عصام أبو القاسم (شرم الشيخ)

يعد عرض «سأموت في المنفى» من تأليف وتشخيص وإخراج الفنان الأردني- الفلسطيني غنام غنام، من أكثر أعماله رواجاً، إذ عرض في معظم الدول العربية تقريباً منذ انطلاقته قبل نحو عام، وقد حظي بتغطية إعلامية ملحوظة على مختلف الوسائط. يحكي العمل الذي قدم، مساء أمس الأول، في إطار العروض المستضافة في الدورة الرابعة من مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، جانباً من سيرة غنام نفسه، خاصة من جهة التحديات التي واجهها بوصفه فلسطينياً تعرض وأفراد من عائلته للنزوح والاعتقال واضطر إلى الهجرة.
قدم العرض في فضاء دائري مفتوح في الامتداد الأمامي لقصر الثقافة الذي يحتضن فعاليات المهرجان، واعتمد غنام على سرد وقائع سيرته بلغة امتزجت فيها العامية الفلسطينية بالعربية الفصحى، كما استخدم الأمثال والأشعار من متون عربية متنوعة، قديمة وجديدة، من أحمد شوقي إلى محمود درويش، كما وظف الأغاني والأهازيج الشعبية، تصويراً وتعبيراً وتجسيما لما يحكيه.
ويستعيد صانع العمل بعض مشاهد حياته اليومية خاصة في المطارات، ليبين كيف عومل -كفلسطيني- بوصفه بلا بلد ولا جواز سفر، وفي هذا الإطار هو يتحدث عن قوميته وعن أن كل بلد عربي هو بلده، مستدلاً ببعض من شعرية الستينيات ولكن من دون أن ينسيه ذلك وطنه المغتصب، وهو يحلم بيوم يتردد فيه النداء في الموانئ الجوية برحلة على الخطوط الجوية الفلسطينية.
ويعطي العمل، في شكله العام، فكرة عن مولد ووالد وأشقاء غنام، راسماً صورة تعكس أشكالاً من المقاومة وعدم الإذعان وسط العائلة لسلطات الاحتلال. وفي جزء متقدم من العرض يبرز غنام الذي لم يعتمد كثيراً على الأداء التمثيلي واكتفى غالباً بالسرد، كيف حكم عليه أن يعيش حياته في صورتين: الأولى وهي تلك التي كان فيها بفلسطين بوصفها حقيقية، والثانية وهي التي عاشها في البلاد العربية التي هاجر إليها، باعتبارها «بدل فاقد»!
ويجدد العمل في صورته العامة الأسئلة المثارة منذ حين حول قدرة الفنان العربي على ترجمة سيرته الذاتية إبداعياً والمدى الذي يمكن أن يبلغه في الصدقية ببعديها الفني والاجتماعي، وشجاعته في الحديث عن نفسه والكشف عن كل حالاتها وتحولاتها، في مواسم العمر الأربعة، قوتها وهشاشتها؟
بيد أن ما قدمه العمل أظهر صانعه بإرادة أو ذات فوق أو متجاوزة حدة ووعورة وفظاعة الواقع، ومتغلبة على كل الصعاب مهما بلغت.