السوق وسلم محله. ويضيف حمزة: إنَّ التاجر القوي ينظر إلى المستقبل، ويأمل أن يعوض خسارة خمس سنوات بالأحسن، هذه هي مهارة التجارة: من يصبر ويخطط هو الذي يفوز. نحن متأكدون من الثقة التي تلقاها البضاعة المتميزة الموجودة عندنا وزبائننا يعرفون ويقدرون قيمة ما يشترون. ونحن ننتظر إنجاز هذا المشروع الرائد وقد اقترب من نهايته، وسوف يشكل نقطة فارقة ومتميزة في ازدهار أسواق أبو ظبي وحركتها التجارية النشيطة. حاجة ملحة بدت الفرحة التي تظهر على السيدة علوية محمد، وهي تختار ما يناسب من الأقمشة المتنوعة، تقول: أنا من زبائن هذا المحل قبل أن يبدأ العمل في تجديد السوق القديم. إن مشروع هذا السوق سوف يلبي لمرتادي المنطقة كل ما يحتاجون له من جديد وقديم، والجميع مثلي ينتظرون انتهاء هذا الصرح التجاري والسياحي الهام الذي يعيد لنا الذكرى القديمة ولكن بشكل حديث. أفراح مؤجلة بدوره السيد طلال، وهو أحد تجار السوق، يقول: أول ما سمعنا الخبر عن هدم السوق كانت صدمة، وشعرنا بالخوف من تراجع المبيعات، لكن التاجر الناجح يحدوه الأمل دوماً بالأفضل، وينظر إلى المستقبل انطلاقا من ظروف الحاضر، ومن خلال هذا الأمل تجاوزنا تراجع السوق والمبيعات لأننا نعتقد أن المستقبل جيد جداً. ونأمل بعد أن اقترب مشروع السوق من النهاية، نرجو من الله تعالى أن يوفقنا جميعا وأن نستفيد ونفيد ونأتي لزبائننا بكل جديد وحديث، خاصة أن موقع السوق وبناءه الحديث سوف يضيف إلى المنطقة وإلى العاصمة أبو ظبي الكثير من الجمال كمركز سيستقطب رجال الأعمال والسياح والناس الباحثين عن حاجاتهم ممن سيأتون إليه سواء بعرض التجارة أو السياحة والجلسات الشعبية. من هنا كانت نظرتنا إلى المستقبل، وقد تحملنا تراجع سوق البيع على أمل أن نعوض ليس بالمبيعات فقط بل بالموقع المتميز. ويضيف طلال مازحاً: أنصح العرائس أن تنتظر وتؤجل الفرح إلى أن يفتتح السوق الجديد، لأننا نحن أيضا سوف نجدد في أنواع البضائع، والله ولي التوفيق. من جهته محمد سامر يقول: نحن من أبناء هذه المنطقة، وأنا عشت فيها أكثر من عشرين سنة، اشتغلنا وسكنا فيها ونشعر كأننا في بلدنا، لذلك كان علينا الصبر والانتظار حتى نصل إلى الأحسن والأفضل. كان السوق سابقاً شاملاً بتنوع محلاته وما تحتويه من بضائع وأدوات، لذلك تكونت فكرة عند الناس أن السوق كله قد انتقل، مما أدى إلى قلة المرتادين وتراجع المبيعات والحركة في المنطقة. يضيف محمد: لكن، ما بعد الصبر إلا الفرج، هاهو السوق اقترب بأن ينتهي، وسيكون مشروعا ناجحا ويشكل نقطة تجارية هامة ليس لأبوظبي فقط بل لتجار وسياح من المنطقة والعالم. وأحلى ما في هذا المشروع بأن المشرفين عليه أبقوا على الاسم القديم له وربط القديم بالحديث، هذا شيء مهم لأنه تمسك بالأصول والجذور، وهذا المشروع سوف يفيد أهل البلد. وأعتقد أنه مشروع متفرد في المنطقة كلها، ونأمل أن يثمر صبرنا ويعود بالخير لنا وللجميع.