تحذيرات من مخاطر الغش التجاري على الاقتصاد القطري
حذر تجار ورجال أعمال من مخاطر إغراق السلع المقلدة والمغشوشة للسوق القطري مؤكدين أن انتشار الغش التجاري يشمل كافة السلع المتداولة في الأسواق بداية من العطور والإكسسوارات وأدوات التجميل والساعات مرورا بالملابس والأحذية والأجهزة الالكترونية والكهربائية وصولا الى قطع غيار السيارات والنظارات الشمسية والطبية والمواد الغذائية.
ورغم عدم وجود إحصائيات دقيقة حول خسائر الاقتصاد القطري بسبب هذه الظاهرة إلا ان بعض المصادر تقول انها تتراوح ما بين 500 مليون الى مليار ريال قطري (ما بين 180 و386 مليون دولار) سنوياً. واعترف رجال الأعمال بصعوبة القضاء على ظاهرة الغش التجاري في الأسواق القطرية وإن كانوا يؤكدون إمكانية الحد منها عن طريق تخفيض أسعار السلع الأصلية. وتطبيق عقوبات صارمة على التجار الذين يغرقون الأسواق بسلع رديئة. وكانت دراسة حديثة أعدتها غرفة تجارة وصناعة قطر قد أكدت أن الغش التجاري والتقليد والتدليس كلها أسماء لظواهر خطيرة تفاقمت واستشرت ومازالت تنتشر بعيداً عن أنظار المراقبين وقالت الدراسة ان ضحية هذه الظاهرة هم المستهلكون الذين يتعرضون لصور متباينة ومتنوعة من الغش التجاري. وأشارت الدراسة إلى أن هذه الظاهرة القبيحة تمارس من قبل أفراد وجماعات تجردوا من القيم التي تردعهم عن ممارسة تلك الأساليب مؤكدة ان هدفهم الأول هو تحقيق الكسب بغض النظر عن عدم شرعية الأسلوب أو الوسيلة. وأكد محمد بن طوار الكواري عضو الهيئة التنفيذية بغرفة تجارة وصناعة قطر أن انتشار السلع المقلدة والمغشوشة ظاهرة لا تقتصر على قطر ولكنها ظاهرة عالمية في ظل حرية التجارة والاسواق المفتوحة مؤكدا لا يوجد احد الآن يستطيع منع هذه السلع من إختراق الاسواق طالما ان الدولة عضوا في منظمة التجارة العالمية. ويعتقد الكواري أن المشتري هو المسؤول عن تحديد اختياراته وعليه ان يتحرى الشراء من الاماكن الموثوق بها او شراء السلع من الوكلاء الحقيقيين للماركات العالمية والابتعاد عن السلع التي تباع على الأرصفة أو داخل المحلات الصغيرة. وقال إن تكاليف استيراد السلع الأصلية كبيرة للغاية نظرا لان الحصول عليها يكلف الوكيل كثيرا فضلا عن ارتفاع أسعار الإيجارات وارتفاع أسعار اليورو بالإضافة الى رواتب الفنيين والموظفين أما السلع المقلدة فلا تحتاج الى كل هذه المصاريف لذلك تباع بأسعار أرخص. وأشار بن طوار الكواري الى ان غرفة تجارة وصناعة قطر تقوم بالاعداد حاليا لعقد ندوة متكاملة عن السلع المقلدة والمغشوشة في السوق القطري وتحديد أسبابها وآثارها السلبية على الاقتصاد والمجتمع القطري ووضع مقتراحات لمواجهة الظاهرة. من جانبه أكد عبد الرحمن الانصاري ـ رجل أعمال وصاحب عدد من الوكلات التجارية ـ ان سوق السلع المقلدة والمغشوشة اصبحت لها قاعدة كبيرة ليس في قطر وحدها ولكن في جميع دول العالم مشيرا الى أن هناك عشرات الشركات العالمية ومليارات الدولارات التي يتم استثمارها في السلع المقلدة. وقال إن هذه الشركات أصبح لها جواسيس على أعلى مستوى يقومون بتسريب التصميمات الجديدة للماركات العالمية قبل نزولها الى الاسواق وهو الأمر الذي يؤدي إلى طرح السلع المقلدة في الاسواق بالتزامن تقريبا مع السلع الأصلية. وقال إن التقليد الآن درجات ومستويات فهناك شركات تقوم بعملية التقليد بصورة دقيقة للغاية للدرجة التي لا يستطيع معها الإنسان المتخصص اكتشافها والتفريق بين الاصلي والتقليد وهذه السلع تباع في أسواق البلدان ذات الدخل العالي، حيث لا يريد البعض فيها دفع مبالغ طائلة في السلع الأصلية، ولكنهم قادرون على دفع مبالغ كبيرة مقابل الحصول على سلع جيدة ولا يمكن اكتشاف انها مقلدة، وأكد ان أسواق دول الخليج عامة تعج بمثل هذه السلع بداية من العطور وأدوات التجميل والساعات والاكسسوارات والملابس وغيرها. وأضاف: وهناك مستوى اخر من التقليد ولكنه اقل نسبيا في الجودة وهناك مستوى ثالث يعتمد على تقليد الشكل فقط دون الاهتمام بالمضمون وهذه السلع تروج كثيرا في باقي الدول العربية التي يكون معظم سكانها من ذوي الدخل المحدود. وأكد الانصاري ان الفرق السعري بين السلع الاصلية والسلع المقلدة كبير للغاية مشيرا الى ان بعض ماركات الساعات الاصلية التي يصل سعرها في بعض الاحيان الى 70 ألف ريال نجد ان النسخ المقلدة منها ربما لا يتجاوز سعرها المائة دولار . ويعتبر عبد الرحمن الانصاري ان المغالاة الشديدة في أسعار السلع الاصلية سبب رئيسي لرواج السلع المقلدة. وأضاف عبد الرحمن الانصاري لابد من التفريق بين السلع المقلدة والسلع التجارية مشيرا الى ان السلع المقلدة تعد جريمة مكتملة الاركان للغش التجاري وسرقة لحقوق الملكية الفكرية حيث يسعى المقلد الى خداع المشتري بأن السلعة أصلية عن طريق تقليد الشكل والمضمون والعلامة التجارية . ويؤكد ان هذا يختلف تماما عن السلع التجارية الاخرى التي يحاول مصنعوها توفير بدائل رخيصة لسلع أو قطع غيار أصلية باهظة السعر دون ان يضع العلامة التجارية الصلية عليها . ويضرب مثالا على ذلك بقولة قطع غيار السيارات منها ما هو اصلي ومنها ما هو تجاري. وأكد ان مثل هذه السلع لا ينطبق عليها جريمة الغش التجاري لان التاجر هنا لا يبيع للمستهلك قطع غيار تجارية على انها اصلية ولكنه يبيع له قطع غيار والطرفان يعلمان انها تجارية كما انها عادة لا تحمل العلامة التجارية للشركة المنتجة. واختتم كلامه بالقول: إن رواج السلع المقلدة والمغشوشة ظاهرة عالمية وليست قاصرة على قطر وحدها ويعتقد ان خسائرها على الاقتصاد القطري تتراوح ما بين 500 مليون الى مليار ريال سنوياً. وأكد أن هناك صعوبات بالغة في مواجهة هذه الظاهرة لان هذه السلع اصبح لها سوق وزبائن في كل مكان وتحقق أرباح هائلة للعاملين فيها ورغم ذلك يقول ان الذي يمكن المطالبة به هو إلزام التجار بعدم الغش والتوضيح للمستهلكين ان هذه السلع ليست أصلية وانما هي سلع مقلدة وفي النهاية المستهلك هو الذي يحدد اختياراته سواء بشراء الأصلي أو التقليد. ومن جانبه أكد على حسن الخلف ـ رجل أعمال ـ ان النسبة الاكبر من السلع المتداولة في السوق القطري هي سلع « مغشوشة «، وقال ان ذلك ينطبق على العطور وأدوات التجميل والساعات والملابس الجاهزة ويؤكد ان الرغبة في التباهي والتفاخر تعتبر احد الاسباب الرئيسية لرواج مثل هذه السلع في الأسواق. وقال ان من اهم الاسباب ايضا هو الارتفاع المبالغ فيه للسلع الاصلية وهو الامر الذي اجبر الكثيرين على الاستغناء عنها والاتجاه الى السلع المقلدة إما توفيرا للنفقات أو لعدم القدرة على اقتناء السلع الأصلية. وأضاف الخلف: من الصعب القضاء تماماً ونهائياً على ظاهرة السلع المقلدة والمغشوشة في السوق القطري ولكن يمكن الحد منها عن طريق إلتزام التجار بشرف مهنة التجارة. مشيراً الى ان الوكالات التجارية المعتمدة للسلع الاصلية يقع عليها عبء كبير في الحد من تلك الظاهرة عن طريق تخفيض الاسعار وتقديم الخدمات المميزة للجمهور بأسعار مناسبة مؤكدا ان المستهلك عندما يشعر ان الفرق في السعر بسيط بين السلع الاصلية والسلع المقلدة سوف يقبل على السلع الاصلية مستفيدا من جودتها وطول عمرها الافتراضي حتى لو اضطر لدفع ثمن أكبر قليلاً.
المصدر: الدوحة