سباق الدراج يتسبب في هزات أرضية وعروض الباليه تتحدى ألسنة اللهب
ما بين النيران السماوية والاهتزازات الأرضية والفعاليات الترفيهية المتنوعة، شهدت حلبة مرسى ياس أمس الأول ليلةً يندر أن تتكرر في مسيرتها السياحية والترفيهية، شاركت فيها جموع العائلات والأسر الموجودة على أرض الإمارات واستمتعوا جميعهم بالأجواء الرائعة التي جرت فيها تلك الأنشطة المصاحبة لمهرجان ياس لسباق الدراج.
ازدانت سماء جزيرة ياس بنيران راقصي استعراضات قدموا عرضاً مدهشاً استحق أن يطلق عليه الباليه الناري، لما أظهروه من رشاقة حركية وتناغم إيقاعي فريد، متلاعبين بألسنة لهب كثيراً ما ارتفعت لتضئ سماء ياس وسط انبهار الجمهور وتصفيقهم الحار تعبيراً عن إعجابهم بالأداء المميز والجديد من نوعه. وما هي إلا لحظات حتى ارتجت أرض حلبة ياس تحت وطأة السرعة الرهيبة للسيارات المشاركة في سباقات الدراج، والتي أخذت ألسنة النيران تظهر من جانبها لفرط سرعتها واحتكاكها بالأرض، وهو ما أعطى المشهد ألقاً وجمالاً بديعين، وجعل الجمهور يعيش أجواءً كرنفاليةً فريدةً، خاصة أن سرعة هذه السيارات ساهمت في إحداث هزات أرضية متلاحقة.
مسرح مفتوح
وانتشرت في أرجاء الحلبة الألعاب والأنشطة الترفيهية، فأضحت الجزيرة أشبه ما تكون بمسرح مفتوح للفنون والألعاب بمختلف أشكالها، يمارس فيها الجميع هواياتهم، أطفالاً كانوا أم كباراً، فنجد في مدخل الحلبة “منطقة الأطفال” يمارس الأطفال فيها ما يستهويهم من أنشطة ترفيهية متنوعة مثل الرسم والتلوين، فيبدعون و يرسمون عوالمهم الخاصة باستخدام ألوان العلم الإماراتي.
وإلى جوار منطقة الأطفال توجد حلبة “مصارعة السومو”، حيث يقوم الأصدقاء بممارسة تلك اللعبة اليابانية العريقة في جو من البهجة والمرح وشعور مماثل للاعبي السومو الحقيقيين، من خلال ارتدائهم بدلة السومو المخصصة لهذا الغرض، والتي تعطي الأطفال وزناً وثقلاً يعادل ضعف وزنهم الحقيقي، ليشعروا وكأنهم لاعبي سومو محترفين.
ومن الألعاب المثيرة “كرة الفضاء” التي تُستخدم لمحاكاة طريقة الطيران في الفضاء وجعل الأطفال يعيشون تجربة التحليق في أجواء الفضاء الخارجي بعيداً عن تأثير الجاذبية الأرضية وتجريب حالة اللاوزن التي يعيشها رواد الفضاء في رحلاتهم خارج كوكب الأرض.
وغير بعيد عن كرة الفضاء، هناك لعبة “الركض بالحبل المطاطي” التي يمكن للاعبها أن يتسابق ويتنافس مع شخص آخر من خلال حبل مطاطي، وعن طريق اختبار القوة اللازمة لمقاومة الحبل يمكنه أن يفوز. وتتم هذه اللعبة في إطار من الإثارة والمرح لكثرة المواقف المضحكة التي يتعرض لها المتسابقون.
مدرسة الإبداع
تُعد منطقة “التي شيرت” مدرسةً حقيقةً للإبداع وإظهار المواهب الفنية لدى الأطفال، عبر تعليمهم فنون الرسم على “التي شيرت”، ثم إفساح المجال لهم لتطبيق ما تعلموه وإبراز موهبتهم في الرسم باعتباره أحد أهم أنواع الفنون التشكيلية. وبعد انتهاء الأطفال من عملية الرسم على “التي شيرتات”، يحتفظون بها كهدية تذكارية من حلبة ياس تشهد على ميلاد مواهبهم وتفتقها على أرض الجزيرة.
أما “ألعاب القوة”، فهي منطقة تختص بإظهار قوة اللاعبين واختبار شجاعتهم عبر استعمال الحصان الهزاز وقياس قدرتهم على حفظ التوازن أثناء ركوبه. ولمن يرغب اختبار قوة ساعديه، هناك لعبة المطرقة الخشبية، وأيضاً لعبة البوكس الجلدية التي تجعل ممارسيها يحاكون لاعبي الملاكمة الحقيقيين.
باليه ناري
كان مسك فعاليات هذه الليلة الترفيهية استعراضات النار التي قدمها مجموعة من اللاعبين واللاعبات من مختلف دول العالم، من خلال المزج بين الرقص الإيقاعي وإبداع أشكال جمالية بالنيران، جعلت الحضور يشعرون وكأنهم في باليه ناري من نوع خاص تتفرد به حلبة ياس عمّا عداها من المناطق الترفيهية الأخرى.
وكان للموسيقى نصيب كبير ضمن فعاليات نهاية الأسبوع في جزيرة ياس من خلال جناح “مواهب الجيتار” الذي نكتشف بداخله لعبة “بطل الموسيقى”، وهي عبارة عن شاشة معروضة أمام المتسابقين تظهر عليها علامات موسيقية، وعلى المشاركين في اللعبة أن يتتبعوا نفس العلامات الموسيقية الموجودة على الشاشة ويحاكوها، وهو ما يجعلهم يتعلمون مبادئ العزف على الآلات الموسيقية، من خلال أسلوب عملي سهل وبسيط بعيداً عن الدراسات النظرية للموسيقى التي لم تعد تتفق مع فكر وميول الأجيال الجديدة.
في إطار الفعاليات التي أقيمت على مدار يومين وانتهت أمس، وكإضافة جديدة لسباقات الدراج لهذا العام، شهد المهرجان مواجهةً بين أورز إرباكر، بطل الاتحاد العالمي للسيارات، ورود فولر، نجم سباقات توب فيول، الحائز رخصة من الاتحاد الوطني للـ”هوت رود” وأسرع سائق دراج في دولة الإمارات. كما استعرض السائق العالمي مارتن هيل مهاراته المتميزة في سيارة “فاني كار”، أسرع سيارة بمحرك نفاث في العالم. وحظي الجمهور خلال المهرجان بفرصة ركوب سيارة ياس سوبر كومب بثلاثة مقاعدها النجم رود فولر.
تشويق وإثارة
وأعرب راشد القبيسي، مدير مركز ياس لسباقات الدراج، عن سعادته باكتمال كافة التحضيرات لانطلاق المهرجان قائلاً: “تمثل هذه الفعاليات الترفيهية المتنوعة إضافةً نوعيةً لبرنامج سباقات الدراج بكل ما فيه من تشويق وإثارة، أسهمت في جعل المهرجان الوجهة العائلية المثلى لقضاء عطلة نهاية أسبوع ممتعة”.
وفي ظل حرص حلبة ياس على راحة زوارها، كان هناك جناح خاص للاهتمام بالمعاقين والعمل على استقبالهم. فالتقينا من هناك بإسراء بنّي، المسؤولة عن الجناح، وقالت إنها تعمل من خلال فريق العمل المصاحب لها على التعاون مع المعاقين وذويهم، وذلك باستقبالهم من البوابة الخارجية وتوجيههم إلى الأماكن التي يرغبون في زيارتها وتعريفهم بالأنشطة العديدة الموجودة في أرجاء الجزيرة.
متعة أسبوعية
ومن الجمهور حدثنا والد الطفل خالد عبدالله(9 سنوات)، والذي يعمل مدرساً للعلوم، معبراً عن إعجابه بجزيرة ياس وكافة منشآتها وأساليب الترفيه المميزة التي توفرها للزائرين من كافة الفئات العمرية، ومضيفاً أن تنوع فعالياتها دفعه إلى تكرار زيارتها أكتر من مرة بصحبة ابنه. وقال إن جزيرة ياس مقصد سياحي راق ومنظم على أعلى المستويات ومجهز تماماً للصغار والكبار لقضاء أوقات ممتعة في طقس جميل ورائع، مشيداً باستغلال المناخ الرائع في هذا الوقت من كل عام لتنظيم هذه الأنشطة المفتوحة، ما يُضفي على الفعاليات الترفيهية والسياحية التي تشهدها الجزيرة نكهةً خاصةً ويجعلها محط اهتمام للسياح العرب والأجانب، فضلاً عن أهل الإمارات، لتصبح أحد دعائم السياحة في الدولة وركائزها الراسخة.
أما الطفل أحمد حملاوي (9 سنوات)، فقد ذكر أنه جاء لحلبة مرسى ياس للمرة الثانية برفقة والدته وأخته ريماس حملاوي (7 سنوات)، بعد أن أعجبته زيارته لها للمرة الأولى منذ شهرين تقريباً ووجد فيها متنفساً لممارسة كافة هواياته من رسم وموسيقى، وأيضاً مشاهدة أبطال سباق السيارات العالميين.
أما والدة الطفلين، فأوضحت أن جزيرة ياس تعد مقصداً للعائلات والأسر من كافة المراحل العمرية، بما تضمه من فعاليات وألعاب مسلية للأطفال، وبسعر مشجع للغاية لا يتجاوز خمسين درهماً للفرد، فضلاً عن مجانية الدخول لأطفال ما دون سن 12 عاماً، وهو ما يشجع كثيراً من الأسر لاصطحاب أطفالهم إلى هذه المتعة الأسبوعية غير المكلفة في بيئة آمنة ومناخ صحي بعيداً عن المدينة وضجيجها.
إضاءات
? الدراج هو سباق سرعة بين شخصين يستقل كل منهما سيارةً أو دراجةً ناريةً ويكون الفائز هو أول من يتخطى خط النهاية. وتبلغ مسافة السباق 402 متر، كما تبلغ بعض فئات السباق 305 أمتار.
? سيارات التوب فيول، المخصصة لهذه السباقات، تنطلق من نقطة البداية بسرعة أكبر من سرعة الطائرة الجامبو والطائرة المقاتلة وسيارات سباق الفورمولا 1.
? سباق الدراج من أشهر أنواع الرياضة في الولايات المتحدة وأن كلمة “دراج” تعود إلى سباق يجريه الشباب بين سيارات الهوت رود بين إشارات المرور.
المصدر: أبوظبي