خلال السنوات القليلة الماضية، سيطرت السطحية، إن لم تكن التفاهة على الأعمال الفنية، فرأينا أعمالاً درامية «ركيكة» لا تحمل أي هدف أو معنى، خرجت علينا عبر شاشات الفضائيات «مهلهلة» تشكو آفة الضعف والحوار العليل، الذي يغوص في دوّامات نص خال من المنطق. وكل هذا يحدث والمشاهد «لا حول له ولا قوة»، فهو يجلس مضطراً أمام التلفزيون باحثاً عن عمل درامي يحترم فكره ويقترب من نافذة ثقافته، فلا يجد! ويلهث بالريموت كنترول خلف القنوات، دون جدوى، ليكتشف أن الدراما تعمل تحت شعار «كثير من الثرثرة.. قليل من الاحترام»، خاصة أن هناك نجوما فشلوا في السينما، فوجدوا في الدراما طوق نجاة ليحصدوا أموالاً طائلة نظير تقديم أدوار «معلبة» للمشاهد المنزلي.. وهذا كله نتيجة دخول بعض تجار الإنتاج إلى عالم الدراما، باحثين عن الأرباح من خلال الإعلانات وسوق الفضائيات الخصب، مستغلين أسماء بعض نجوم الصف الأول، كما يطلق البعض عليهم، والذين احترقوا فنياً منذ زمن، لكنهم يصرون على فرض أنفسهم على المشاهد «قليل الحيلة» بأعمال متواضعة، ليحصدوا هم الملايين، ويخسر المشاهد من وقته فيما لا يفيد. من جهة أخرى ظهرت نجمات في عالم الدراما لايمتلكن من الموهبة بقدر امتلاكهن من العري والإغراء الرخيص! أما من ناحية الأغاني، فحدث ولا حرج! خاصة أن الكليبات الفاضحة سيطرت بقوة على الفضائيات التي اتخذت من الأغاني طريقا لكسب جمهور المراهقين، وتسابقت على عرض الكليبات الأكثر جرأة وعرياً أيضاً، حتى سيطر أسلوب «الغناء بالجسد» على ساحة الطرب، وأصبح المشاهد يجلس أمام التلفاز وهو في حالة ذهول بعد أن أصبح تصوير الأغاني لفنانات العري، لا يبرح «غرف النوم». ولكن فيما يبدو أن ساحة الفن تتجه نحو التغيير حاليا، وكأنها تواكب ثورات الشباب التي اندلعت في بعض الدول العربية من تونس إلى مصر وحالياً في ليبيا واليمن، ليتفاعل الوسط الفني مع الأحداث، خاصة في مصر، والتي تشهد حالياً حركة فنية نشطة لإنتاج أعمال فنية تتناول وترصد أحداث ثورة 25 يناير، لترتقي الدراما والسينما إلى مستوى الحدث وتعود من جديد لتناقش قضايا وهموم الناس على أرض الواقع، بعد أن ظلت سنوات غارقة في عرض قضايا الجنس والمخدرات.. فأنتجت أعمالاً هشة و«فارغة» الشكل والمضمون! كما انطلقت الأغاني من حناجر المطربين وهي محملة بروح الشباب، فتسابق أهل الطرب على الغناء عن ثورة مصر، حتى أن مطربي ومطربات لبنان، أصبحوا ينافسون مطربي مصر في مضمار الغناء للثورة، لتعود الأغاني من جديد تلمس القلب وتدغدغ المشاعر وتذكرنا بزمن الفن الجميل، الذي اختفى و«راحت أيامه» واعتقدنا أنه لن يعود.. لكنه عاد في ثوب جديد، ليسير الطرب تحت حائط الثوار، ويعلو صوته فوق صوت الانكسار، ويحلق بأجنحة الحرية في سماء الأوطان، بعد أن تصالح مع صوت الشعوب وبات معبراً عن واقع يعزف لحن الأمل لغد أفضل. soltan.mohamed@admedia.ae