مصطفى عبد العظيم (دبي)

انطلقت أمس فعاليات الدورة التاسعة من ملتقى الاستثمار السنوي في مركز دبي التجاري العالمي، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله. وبحضور الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.
وأكد مشاركون في الملتقى أن دولة الإمارات العربية المتحدة باتت نموذجاً عالمياً يحتذى في مجال استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة عبر تهيئة بنيتها التحتية الرقمية لاستقبال التدفقات الاستثمارية المستقبلية، والتي ترتكز بشكل واسع على الاقتصاد الرقمي.
وشارك في الجلسة الافتتاحية وفود رسمية من أكثر من 140 دولة في العالم ضمت عدداً من رؤساء الدول وهم فخامة إيفو موراليس ، رئيس دولة بوليفيا، و فخامة محمد بخاري، رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية، وفخامة رستم ميننيخانوف رئيس تتارستان ، وفخامة رمضان قديروف، رئيس جمهورية الشيشان، وهوشيف مسلم، نائب رئيس جمهورية الشيشان، ونحو 40 وزيراً والعديد من المسؤولين رفيعي المستوى من أكثر من 140 دولة حول العالم.
وأشاد الرئيس النيجيري ، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية برؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في دعم مثل هذه الملتقيات المثمرة على مستوى العالم، والتي تجمع القطاعين العام والخاص لتبادل الأفكار والرؤى في المجالات المختلفة لجعل العالم أفضل.
وقال فخامته «إن العولمة الرقمية باتت أمراً واقعاً يعيشه الجميع في مختلف أنحاء العالم»، مشيراً إلى أن التكنولوجيا سهلت حياة الملايين من البشر بغض النظر عن مواقعهم، لافتاً إلى أنه في الوقت الذي تتزايد فيه الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا الذي يقدم العديد من الفرص، يجب النظر باهتمام للتهديدات التي قد تحملها التكنولوجيا أيضاً إذا لم يكن هناك تنظيم لاستخداماتها.
واستعرض فخامته التحولات التي تشهدها نيجيريا على صعيد تبني الرقمنة، مشيراً إلى أن نسبة انتشار الهواتف الذكية بلغت نحو 80% بين السكان، وهذا يعني أن أكثر من 100 مليون مواطن مرتبط بهذا العالم الشبكي، وأن 65% من الشباب الذين هم تحت سن 21 سنة مهتمون بهذا القطاع الرقمي، لافتاً إلى أن رواد الأعمال الشباب من أصحاب الشركات الناشئة نجحوا في استقطاب استثمارات بأكثر من مليار دولار.


بدوره، أكد فخامة إيفو موراليس، رئيس دولة بوليفيا، أهمية مشاركة بلاده في ملتقى الاستثمار السنوي الذي يعد أهم ملتقى استثماري في العالم لتقديم الفرص الجديدة والمشاركة في إيجاد حلول للتحديات والأزمات المختلفة التي يشهدها العالم، وبناء مستقبل أفضل.
وتناول في كلمته التطورات الكبيرة التي شهدتها بوليفيا في السنوات الأخيرة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، والتي تجعل منها حالياً مركز جذب لاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي تضاعفت لنحو 4 مرات، فضلاً عن النمو الكبير في الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار إلى أن البنية التحتية في بوليفيا باتت أكثر ملاءمة على استقطاب الاستثمارات وجذب القطاع الخاص الذي بات يلعب دوراً مهماً في عملية التنمية، داعياً في الوقت ذاته المستثمرين إلى استكشاف الفرص الكبيرة التي تتمتع بها بوليفيا في المجالات المختلفة.

التكنولوجيا محفز للنمو
أكد معالي الدكتور عبد الله بن محمد بلحيف النعيمي، وزير تطوير البنية التحتية، في الكلمة الرئيسة، أمس، أن دولة الإمارات تؤمن بأهمية التكنولوجيا كمحفز رئيسي للنمو الاقتصادي، لافتاً إلى حرص الإمارات على مواكبة الاتجاهات الجديدة وتطبيقها في مختلف المجالات التجارية.
وأشار معاليه إلى أنه في حين يتردد في أروقة الاقتصاد والسياسة الدولية الحديث عن تراجع العولمة، إلا أن ذلك لا يعكس المشهد كاملاً، فالعولمة تتقدم ولكن عبر مسارات جديدة، تتصدرها التكنولوجيا الرقمية، منوهاً باختيار شعار «خارطة مستقبل الاستثمار الأجنبي المباشر: إثراء الاقتصادات العالمية من خلال العولمة الرقمية» لدوره هذا العام من الملتقى، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة العمل معاً بصورة جادة لتضييق «الفجوة الرقمية» التي تحد من قدرة بعض الدول والمجتمعات على الاستفادة من نموذج الاقتصاد الرقمي.
وأشار معاليه إلى أن المشاركة العالمية الواسعة في دورة هذا العام من ملتقى الاستثمار السنوي الذي تنظمه وزارة الاقتصاد والتي تضم وفوداً من أكثر من 140 دولة من مختلف قارات العالم، تعكس المكانة الرفيعة التي يحظى بها الملتقى وحضوره البارز على الساحتين الإقليمية والدولية، باعتباره أحد أكبر التجمعات الاستثمارية في العالم ومنصة مهمة للاطلاع على أحدث الاتجاهات في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر، فضلاً عن تبادل الخبرات، واستكشاف فرص الأعمال، وتوقيع اتفاقيات التعاون والشراكات، لافتاً إلى أن تزامن هذه الدورة مع عام التسامح في دولة الإمارات، هو فرصة إضافية لتأكيد قيمة التسامح، وأهميته في تعزيز العمل معاً من أجل الشراكة والتنمية.
وقال معاليه: «نظرتنا تفاؤلية للمستقبل في ظل النمو الاقتصادي العالمي الذي اختتمنا به عام 2018 وبنسبة 3.7%. ويقدر صندوق النقد الدولي أن يواصل الاقتصاد العالمي نموه في عام 2019 بنسبة 3.5%. وعلى الصعيد الوطني، لا تزال دولة الإمارات تتبوأ المرتبة الأولى على مستوى المنطقة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر التي قدرت قيمتها في عام 2018 بنحو 38 مليار درهم (10.4 مليار دولار) حسب تقديرات المصرف المركزي».


وقال معاليه: «استطاعت دولة الإمارات وعلى مدار ست سنوات متتالية أن تتصدر دول العالم العربي في مؤشر «سهولة ممارسة الأعمال»، ويحتفظ صندوق النقد الدولي بتوقعات اقتصادية إيجابية في هذا الصدد، حيث يُقدِّر نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة بنسبة 3.7% خلال العام الجاري».
وأضاف معاليه: «إلى ذلك، أولت دولة الإمارات البنية التحتية والطرق اهتماماً بالغاً انطلاقاً من إدراكها لأهمية هذا القطاع في تعزيز الاستثمار، وبفضل ذلك تمكنت من حجز مراكز متقدمة عالمياً بمؤشرات التنافسية العالمية في هذا المجال، وكان آخرها حصول الدولة على المركز الثاني بمؤشر الرضا عن الشوارع والطرق السريعة التي تشكل إحدى أفضل البنى التحتية عالمياً، كما أن الدولة حققت إنجازات متقدمة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص بمشروعات البنية التحتية لوضعها الخطوط العريضة لدعم منظومة الشراكة بين القطاعين وجذب المستثمرين».

تقنيات الجيل التالي
قال داوود الشيزاوي، رئيس اللجنة المنظمة لملتقى الاستثمار السنوي 2019: «يبحث صانعو السياسات في جميع أنحاء العالم عن طرق لضخ طاقة جديدة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بالنظر إلى أن الاستثمارات الدولية تلعب دوراً حيوياً في التنمية المستدامة للعديد من الدول، خاصة بالنسبة للبلدان النامية».
وأضاف الشيزاوي: «علاوة على ذلك، وتماشياً مع شعار ملتقى الاستثمار السنوي 2019، يناقش المشاركون تأثير التكنولوجيا الرقمية والروبوتات وغيرها من تقنيات الجيل التالي على المشهد الاستثماري الحالي. وهذا الحدث عبارة عن منصة لمناقشة التدابير وإعادة التفكير في نهجنا، حيث إن الرقمنة لا تزال لها تأثير عميق على التجارة والاستثمار العالميين».
وقامت دولة الإمارات العربية المتحدة بتكثيف الجهود للتحول الرقمي، حيث تلعب الاستثمارات الأجنبية المباشرة دوراً واضحاً في استراتيجية التنويع الاقتصادي للبلاد والتحضير لمستقبل ما بعد النفط. وطبقت الحكومة سياسات وبرامج أساسية لجذب المستثمرين الأجانب وفقًا لرؤية الإمارات 2021.
وقدمت الهيئات والمؤسسات المالية العالمية المشاركة في الملتقى استراتيجياتها وخططها الخاصة بالاستثمار وتقديم التسهيلات للقطاع الخاص للمساهمة في العملية الاستثمارية. ومن المتوقع أن ينتج عن الملتقى الذي يستمر ثلاثة أيام العديد من الاتفاقيات التي ستساهم بزيادة التدفقات الاستثمارية، وتساعد بتسريع عجلة النمو الاقتصادي للدول المشاركة فيه.
وشهدت النقاشات في الملتقى تركيزاً على ضرورة إيجاد مناخات استثمارية إيجابية، وتوفير الوسائل لإنشاء مناطق خاصة للتنمية في الدول لتشجيع الاستثمارات، واستغلال الفرص التي يتيحها الملتقى للدول المشاركة فيه من الوجهات الاستثمارية الواعدة عالمياً.

عبد الله آل صالح: %20 معدل النمو السنوي لتدفقات الاستثمار بالإمارات
أكد عبد الله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، أن ملتقى الاستثمار السنوي نجح على مدار تسع سنوات أن يصبح من أهم الملتقيات العالمية المتعلقة بالاستثمار الأجنبي المباشر، وهو ما يعكسه الحضور القوي من رؤساء دول وحكومات ووفود كبيرة وممثلي صناديق استثمارية ومؤسسات عالمية.
وقال إن الجميع يأتي لإبراز الفرص الاستثمارية المتاحة في بلدانهم واطلاع المشاركين على التحولات المتعلقة بالمناخ الاستثماري، إلى جانب بحث ومناقشة التحديات التي تشهدها حركة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والتحولات المستقبلية.


وأوضح أن توجيه دفة الاستثمار الأجنبي المباشر نحو الرقمنة يمكن أن تحول العديد من الاقتصادات النامية إلى مستويات تستطيع أن تتعامل مع الثورة الصناعية الرابعة والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي.
وقال إن اقتصاد الإمارات مرتبط بالاقتصاد العالمي بما يعكس الانفتاح الاقتصادي الواسع لدولة الإمارات على العالم، لكن مع وضع سياسات للتعامل مع التحديات العالمية بإجراءات وسياسات وممارسات حكومية نستطيع أن نقلل أثر تلك التحديات على اقتصادنا، مشيراً إلى أن صدور الاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات في أواخر العام الماضي على سبيل المثال، شكل نقلة نوعية في ممارسة الأعمال في الدولة، مع منح المستثمرين التملك الكامل للمستثمر الأجنبي في بعض القطاعات، الأمر الذي يتوقع معه رفع معدل النمو السنوي في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ليتراوح بين 15 إلى 20% خلال السنوات المقبلة، مقارنة مع معدل تراوح بين 8 إلى 10% في السنوات الماضية.

جمعة الكيت: الاقتصاد الرقمي يغير مشهد الاستثمار الأجنبي المباشر
قال جمعة الكيت، الوكيل المساعد لشؤون التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد، إن المواضيع التي ناقشها الملتقى في يومه الأول تحاكي الوضع الحالي والتحديات التي تواجه الاستثمار الأجنبي، خاصة مع تزايد الحمائية والحرب التجارية التي تلقي بظلالها على التدفقات الاستثمارية، مشيراً إلى أن الاستثمارات بحاجة إلى بيئة مستقرة وحوافز لتشجيع تدفقات رؤوس الأموال.


وتوقع الكيت أن يغير الاقتصاد الرقمي ملامح الاستثمار الأجنبي المباشر الذي لن يعتمد في قياسه مستقبلاً من خلال الأرقام الخاصة بحجم الاستثمار، وإنما بنوعية وجودة الشركات، متوقعاً أن يتغير عمل الإحصاء الاستثماري في السنوات القليلة المقبلة، مشيراً إلى أن دولة الإمارات سباقة في التحول نحو الاقتصاد الرقمي منذ سنوات طويلة، توجت مؤخراً بإعلان استراتيجية الذكاء الاصطناعي واستراتيجية البلوك تشين وغيرها من المبادرات الأخرى التي تواكب المستقبل.
ولفت الكيت إلى العديد من نماذج النجاح للشركات التي استفادت من البيئة الاستثمارية في دولة الإمارات، والتي بدأت أعمالها من الدولة ووصلت للعالمية، بما يؤكد أن دولة الإمارات باتت المكان المناسب للمواهب والكفاءات من أصحاب المشاريع والشركات الناشئة لتأسيس الأعمال والانطلاق والتوسع عالمياً.