أبوظبي (الاتحاد)

أظهر نادي الجزيرة دليلاً قوياً وصادقاً على نجاح الاستثمار الحقيقي في مستقبل كرة القدم، واكتشاف جيل جديد من المواهب والنجوم لهذه الرياضة، فقد توّج ناشئو الجزيرة «فخر أبوظبي»، مؤخراً بلقب بطولة كأس زايد الدولية للناشئين، لتحصد الأكاديمية ثمار حصادها في تأهيل وتجهيز عدد من اللاعبين الشباب، الذين كان لهم دور كبير وفاعل في صقل ورفد الفريق الأول بالمراكز التي يحتاجها، بعد أن أنجبت كوكبة من نجوم كرة القدم الإماراتية الشباب منذ افتتاح الأكاديمية عام 2011.
وخلال بطولة كأس زايد، فاز «فخر أبوظبي» بأربع مباريات من أصل 5، واستهل مشواره في النسخة التي حملت الرقم 19 من البطولة بالفوز على فريق رينجرز الأسكتلندي بثلاثة أهداف، وانتصر في الجولة الثانية على فريق بارتيزان الصربي بهدف وحيد، وتخطى العين بذات النتيجة في المواجهة الإماراتية، وتغلب ناشئو الجزيرة على الوحدة بهدفين مقابل هدف في رابع جولات البطولة ليتوّجوا أبطالاً للمسابقة قبل نهايتها برصيد 12 نقطة، ثم واجه الجزيرة في الجولة الخامسة والأخيرة فريق جيلينا السلوفاكي وتعرض للخسارة أمامه بهدفين مقابل ثلاثة.
وتواصل أكاديمية الجزيرة إبداعاتها في ملاعب الإمارات، كونها المصنع الذي استمر في إنتاج المواهب الرياضية على مدار السنوات الماضية، وقد لمع العديد من الأسماء الذين أصبحوا موضع ثقة الجهاز الفني، وضمن التشكيلة الأساسية في فريق الجزيرة وأبرزهم قلب الهجوم وهداف الفريق علي مبخوت وأحمد ربيع والجوكر محمد العطاس وخليفة الحمادي ومحمد جمال وأحمد الهاشمي وسلطان الشامسي، بالإضافة إلى الوجوه الجديدة من الشباب، الذين تم اختيارهم في المنتخب الإماراتي مؤخراً.
وشهد الشهر الماضي ظهور لاعب متميز في المنتخب الوطني من نجوم الجزيرة، حيث تمكن سالم راشد من جذب الأنظار إليه ليتم اختياره وللمرة الأولى في تشكيلة المنتخب الوطني مع زملائه لمواجهة المنتخب السعودي والفريق السوري في مباراتين وديتين.
ومع اختيار راشد للمشاركة في مباريات الإمارات، ارتفع عدد خريجي الأكاديمية إلى ثمانية لاعبين التحقوا بالمنتخب الوطني خلال السنوات الخمس الماضية، لتؤكد أكاديمية الجزيرة أنها أحد أكبر المساهمين في الكرة الإماراتية.
ويوجد في أكاديمية الجزيرة أكثر من 250 لاعب كرة قدم ناشئ من مختلف الفئات العمرية، بدءاً من سن 12 عاماً وتحت 13 عاماً وتحت 14 عاماً و 15 عاماً و 16 عاماً وتحت 18 عاماً، يجمعهم حلم واحد وهو أن يكون لهم اسم لامع في نادي الجزيرة وكرة القدم الإماراتية.
وأثبت جميع اللاعبين أنهم قادرون على تحقيق هذا الحلم، فقد خاضوا تدريبات تأهيلية لتنمية مهاراتهم في كرة القدم على أيدي مدربين محترفين ودوليين منذ نعومة أظافرهم وحتى بلغوا سن 11 حين التحقوا رسمياً بالنادي.
وتستمر أكاديمية الجزيرة وفق استراتيجية عمل مُحكمة تبدأ منذ دخول الطفل إلى أبواب النادي بمدرسة الكرة التي تستقبل الأطفال من سن 6 إلى 11 سنة، ويعود جزء من النجاح بحد كبير إلى نوعية التدريب، فالمدربون يجسدون مثالاً يحتذى به لجميع اللاعبين.
ويشرف على مدرسة الكرة المصري المخضرم بدر رجب صاحب النظرة الثاقبة في اكتشاف المواهب، فيما يتولى الإشراف الفني على الأكاديمية المصري وائل السيسي صاحب الشهادات الدولية.
ويقول عبد الحميد المستكي المشرف الفني والإداري على المدرسة والأكاديمية، إن فخر أبوظبي لديه رؤية مستقبلية للاكتفاء الذاتي من خلال تخريج المواهب، التي تخدم الفريق الأول بالنادي وكذلك المنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها كما هو حادث حالياً
وقال: «منذ أن تسلمنا المهمة ووعدنا بأن تكون الأكاديمية هي المصدر الأول للفريق الأول، وهو ما أوفينا به خلال السنوات الماضية، ونؤكد أننا عازمون على مواصلة المشوار والتطور».
وأضاف: «جاء حصد لقب كأس زايد للناشئين للعام الثاني على التوالي، ليؤكد أن هناك عملاً كبيراً يتم بذله من جانب الجميع في المدرسة الأكاديمية».
وشدد المستكي على أن الجزيرة يمتلك مجموعة من المدربين والمشرفين الرائعين الذين يعدون السبب الرئيس في النجاح الحالي، مشيراً إلى أن خبرة المصري المخضرم بدر رجب في المدرسة أحد أهم أسباب النجاح من خلال رؤيته الثاقبة في اكتشاف المواهب، وكذلك مواطنه وائل السيسي، الذي يدير الأكاديمية بشكل رائع ولديه رؤية جيدة.
وأكد أن الخبرات الكبيرة التي يمتلكها مدربو الفرق بمختلف الأعمار لها دور كبير في النجاح الذي يتحقق على أرض الواقع، مؤكداً أن جميع المدربين من الخبرات العربية الخالصة، وأنه لا يوجد بينهم مدربون أجانب، الأمر الذي يؤكد قدرة المدرب العربي على اكتشاف المواهب منذ الصغر.
وبدوره قال وائل حسن السيسي، المشرف الفني لأكاديمية الجزيرة: «يتجاوز دور مدربي الجزيرة لكونهم مدربين ليكونوا مرشدين ومعلمين في الوقت نفسه، فهم يمثلون قدوة لجميع اللاعبين الشباب. يتولون مسؤولية تعليم وتوجيه الشباب في سنوات مبكرة من العمر ليصبحوا حين يشتد عودهم بأفضل حالاتهم البدنية والرياضية والاجتماعية».
يتولى وائل السيسي مسؤولية تطوير المهارات في الأكاديمية منذ ست سنوات، ولا يقتصر دوره على اكتشاف أفضل المواهب للفريق الأول فحسب، بل أيضاً ليتم على أعتابها اختيارهم في تشكيلة المنتخب الوطني.
وأضاف: «ناقشت مع مدرب الفريق الأول داميان هيرتوج طريقة دمج اللاعبين مع الفريق الأول، حينما يصبحون جاهزين، لأن دمجهم هو هدفنا الأول، وهذا لا يقل أهمية عن تصنيع المواهب للمنتخب الوطني، ولدينا خطة استراتيجية نسير وفقها لمساعدة الفرق الرياضية».
ويتمتع شباب أكاديمية الجزيرة بميزة التعليم الأكاديمي لرياضة كرة القدم في مقر الأكاديمية، ويخضع ما يصل إلى 100 شاب للتدريب من الثامنة إلى العاشرة صباحاً قبل الحصص الدراسية في الفصل، ثم يدخلون الملعب مرة أخرى بين الساعة الرابعة والسابعة مساءً.

خلف سالم: نركز على بناء «اللاعب المتكامل»
يقول خلف سالم الواحدي، نجم فريق الجزيرة السابق ومدير أكاديمية نادي الجزيرة: «ما يميز الجزيرة عن الأندية الرياضية الأخرى أن تركيزنا لا ينحصر على كرة القدم فحسب، بل على كل شيء يساعد في تكوين اللاعب المتكامل من مهارات رياضية وتعليمية واجتماعية، ولابد أن يدرك اللاعبون ذلك جيداً، وأن يكونوا بكامل الوعي إذا ما رغبوا في أن يصبحوا لاعبي كرة قدم».
وأضاف: «نحن ندرك جيداً بأن أي لاعب يمكن أن يتوقف عن اللعب في أي وقت ولأي سبب من الأسباب، ولذلك نخطط على المدى البعيد، ونعمل بشكل مستمر على تقييم أدائهم العلمي والرياضي بمنهجية أكاديمية مع التركيز على تطوير قدراتهم الاجتماعية لنضمن انسجامهم مع وسطهم الاجتماعي في المستقبل، وأن يكون اللاعب في أفضل حالاته خلال أي خطوة يتخذها في حياته».