سيد الحجار (أبوظبي)

أكد رجال أعمال ومسؤولون بشركات استثمار زراعي، أن الإمارات تجني اليوم ثمار التخطيط الاستراتيجي طويل المدى، في ما يتعلق بالتوسع في الاستثمار الزراعي بعددٍ من دول العالم، ما أسهم في تحقق استدامة توريد السلع وزيادة المخزون، وتحقيق الأمن الغذائي بالدولة، خاصة خلال أوقات الأزمات.
وقال هؤلاء لـ «الاتحاد»، إنه في الوقت الذي تشهد فيه كثير من دول العالم قلقاً متزايداً من توفير المنتجات الغذائية بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، فإن الإمارات أظهرت قدرتها على توفير السلع والمواد الغذائية، ونجاح استراتيجيتها للأمن الغذائي، والتي يعد الاستثمار الزراعي في الخارج أحد أركانها المهمة، فضلاً عن تعزيز وتنويع مصادر استيراد أصناف الأغذية الرئيسة، وتطوير سلاسل إمداد الغذاء، وتطوير قطاع الإنتاج والزراعة المحلي.
وأوضحوا أن الإمارات كانت سباقة في التوجه نحو الاستثمار الزراعي بالخارج، حيث تم تأسيس شركة الظاهرة الزراعية منذ عام 1995، فيما تنتشر أعمالها اليوم في أكثر من 18 دولة عبر مختلف القارات وتخدم أكثر من 40 سوقاً، كما تعمل شركة جنان في جميع القارات باستثناء أستراليا فقط.
وتمتلك الإمارات عشرات الشركات المختصة في الاستثمار الزراعي بالخارج، والتي تنتشر استثماراتها في نحو 60 دولة، وتسهم في تأمين المواد الغذائية دون انقطاع ومن مصادر متعددة، وتوريد السلع من الاحتياطيات خارج الدولة. وأكد خبراء أهمية اعتماد القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2020 مؤخراً بشأن تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة، في دعم استراتيجية الأمن الغذائي بالدولة، وتحقق الاستدامة في مجال الغذاء، لاسيما في حال حصول أزمات وطوارئ وكوارث.
قال حامد الشاعر عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، إن الإمارات تولي ملف الأمن الغذائي أولوية قصوى؛ نظراً لما له من أهمية في تحقيق التنمية المستدامة، موضحاً أن حكومة الإمارات تعمل وفق رؤية استراتيجية واضحة واستباقية بشأن ملف الأمن الغذائي، عبر اتخاذ خطوات استباقية لتعزيز المخزون الاستراتيجي من الغذاء.
وأضاف أن الأوضاع الراهنة أكدت الرؤية الاستباقية للإمارات في ما يتعلق بالخطوات التي تم إقرارها خلال السنوات الأخيرة لتعزيز الأمن الغذائي، ومنها التوسع في الاستثمار الزراعي بالخارج، حيث تنتشر الاستثمارات الإماراتية اليوم في معظم دول العالم، وتسهم في توفير المزيد من السلع بمختلف القطاعات.
وفي نوفمبر 2018، أطلقت حكومة الإمارات الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، والتي تعمل من خلال 5 توجهات استراتيجية تركز على تسهيل تجارة الغذاء العالمية، وتنويع مصادر استيراد الغذاء، وتحديد خطط توريد بديلة، وتهدف لأن تكون دولة الإمارات الأولى عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051، وضمن أفضل 10 دول بحلول عام 2021.
وتبوأت دولة الإمارات في 2019 المركز الـ21 عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي، متقدمة 10 مراكز عن ترتيبها عام 2018.
وأشار الشاعر إلى تنوع الفرص الاستثمارية بالقطاع الزراعي بمختلف دول العالم، مؤكداً أن مثل هذه الفرص تحقق عوائد مرتفعة للشركات الاستثمارية، فضلاً عن أهيمتها في تعزيز الأمن الغذائي للدولة.

توجه مبكر
من جهته، أوضح رجل الأعمال عبدالله عمر باعبيد الرئيس التنفيذي لمجموعة «إيه أم جي»، إن الإمارات توجهت مبكراً نحو الاستثمار الزراعي بالخارج، وكان لها السبق في هذا التخطيط الاستراتيجي، مشيراً إلى أن كثيرٍاً من دول العالم باتت تدرك اليوم أهمية مثل هذا التوجه ودروه في تعزيز الأمن الغذائي، لاسيما خلال أوقات الأزمات.
وأوضح أن السنوات الأخيرة شهدت توسعاً ملحوظاً للاستثمارات الإماراتية بقطاع الزراعة في الخارج، فضلاً عن شراء مزارع في دول متعددة وقارات مختلفة، ما يضمن تأمين المواد الغذائية والمحاصيل في مواسم عدة، مشيراً إلى أهمية إعلان شركة الظاهرة قبل نحو عامين عن استثمارات في جمهورية رومانيا بقيمة 500 مليون دولار، وذلك عقب استحواذ الشركة على جزيرة برايلا، وهي أكبر مزرعة متكاملة في أوروبا.
وأكد باعبيد أن الأزمة الحالية أظهرت قدرة الإمارات على تأمين المواد الغذائية، حيث يتواصل توريد المواد من الاحتياطي الإماراتي بعدد من البلدان في أفريقيا وأوروبا، في الوقت الذي تعاني فيه كثير من الدول من صعوبات ملحوظة في هذا الجانب، مؤكداً أن تعزيز الأمن الغذائي بالدولة يسير وفق منظومة متكاملة.
وأشار باعبيد إلى أن الأوضاع الراهنة تتطلب ضرورة التفكير فيما بعد «كورونا»، ما يستدعي ضرورة الاهتمام بمزيد من الاستثمارات الزراعية بالخارج، وتعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، للتوسع في استثمارات جديدة واستكشاف المزيد من الفرص الواعدة بالعديد من الدول.

تخطيط سليم
من جانبه، أكد بدر فارس الهلالي رئيس مجلس إدارة مجموعة الإمارات للصناعات والخدمات، أن الإمارات تجني اليوم ثمار التخطيط الاستراتيجي طويل المدى، في ما يتعلق بالتوسع في الاستثمار الزراعي بعددٍ من دول العالم، موضحاً أن الإمارات حققت إنجازات ملحوظة في هذه الاستثمارات في ظل تنوعها وانتشارها بمختلف دول العالم.
ولفت إلى توافر العديد من الفرص الاستثمارية المتميزة بالقطاع الزراعي بالعديد من دول العالم، والتي تضم أراضي خصبة ومياهاً وفيرة، فضلاً عن الأيدي العاملة الرخيصة، موضحاً أن مجموعة الإمارات للصناعات والخدمات باشرت مؤخراً إجراءات للاستثمار الزراعي في مصر.
وذكر الهلالي أن الإمارات انتهجت سياسة استراتيجية واضحة لتعزيز الأمن الغذائي، من خلال إجراءات عدة، بناءً على توجيهات القيادة الرشيدة، وهو ما ظهر حالياً في توفير المواد الغذائية بالأسواق، بل وتقديم المساعدات للعديد من دول العالم.
وتعمل الإمارات على تحقيق الأهداف المتمثلة في زيادة الإنتاج الغذائي والزراعي الوطني القائم على الابتكار، وضمان سلامة الغذاء وتحسين نظم التغذية، والاستثمار الخارجي، وتنويع مصادر استيراد الغذاء، وإشراك المجتمع في منظومة الأمن الغذائي وتحويل ثقافة الغذاء إلى نهج مجتمعي.

فرص استثمارية
من جانبه، أكد عبد المنعم المرزوقي، الرئيس التنفيذي للشركة «إيليت أجرو»، أن الإمارات كان لها السبق في الاهتمام بالاستثمار الزراعي بالخارج، واستكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة بالقطاع الزراعي في مختلف دول العالم، ما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي للدولة، لا سيما في ظل ارتباط ذلك، مع تعزيز إدارة وإنتاج الغذاء بالسوق المحلي.
وأشار المرزوقي إلى اهتمام «إيليت أجرو» بالاستثمار الزراعي في الخارج، حيث تنتشر مشاريعها حالياً في المغرب وصربيا وموريتانيا وإثيوبيا، فضلاً عن استثمارات الشركة بالسوق المحلي، والتي تسهم في توريد وتأمين العديد من السلع والمنتجات.
وأوضح أن الإمارات تعمل وفق منظومة متكاملة لتحقيق الأمن الغذائي، مشيراً إلى أهمية اعتماد قانون تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة، وبما يسهم في تنظيم المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية في الدولة.
وأكدت ريد الظاهري رئيس لجنة التجارة بغرفة تجارة وصناعة أبوظبي، أن الإمارات قدمت تجربة رائدة في الاستثمار الزراعي بالخارج، حيث نفذت الشركات الإماراتية استثمارات زراعية ناجحة عديدة في مختلف دول العالم خلال الفترة الأخيرة، ما يعكس حرص الدولة على دعم منظومة الأمن الغذائي.
وأوضحت أن زيادة الاستثمارات الزراعية بالخارج تعزز استراتيجية الدولة الهادفة لتحقيق التنوع الاقتصادي، وزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي.
وأكدت الظاهري أهمية إعلان مكتب أبوظبي للاستثمار، مؤخراً عن استثمار قدره 367 مليون درهم في 4 شركات لتأسيس مراكز ومرافق في أبوظبي تُعنى بإيجاد أفضل الحلول المبتكرة لمعالجة التحديات الزراعية العالمية، ما يسهم في توفير الدعم للشركات المحلية والدولية التي ترغب في تأسيس أعمالها وتطويرها في إمارة أبوظبي، ويدعم منظومة الأمن الغذائي بالدولة.

«الظاهرة» تدعـم مخـزون السلع
أكد الدكتور سليمان راشد النعيمي الرئيس التنفيذي للقطاع الحكومي في شركة الظاهرة، أن الشركة وسعت خلال السنوات الماضية وجودها في الدول الزراعية الأساسية، ضمن خطة استثمارات استراتيجية، تسهم في تأمين المواد الغذائية والأعلاف الحيوانية دون انقطاع ومن مصادر متعددة تضمن توفير احتياجات الدولة، موضحاً أن الشركة تعمل في أكثر من 18 دولة بمختلف القارات وتخدم أكثر من 40 سوقاً.
وقال النعيمي لـ«الاتحاد»، إن «الظاهرة» بنت علاقات وطيدة مع شركات الشحن العالمية، وتستفيد من حجم أعمال المجموعة الكبير لتأمين سلاسل التوريد من مصادر عدة، وعبر طرق لوجستية مختلفة ومنافذ متعددة للدولة.
وفيما يتعلق بمدى التأثر بتداعيات انتشار فيروس «كورونا»، قال سليمان: «لم تسجل حتى الآن أي عرقلة في أي من الموانئ العالمية الأساسية التي تتعامل معها الدولة، وهناك جهود مستمرة للتأكد من سلاسة وسهولة التوريد من دون أية عراقيل أو تأخير».
وأكد النعيمي أن الظاهرة من أهمّ شركات توريد السلع الغذائية الأساسية والأعلاف، وشريك أساسي لحكومة أبوظبي في تطوير وتطبيق منظومة الأمن الغذائي وتحقيق رؤية الاكتفاء الذاتي والاستدامة، وبذلك فإنها على أتمّ الاستعداد لمواجهة التحديات في زمن الأزمات وتوريد السلع من الاحتياطيات خارج الدولة والمخزون الاستراتيجي داخل الدولة.
وقال إن شركة الظاهرة توسع سنوياً رقعة الاستثمارات محلياً وعالمياً في مختلف القارات، حيث أكملت خلال السنتين الماضيتين استحواذات مهمة وضخمة جداً في رومانيا وصربيا، ما يعزز إمكانات التوريد للدولة ضمن وقت زمني قصير وبشكل مباشر من البحر الأسود.
وذكر أن للشركة وجوداً في أميركا والمكسيك وصربيا ورومانيا وإسبانيا وإيطاليا واليونان والهند وباكستان وفيتنام والسعودية ومصر والمغرب وناميبيا وجنوب أفريقيا وأستراليا.
وأوضح النعيمي أن «الظاهرة» تدير وتشغل مجموعة أراضي تزيد مساحتها على 350 ألف فدان لزراعة الأعلاف والمحاصيل الغذائية الأساسية، وتشغل منشآت حديثة لتصنيع الأعلاف.
كما أن الشركة تلعب دوراً بارزاً في إنتاج وتخزين وتعبئة وتسويق وتوزيع الحبوب، حيث تشغل 4 مطاحن للأرز ومطاحن للدقيق، فضلاً عن ذلك، فإن الشركة تزرع وتوزع الفاكهة والحمضيات والخضار الطازجة والتمور والزيتون.
وأكد سليمان أنه خلال الأزمات، تسخّر الشركة قدراتها التوريدية كافة، وتضع مخزونها الاستراتيجي بخدمة تلبية الاحتياجات المحلية في الدولة.
وحول استثمارات شركة الظاهرة بالسوق المحلي، أوضح النعيمي أنه في إطار خطة «الظاهرة» لبناء بنية تحتية تخدم احتياجات المواطنين والمقيمين، استثمرت الشركة في قاعدة للتصنيع والتجارة محلياً، ما يساهم في تعزيز الخبرات الوطنية والتوريد الفوري، إضافة إلى تشغيل صوامع لتخزين الحبوب الأساسية، وأعمال زراعية محلية تنتج الخضار والفاكهة ومصانع لمنتجات الألبان.

«جنان»..نشاط واسع في 15 دولة
قال محمد الفلاسي، رئيس مجموعة الاستثمار والأعمال في شركة جنان للاستثمار، إن الأزمة الحالية أظهرت قدرة الإمارات على توفير السلع والمواد الغذائية، ونجاح استراتيجيتها للأمن الغذائي، التي يعد الاستثمار الزراعي في الخارج أحد أركانها المهمة، فضلاً عن تعزيز وتنويع مصادر استيراد أصناف الأغذية الرئيسة، بجانب تطوير قطاع الإنتاج والزراعة المحلي.
وذكر الفلاسي أن استثمارات شركة جنان تنتشر في القارات كافة باستثناء أستراليا فقط، حيث توجد مشاريع للشركة في أكثر من 15 دولة، منها مصر والسودان والمغرب، فضلاً عن مشاريعها بأميركا، وأوروبا، ما يوفر خيارات متنوعة لإمداد السلع الغذائية للدولة، فضلاً عن دور الشركة في إنتاج وتوفير الأعلاف والغذاء الحيواني واللحوم. وأكد أن الإجراءات المتكاملة للإمارات تضمن سلاسة توريد السلع سواء من خارج الدولة أو داخلها، حيث تمتلك الإمارات علاقة متميزة مع دول العالم كافة، بما يضمن تدفق السلع الرئيسة، موضحاً أن الحركة بالموانئ الإماراتية تسير على قدم وساق، خاصة أن أعمال الشحن كافة، خاصة بميناء خليفة أو ميناء جبل علي، تسير بشكل إلكتروني، في ظل توافر بنية تحتية وتكنولوجية عالية بالموانئ الإماراتية. وأضاف الفلاسي أنه بعد نجاح الدولة في ضمان سلسلة التوريد الخارجي، تأتي أهمية قانون تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية، لضمان الاستفادة المثلى من السلع الغذائية في الدولة.