أمر الإسلام بالرفق بالحيوان والإحسان إليه، وجعل ذلك عبادة من العبادات التي تحقق للمسلم أعلى درجات الأجر والثواب، بل وقد تكون سببا في دخوله الجنة، كما نهى الإسلام عن تعذيب الحيوان أو الإساءة إليه، وتوعد مرتكبي هذا الفعل المحرم بالعذاب في النار. فالحيوان كائن مخلوق سخره الله عز وجل لخدمة الإنسان ومنفعته، وقد يستغرب البعض عندما يسمع أن للحيوان حقوقا أوجبتها الشريعة الإسلامية، كإطعامه وإشرابه والإحسان إليه عند ذبحه، وتحريم قتله من غير منفعة، أو إرهاقه في العمل وغيرها من الحقوق. من هنا، انطلقت مهمة الصندوق الدولي للرفق بالحيوان (آيفو) التي يخبرنا عنها مدير برامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الصندوق الدولي للرفق بالحيوان، الدكتور السيد أحمد إذ يقول «منذ ثلاثة عقود مضت بدأ «آيفو» بفريق من المؤيدين لحماية عجول البحر (الفقمة)، والآن أصبح منظمة دولية رائدة في الرفق بالحيوان، تضم أكثر من 200 خبير، والعديد من العلماء في مكاتب منتشرة حول العالم عددها 16 مكتباً، أحدثها مكتب دبي المخصص للمنطقة العربية». مكافحة الاستغلال التجاري يضيف أحمد: «تكمن مهمة «آيفو» في تحسين رعاية الحيوانات البرية والأليفة على مستوى العالم، من خلال خفض الاستغلال التجاري للحيوانات وحماية بيئاتها الطبيعية ومساعدتها عند تعرضها للمعاناة، بالإضافة إلى حث الجمهور على منع معاملة الحيوانات بقسوة، وتشجيع وتعزيز مفهوم الرفق بهذه المخلوقات االضعيفة». ومن أجل نشر الوعي بحقوق الحيوان، وكيفية التعامل معه، باشر «آيفو»، بالتعاون مع جمعية الإمارات لمربي الكلاب، ومجلس أبوظبي للتعليم والقيادة العامة لشرطة أبوظبي، في تنفيذ برنامج توعوي تثقيفي لطلبة المدارس في العين، يتعرفون من خلاله على أساسيات الرفق بالحيوان، وما هي الحيوانات المهددة بالانقراض في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكيف يساهمون في الحد من انقراضها، وغيرها من الأمور التي اشتمل عليها البرنامج، والتي ستحدثنا عنها جمالات كفافي منسقة البرامج في «آيفو». علم وترفيه تقول جمالات: «قمنا بإعداد برنامج ترفيهي تعليمي خاص بالطلبة الذين تتراوح أعمارهم بين 10و13سنة من كلا الجنسين، حيث يتم إحضار الطلبة يومي الاثنين أو الأربعاء إلى نادي شرطة العين، لتبدأ فعاليات البرنامج بلعبة خفيفة يمارسها الطلبة تنشطهم، وتكسر حاجز الكسل بينهم وبين مقدم للبرنامج». وتسترسل جمالات: «ثم يشاهد الطلبة فيلماً وثائقياً بعنوان (تحت سماء واحدة – الحيوانات تهمنا) ويفتح بعده باب الأسئلة والنقاشات حول الفيلم الذي يهدف إلى تعريف الطلاب بالحيوانات الأليفة والبرية، وما تتعرض له من انتهاكات، وبماذا تهمنا وما تضيفه على كوكبنا، ويساعد النقاش في الوقوف على مدى استيعاب الطلبة لما تم عرضه، واستعراض ما لديهم من خبرات حول الموضوع، ثم ينصرف الطلبة لتناول وجبة الإفطار التي يقدمها لهم النادي، ويعودوا بعدها لمشاهدة عرضا للحيوانات المهددة بالانقراض في دولة الإمارات العربية المتحدة، بهدف التعرف عليها والوقوف على الأسباب التي تؤدي إلى انقراضها، ولتعزيز فكرة حماية الحيوانات والحفاظ عليها ومعاملتها معاملة حسنة، يقوم الطلبة بمسابقة بعد تقسيمهم إلى فريقين يربط ممثل عن كل فريق في قدمه بالونا منفوخا، بعد يرسم عليها أحد الفريقين رسومات تعبر عن حيوانات، والآخر يرسم رسومات عدوة للحيوانات وتهدد حياتها، ثم يبدأ الفريق الثاني بملاحقة الفريق الأول للقضاء عليه، أو بالأحرى على الحيوان المرسوم على البالون، مما يدفع الفريق الأول إلى الهروب لحماية ما لديه، وفي النهاية يجري توزيع الجوائز على الفائزين، وهما آخر اثنين من المتسابقين من الفريقين». تشير جمالات إلى أن البرنامج سيساعد الطلبة كذلك على التعرف على كيفية الرفق بالحيوان، كما أوصانا بها ديننا الحنيف، عبر عرض «داتا شو»، بالإضافة إلى اصطحابهم إلى زاوية من صالة النشاطات، حيث تم عرض منتجات الحيوانات المصادرة من قبل جهات حكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة، بهدف تعريفهم على تلك المنتجات، التي بسببها تتعرض الحيوانات للانقراض مع الدعوة إلى مقاطعتها. تهديد للكائنات ينضم للحديث عن أهداف البرنامج، خالد الحسن من جمعية الإمارات لمربي الكلاب، إذ يقول: «نود عبر هذا البرنامج تعريف المجتمع بكافة شرائحه، خاصة الطلاب بالصندوق الدولي للرفق بالحيوان المعروف باسم «آيفو»، وجمعية مربي الكلاب لما لهما من دور في دعم مكافحة استغلال الحيوانات، وحمايتها بالتعاون مع المؤسسات الرسمية في الإمارات، ورفع الوعي بقضايا البيئة والسلبيات الناجمة عن استخدامها بطرق غير صحيحة، وما ينتج عن ذلك من تهديد للكائنات الحية الأخرى التي تعيش على كوكبنا. بالإضافة إلى تعريف الطلبة وتوعيتهم بضرورة الرفق بالحيوانات، وعدم تعذيبها واللعب بها، وضرورة أن تعيش الحيوانات في البيئة المناسبة بها». وقبل أن ينصرف الطلبة توزع عليهم جوائز تشجيعية رمزية تقدر مشاركتهم الفاعلة، بالإضافة إلى قصة بعنوان «أريد سنجابا». السؤال المطروح: عم تتكلم تلك القصة؟ وما الهدف من توزيعها على الطلبة؟ تخبرنا كاتبة قصص الأطفال الدكتورة صفاء عزمي عن هذه القصة التي ألفتها بطلب من «آيفو»، وجمعية الإمارات لمربي الكلاب، ووزعت على أكثر من 4 آلاف طالب وطالبة في العين. ظروف التأقلم تقول المؤلفة صفاء: «نواجه في مجتمعنا الإماراتي، وفي غيره من المجتمعات، ظاهرة جلب الحيوانات البرية وإرغامها على العيش في البيوت كحيوانات أليفة، مما يسبب لها ولمربيها مشاكل شتى، فبعض الحيوانات أليفة وبعضها غير أليف، وهذا يعني أنه ليس كل حيوان مستأنساً، ولمكافحة هذه الظاهرة وتعليم الأطفال الابتعاد عن تربية الحيوانات البرية في البيوت، قمت بتأليف هذه القصة واخترت السنجاب تحديدا، لأن الأطفال عادة يميلون إلى الحيوانات الصغيرة التي يستطيعون حملها واللعب معها، كما أن السنجاب من الحيوانات البرية المنتشرة في الإمارات بعد هروبها من أصحابها الذين أحضروها من خارج البلاد، وحاولوا تربيتها في بيوتهم، لكنها هربت منهم بعد رفضها للبيئة الجديدة التي لا يمكنها التأقلم معها». مشاكل التدجين تشرح صفاء أحداث قصتها التعليمية الممتعة «هي تدور حول طفل اسمه عمر لم يتجاوز الثامنة من عمره، ذهب لزيارة جدته في المزرعة، وبينما كان يلعب في البيت الخشبي الصغير الموجود فوق الشجرة، زاره السنجاب فأخذه معه إلى بيته وصار عمر يطعم السنجاب الكعك، فمرض السنجاب لأنه غير معتاد على هذا الطعام فاصطحبه عمر إلى الطبيب، ثم أصيب السنجاب بصعقة كهربائية، إذ بينما كان عمر يرقص معه أراد أن يضع السماعة على أذنيه، فالتف السلك حول قدم السنجاب وتكهرب، لكنه لم يمت، ثم وقعت مشكلة ثالثة وهي الرائحة الكريهة التي خرجت من السنجاب، والتي يعتاد السنجاب على إخراجها وهي تسبب الانزعاج لعمر وأسرته، وخرج بعدها السنجاب إلى حديقة المنزل ليخبئ بذور الفاكهة التي تناولها في الأرض حتى وقت الشتاء، فاقتلع زرع أخت عمر من الحديقة، وزرع بذوره مكانه، مما أحزن أخت عمر وأغضبها، وفي النهاية، وبعد مشاكل كثيره سببها السنجاب لعمر جعلته غير سعيد، هرب السنجاب، فبينما كان في السيارة مع عمر رأى أصدقاءه السناجب، فهرب معهم، مما أحزن عمر كثيرا، فسأله والده ألا تشتاق لأصدقائك؟ هو كذلك يشتاق لأصدقائه!! فتذكر عمر أصدقاءه، وتقبل الأمر وصار السنجاب يأتي لزيارته مع أصدقائه، كلما ذهب لزيارة جدته في المزرعة». تنصح صفاء من خلال القصة الأطفال بضرورة التفكير جيدا بالحيوان الذي يريدون تربيته في المنزل، وأن يقرأوا عنه جيداً، ليعرفوا ماذا يأكل وكيف يعيش وكيف يجب التعامل معه، وهل يمكن تربيته في البيت أم لا؟